يوم دامٍ في الضفة الغربية: 12 شهيداً وتدمير يستهدف البنية التحتية

06 اغسطس 2024
الدمار الذي خلفه الاحتلال في مدينة جنين 6 أغسطس 2024 (جعفر أشتية/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **يوم دامٍ في الضفة الغربية**: استشهد 12 فلسطينياً خلال أقل من 15 ساعة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بما في ذلك عقابا، جنين، وبيت لحم.

- **تفاصيل الاقتحامات والمواجهات**: اقتحمت قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين، مما أدى إلى مواجهات مسلحة وتدمير البنية التحتية. استهدفت طائرات الاحتلال مركبتين في جنين، وحاصرت منزلاً في كفر قود، مما أدى إلى استشهاد سبعة فلسطينيين.

- **ردود الفعل والمقاومة**: شهدت بلدة عقابا اشتباكات عنيفة بين المقاومين وقوات الاحتلال، وأعلنت فصائل المقاومة تصديها للاقتحامات. عمّ الإضراب الشامل في طوباس حداداً على أرواح الشهداء.

قوات الاحتلال اقتحمت طوباس وبدأت بإطلاق الرصاص عشوائيًا

ما يجري يؤكد نيات الاحتلال بإشعال الضفة الغربية

الاحتلال بات يقتحم ويقتل لأجل القتل فقط ولا يوجد أي قانون يردعه

عاشت الضفة الغربية يوماً دامياً حيث استشهد 12 فلسطينياً على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أقل من 15 ساعة، اليوم الثلاثاء. ففي الساعات الأولى من فجر اليوم أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد ثلاثة شبان وطفل خلال اقتحام بلدة عقابا شمال طوباس، ثم استشهد خمسة شبان بقصف استهدف مركبتين في الحي الشرقي من مدينة جنين، كذلك استشهد شاب قرب بيت لحم برصاص الاحتلال بزعم تنفيذه عملية طعن، واستشهد شابان آخران ظهر اليوم برصاص قوات الاحتلال في بلدة كفر قود غرب جنين.

والشهداء الأربعة في بلدة عقابا هم: أيسر أبو عرة، نور الياسين، عميد غنام والطفل بلال عز الدين صوافطة (14 عاماً). وودعت مدينة جنين الشهداء: الشقيقان سيف الزعيم وعمر الزعيم، أحمد السعدي، أيهم الجبر وخطاب البدوية، وفي كفر قود غرب جنين استشهد المقاوم وليد حسين والشاب خضر أبو قطنة، واحتجزت قوات الاحتلال جثمانيهما واعتقلت ثلاثة مصابين آخرين، بالإضافة إلى الشاب محمد هماش الذي استشهد بعد إصابته بجروح خطيرة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز النفق قرب بيت لحم جنوبيّ الضفة الغربية بزعم تنفيذه عملية طعن واحتُجز جثمانه.

وبحسب ما يوضحه الكاتب والمحلل السياسي، سري سمور، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن قوات الاحتلال اقتحمت برفقة جرافاتها مدينة ومخيم جنين في الضفة الغربية، وداهمت شركة صرافة، وسط اندلاع مواجهات واشتباكات مسلحة بين مقاومين وتلك القوات، ما أوقع عدداً من الإصابات، ثم دمرت قوات الاحتلال البنية التحتية والشوارع وهدمت ثلاثة منازل على أطراف مخيم جنين من أجل توسعة طريق تلك القوات، ثم استهدفت طائراتها المسيّرة مركبتين في الحي الشرقي من مدينة جنين، ما أدى إلى استشهاد خمسة وإصابة آخرين. ووفق سمور، فإن أشلاء الشهداء تناثرت في الشوارع، بينما منعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين، وتخلل الاقتحام سماع أصوات اشتباكات وتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع بآليات الاحتلال. ورغم انسحابها من مدينة ومخيم جنين، إلا أن قوات خاصة إسرائيلية حاصرت منزلاً فيه شبان بقرية كفر قود غرب جنين واغتالت شابين وأصابت ثلاثة آخرين، واحتجزت جثماني الشهيدين واعتقلت المصابين ونقلتهم بواسطة طائرة مروحية قبل أن تنسحب من المكان.

وعاشت بلدة عقابا شمال طوباس في الضفة الغربية ذات المشهد الدموي، وإن اختلفت أدواته، حيث تحول يوم البلدة إلى جحيم، بعدما فقدت البلدة ثلاثة من أبنائها وطفلاً رابعاً من مدينة طوباس المجاورة، فيما يرقد نحو 15 مصاباً بعضهم بجراح خطيرة في المستشفيات لتلقي العلاج. وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت قرب منتصف الليلة الفائتة البلدة وحاصرت أحد المنازل، وشرعت دون سابق إنذار بإطلاق الرصاص العشوائي في كل الاتجاهات، وخصوصاً صوب الشبان الذين تجمهروا على مقربة من المكان، ما أدى إلى استشهاد كل من: أيسر أبو عرة، نور الياسين وعميد غنام، إضافة إلى استشهاد الطفل بلال عز الدين صوافطة (14عاماً) بعد اقتحام قوات الاحتلال محيط المستشفى التركي في طوباس واستهداف المواطنين المتجمعين هناك.

ويؤكد شهود عيان أن مقاومين اشتبكوا مع قوات الاحتلال وأفشلوا عمليتها التي كانت تستهدفهم، مشيرين في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن عناصر كتيبة طوباس وصلوا إلى الموقع وتمكنوا من تحقيق إصابات مؤكدة في صفوف الجنود، وهو ما قد يفسر حالة الإرباك والخوف التي عاشوها، وقد سمعوا صوت صراخ الجنود جلياً، وقالت سـرايا القدس - كتيبة طوباس إن "مقاتليها فجروا عبوة معدة مسبقاً في آلية عسكرية في محاور القتال في عقابا، محققين إصابة مباشرة كما تصدوا للقوات المقتحمة وأمطروها بزخات من الرصاص". كذلك صدرت عدة بيانات من فصائل المقاومة، حيث أكدت كتائب القسام في طوباس أن "مجاهديها برفقة إخوانهم في فصائل المقاومة خاضوا اشتباكاتٍ عنيفة مع قوات الاحتلال المقتحمة لبلدة عقابا". بدورها، أعلنت كتائب شهداء الأقصى - شباب الثأر والتحرير أن مقاتليها تصدوا لاقتحام قوات الاحتلال في عقابا بعد اكتشاف تسلل قوة إسرائيلية خاصة، وخاضوا اشتباكات عنيفة معها، واستهدفوها بالرصاص. 

ويقول الناشط محمد أبو عرة، الذي كان قريباً من المكان: "إن مشهد تساقط الشبان كان مرعباً، خصوصاً أن الإصابات كانت في مناطق حساسة مثل الرأس والصدر"، لافتاً إلى أن الشهيد أيسر قاسم كان يقف متفرجاً من بعيد عندما فجرت رصاصة رأسه وتناثر دماغه على الأرض. وأضاف أبو عرة لـ"العربي الجديد" أن "الكل بدأ يتراكض في كل الاتجاهات وعمّت الفوضى، لا تسمع إلا صوت الرصاص الممزوج بصراخ المصابين وأناتهم، خصوصاً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت مركبات الإسعاف من الاقتراب، وكانت تطلق النار على كل من يتحرك ومع هذا تدخل المواطنون وبدأوا بسحب المصابين رغم المخاطرة الشديدة ونقلوهم بالسيارات الخاصة للمستشفى". ووفق أبو عرة، فإن ما جرى لم يسبق أن عاشته بلدة عقابا من قبل حيث استشهد ثلاثة وأصيب أكثر من عشرة في أقل من نصف ساعة بشكل مباغت ودون مقدمات، مشيراً إلى وجود عدد من الشبان والفتية في صالون للحلاقة قرب البيت المحاصر فأصيب اثنان منهم وهما داخله، مضيفاً أنه "لا يوجد لدى الاحتلال أي قانون يردعه عن ارتكاب جرائمه، لكنه بات يقتحم ويقتل من أجل القتل فقط".

أما يوسف غنام ابن عم الشهيد نور ياسين، فإنه يشير إلى أن الخبر وقع عليهم كالصاعقة، خصوصاً أنه كان بينهم قبل الاقتحام بدقائق، لكنه ما إن علم بما جرى حتى هبّ للدفاع عن بلدته. ووفق غنام فإن الشهيد أصيب برصاصة في صدره أدت إلى تهتك الأجزاء الداخلية بشكل كامل، ونزف كميات كبيرة من الدماء قبل إعلان استشهاده، ويلفت إلى أن الاحتلال حاصر منزلاً قريباً من منزلهم، لكن القناصة التي كانت تعتلي الأسطح العالية كانت تطلق النار على كل من يتحرك في مرمى نيرانها. وعاشت البلدة، قبل نحو عشرة أيام، على وقع ارتقاء القيادي في حماس الشيخ مصطفى أبو عرة (63 عاماً) شهيداً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ويعمّ الإضراب الشامل، اليوم الثلاثاء، محافظة طوباس حداداً على أرواح الشهداء حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها، وجرى تشييع جثامين الشهداء في طوباس وعقابا ومن المفترض تشييع جثامين الشهداء في جنين في وقت لاحق اليوم. وقال قيادي في حركة حماس في طوباس، فضّل عدم ذكر اسمه، إن المجزرة في عقابا تتزامن مع ما يجري في مناطق الضفة الغربية كافة، فهناك شهداء آخرون اليوم في جنين وبيت لحم وقبل يومين تسعة شبان استشهدوا في طولكرم، وأكد لـ"العربي الجديد" أن ما يجري يؤكد تماماً نيات الاحتلال بإشعال الضفة الغربية خدمة لأهدافه الخبيثة والانتقام من الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، لكن ذلك يؤكد أن الاحتلال يعيش أزمة حقيقية في ظل فشل جيشه منذ أكثر من 300 يوم في تحقيق أي من أهدافه في قطاع غزة، والأحداث الساخنة في الضفة الغربية ويشدد على أن كل تلك الهمجية تأتي في محاولة من الاحتلال لردع المقاومين.

المساهمون