استمع إلى الملخص
- تسعى إسرائيل لصفقة جزئية تشمل تبادل محدود للأسرى ووقف إطلاق نار مؤقت، مع تأجيل القضايا المعقدة، وسط تحذيرات من خطر على حياة المحتجزين.
- ترفض حماس أي صفقة غير شاملة، بينما تسعى إسرائيل لصفقة متعددة المراحل دون مناقشة القضايا الجوهرية، مما يعقد المفاوضات.
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، اليوم الأحد، نقلاً عن مصدرين رفيعين ومطلعين على جهود فريق التفاوض بشأن غزة، ومصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قولها إنه "على الرغم من هزيمة محور المقاومة وسقوط الأسد، واقتراب موعد تنصيب (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترامب، وكل المؤشرات الدّالة على أنّ حركة حماس مستعدة لتقديم تنازلات، إلى جانب ما رشح عن مكتب نتنياهو، فإنّ الهوة بين الأطراف لا تزال واسعة وعميقة".
وأضافت: "فعلياً، بنود الفجوات ما فتئت تتسع، وخصوصاً في ما يتعلق بالمرحلة الأولى من الصفقة التي تسمى بالمرحلة الإنسانية، والتي كان يبدو أنه جرى التوصل إلى تفاهمات حول معظم تفاصيلها خلال الأشهر الماضية، ليتضح أنه لم يتم الاتفاق على أي شيء تقريباً، وأن المحادثات حولها لا تزال عالقة".
وفي السياق، نقلت الصحيفة عن "مصدر رفيع في إحدى الدول الوسيطة" (لم تكشف عن هويته، ولا عن اسم بلده) قوله إنّ "إسرائيل تحاول مجدداً إتمام صفقة جزئية تشمل عدداً محدوداً من المحتجزين مقابل عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق نار لأسابيع قليلة، وربما قليلة جداً".
وأشارت الصحيفة، على لسان محللها للشؤون الاستخبارية والأمنية، رونين بيرغمان، المقرّب جداً من الأوساط الأمنية ومجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، إلى أنّ "حكومة نتنياهو تسعى لإبرام صفقة على غرار جميع الصفقات التي أبرمتها إسرائيل لتبادل الأسرى خلال الخمسين عاماً الماضية"، أي "أسرى مقابل أسرى" في عملية "خاطفة نسبياً"، على أن تتم قبيل تنصيب ترامب، في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
أمّا بخصوص المسائل المركزية، فلفتت الصحيفة إلى أنّ "إسرائيل تسعى لتأجيلها حالياً"، وتحديداً إلى المرحلة التالية؛ إذ تبدو هذه المسائل إشكاليّة و"غير قابلة للحل"، وذلك على الرغم من التحذيرات الصادرة عن الدول الوسيطة وكبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية، ومفادها أنّ "صفقة كهذه قد تعرّض حياة سائر المحتجزين لخطر أشد".
في غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إنه "ينبغي أن يكون واضحاً أمام الجمهور وعائلات المحتجزين، أنه لدى الحديث عن صفقة، فالمقصود صفقة صغيرة جداً ومحدودة، وليس صفقة شاملة، ولا حتّى عن صفقة تشمل عدّة مراحل" كما أُشيع. ولفت المسؤول نفسه إلى أن صفقة كهذه قد تفتح الباب أمام المزيد من الصفقات المستقبلية، "لكن قد يحدث العكس، والانطباع لدينا، هو أنه يبدو أن الاحتمال الأكبر هو أن الصفقة الصغيرة، إذا جرى التوصل إليها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جداً. إذ يُستبعد أن يتبقى هناك من نحررهم"، في إشارة إلى أن إسرائيل ستستأنف الإبادة عقب التوصل إلى صفقة كهذه، وفي ظل قصفها المتواصل قد يُقتل المحتجزون.
أمّا بخصوص التصريحات التي يطلقها الطرفان، فأوضح مصدر رفيع من إحدى الدول الوسيطة (لم تكشف الصحيفة عن اسمه، وعن دولته كذلك) أنه "لدى الاستماع إلى تصريحات القادة الإسرائيليين من جهة، وقادة حماس على الجانب الآخر، يقول الأولون إنه سنستأنف القتال بالتأكيد، أمّا الأخيرون فيقولون إنهم مستعدون لإبداء مرونة في الجدول الزمني"، موضحاً أن ما تقصده حماس هو أنها "لا تهتم بعدد القوات التي ستنسحب وفي أي يوم، لكنها لن تقبل بصفقة إذا لم تكن شاملة، حتى لو كانت على مراحل، تتضمن تفاصيل واضحة تشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أو غالبيته، وإنهاء الحرب، والإفراج الشامل عن الأسرى".
وفي ظل التشدد الذي يظهره المسؤولون الإسرائيليون، لفتت الصحيفة إلى "توافق واسع" في أوساط كبار المسؤولين والمفاوضين والجهات الاستخباراتية المعنيّة بجمع معلومات عن الأسرى في غزة، على أن "من الأفضل التوصل فوراً إلى صفقة شاملة، أي الجميع مقابل الجميع، حتى لو قام ذلك على إنهاء الحرب على صعيد الإعلان".
وطبقاً للصحيفة، فإنّ المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية يعتقدون أنه "لن تكون هناك مشكلة للعودة إلى القتال في غزة في حال انتهاك حماس للاتفاق". ومع ذلك، قال مسؤول رفيع إنه "إذا جرى التوصل إلى صفقة على عدة مراحل، فلن يُنفذ منها إلا مرحلة واحدة". وطبقاً لمسؤول رفيع، فإنه "حتى في حالة التوصل إلى صفقة جزئية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ومن المحتمل أن يكون من الصعب على إسرائيل العودة إلى القتال، وعندئذ ستقلص وجودها (العسكري) في الميدان. وبالنتيجة، سيتراجع الضغط على حماس التي ستمتنع، من جانبها، عن تقديم تنازلات".
وأقرّت الصحيفة بأنّ جزءاً من الأزمة القائمة يكمن في القيود التي تفرضها القيادة السياسية في إسرائيل على فريق المفاوضات، بحيث يصرّ نتنياهو على التوصل إلى صفقة متعددة المراحل مع الامتناع عن مناقشة الجزء الحاسم الذي يتضمن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب. ولفتت إلى أن نتنياهو يصرّ على عدم مناقشة هذه الملفات الجوهرية بالنسبة إلى حركة حماس إلا في منتصف المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة، وعندئذ سيقول لشركائه في الحكومة، وخصوصاً في الجناح المتطرف، إنه "لم يكن ينوي المضي إلى ما بعد المرحلة الأولى".
إلى ذلك، أرجعت الصحيفة تعطّل المفاوضات لفترات طويلة إلى الطلب الإسرائيلي المتكرر بالحصول على قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء، رغم توضيح حماس مراراً بأن الوضع في قطاع غزة في ظل الإبادة وتواصل القصف لا يتيح ذلك، وأنها تحتاج إلى أسبوع من وقف إطلاق النار لجمع معطيات حولهم. وحالياً يعتبر كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، بحسب الصحيفة، أنّ إصرار الحكومة الإسرائيلية على ذلك هو "محاولة لعرقلة المفاوضات في النقطة التي كان فيها الطرفان أقرب من أي وقت مضى (للتوقيع على صفقة)".