قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالنيابة ستيفاني ويليامز، اليوم الخميس، إنّ "التدخل الأجنبي في ليبيا مستمر مع استمرار الدعم العسكري للأطراف الليبية"، وذلك بعد عام على "إعلان برلين" الذي لم يضع حداً ووقفاً فورياً للنزاع.
وجاءت تصريحات ويليامز ضمن إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، في إطار اجتماعه الشهري لنقاش الوضع في ليبيا عقد عن بعد بسبب إجراءات فيروس كورونا.
وأكدت ويليامز أنه "على الرغم من ذلك، فإنه تم تحقيق تقدم على عدد من الأصعدة، من بينها وقف إطلاق النار؛ وخارطة طريق تونس التي رسمت مسار استعادة الشرعية الديمقراطية من خلال تحديد موعد واضح للانتخابات الوطنية، وإنشاء سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة، كما أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي طال انتظارها جارية على قدم وساق".
وأثنت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالنيابة على "استمرار العمل باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في جنيف في الـ23 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي"، وقالت إنّ اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) ما زالت تواصل أعمالها.
وعبرت عن أسفها لعدم مغادرة المقاتلين الأجانب لليبيا خلال مدة التسعين يوماً التي تم تحديدها، وانتهت في 23 من الشهر الحالي، موضحة: "لقد أكدت اللجنة العسكرية المشتركة لمجموعة العمل الأمنية التابعة للجنة المتابعة الدولية أنها ستواصل عملها لتنفيذ جميع الإجراءات وأحكام الاتفاقية، وجددت، في بيان عام، دعوتها لضرورة مغادرة المرتزقة والمقاتلين الأجانب كافة الأراضي الليبية".
وعلى الرغم من ترحيبها بتلك التصريحات، إلا أنها عبرت عن قلقها لـ"استمرار تشييد التحصينات والمواقع الدفاعية من قبل "القوات المسلحة العربية الليبية" داخل قاعدة القرضابية الجوية في سرت، وعلى طول محور سرت-الجفرة في وسط ليبيا".
كما عبرت عن قلقها من استمرار "أنشطة الشحن الجوي مع وصول الرحلات الجوية إلى المنطقة الغربية لليبيا والقواعد العسكرية والقواعد الجوية التابعة لحكومة الوفاق الوطني. وفي المنطقة الجنوبية، كانت هناك زيادة في الأصول والأنشطة في القواعد الجوية التي تهدف على ما يبدو إلى تعزيز وجود القوات المسلحة الليبية وسيطرتها". وقالت إنّ "تلك الأنشطة تقوض عملية الـ(5+5)".
عبرت ويليامز عن أسفها لعدم مغادرة المقاتلين الأجانب لليبيا خلال مدة التسعين يوماً التي تم تحديدها، وانتهت في 23 من الشهر الحالي
وأفادت بأنها ستتوجه إلى جنيف غداً الجمعة، لعقد جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف الليبية، وأضافت: "نتوقع نتائج كبيرة ولكن المسؤولية تقع على عاتق الجميع".
وأردفت: "يتعين الآن على مجلس الأمن أن يشير بوضوح إلى دعم الحكومة الموحدة الليبية الجديدة من خلال إصدار قرار يدعو إلى حل كل المؤسسات التنفيذية الموازية".
وتحدثت ويليامز عن إحراز تقدم على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، بما فيها "إعادة تفعيل مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، وتوحيد سعر الصرف، والتقدم المحرز في المراجعة المالية لمصرف ليبيا المركزي، وإطلاق أول تدقيق شامل للمؤسسة الليبية للاستثمار".
وقالت إنه "على الرغم من تلك الإصلاحات، لا يزال هناك إجراء هام معلّق، وهو تخفيف الأزمة المصرفية من خلال إصدار قروض للبنوك التجارية، من أجل تصفية الشيكات المتراكمة الصادرة على خطوط الائتمان التي أنشأها الفرع الشرقي لمصرف ليبيا المركزي".
كما طلبت الولايات المتحدة الخميس "من تركيا وروسيا الشروع فوراً في سحب قواتهما" من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية والمرتزقة، في موقف حازم لإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن يقطع مع سياسة خلفه دونالد ترامب إزاء هذا البلد.
المندوب الأميركي يطالب روسيا وتركيا بسحب قواتهما
من جهته، قال القائم بأعمال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز في كلمته خلال الاجتماع، "تماشياً مع اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر/تشرين الأول، نطلب من تركيا وروسيا أن تباشرا فوراً سحب قواتهما من البلاد وسحب المرتزقة الأجانب والوكلاء العسكريين، الذين قامتا بتجنيدهم ونشرهم وتمويلهم في ليبيا".
وأضاف ميلز: "نطلب من الأطراف الخارجية كلّها، بما في ذلك روسيا وتركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، احترام السيادة الليبية وإنهاء جميع التدخلات العسكرية في ليبيا فوراً".
ويبدد هذا الموقف الأميركي الحازم في ظل إدارة جو بايدن الغموض الذي لفّ لسنوات السياسية الأميركية لدونالد ترامب بشأن ليبيا.
المندوب الليبي: الانتخابات وحدها لن تحل الأزمة
ومن جهته، قال ممثل ليبيا للأمم المتحدة في نيويورك، طاهر السني، إن "مطلب خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمجموعات المسلحة بكافة أنواعها والخارجين عن شرعية الدولة، هو مطلب سيادي، ويجب أن يتلازم مع نزع أسلحتهم كي لا يتحولوا إلى مصدر جديد للتهديد في أي مكان آخر، وخاصة في دول الجوار ودول الساحل الأفريقي".
وقال إنّ بلاده تقبل على مرحلة جديدة، مؤكداً على دعم ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وغيره من الحوارات، ومشدداً في الوقت ذاته على ضرورة "أن تكون متكاملة وغير تنافسية، وأن يتم تفادي الأخطاء التي ارتكبت بالماضي".
وأضاف في هذا السياق: "جميع المسارات التي نشاهدها منذ سنوات، وعلى الرغم من أهميتها، يمكن أن نعتبرها حوارات هشة، لأن ما نفتقده كان وما زال هو الأهم، أي حوار المصالحة الوطنية الذي من شأنه أن يكون الضامن الحقيقي لاستدامة أي مخرجات وإقرار دستور دائم للبلاد".
وقال إنّ "الحل يجب أن يبدأ من القاعدة بتعزيز السلم الاجتماعي. وفي هذا الصدد نكرر دعوتنا للاتحاد الأفريقي برعاية مسار المصالحة الوطنية فوراً وألا ينتظر الإذن لذلك، لأن أفريقيا هي الوحيدة التي يمكن أن تقوم بهذا الدور لما لها من تجارب سابقة، ولمعرفتها بالشأن الليبي وخصوصيته".
وأشار إلى ضرورة أن يعطي مجلس الأمن الدولي تفويضاً للأمم المتحدة بدعم كامل للعملية الانتخابية، لـ"ضمان الشفافية والنزاهة واحترام النتائج وحرية مشاركة جميع الليبيين في الداخل والخارج".
وشدد على أن "الانتخابات وحدها لن تحل الأزمة الليبية، لكنها بداية وأفضل وسيلة ترجع الشرعية للشعب لمواجهة التحديات". وأكد على ضرورة "محاسبة الذين اقترفوا جرائم الحرب في ليبيا، بما فيها المقابر الجماعية".
وفي حديثه عن الأوضاع الاقتصادية، قال السفير الليبي: "تشكل الأوضاع التي آلت إليها الأموال والأصول الليبية المجمدة بموجب قرارات مجلس الأمن منذ عشر سنوات، مصدر استياء كبير لنا بسبب الأضرار التي لحقت بثروات الليبيين".
وقال: "لقد قدمنا أدلة على الخسائر المتوالية، ومن خلال تقارير وطنية وأخرى محايدة، وفي كل مرة نسمع الحجة تلو الأخرى بمنعنا من إدارتها. ولذلك سنقدم لكم طلباً محدثاً خلال الأيام القادمة بسرعة إحداث تعديلات على نظام العقوبات تمنع استمرار تآكل هذه الأموال ومعالجة ما أصابها من ضرر، وتمكن المؤسسة الليبية للاستثمار من إدارة الأموال والأصول دون رفع التجميد عنها".
وأردف: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام محاولات بعض الدول المساس بهذه الأموال، كما حدث مؤخراً من قبل بعض مؤسسات الحكومة البلجيكية، في محاولة منها لحجز 14 مليار يورو من أموال ليبيا السيادية، ووضع اليد على قرابة خمسين مليون دولار كتعويضات لقضايا حكومية. ونحمل هذا المجلس مسؤولية الوقوف أمام هذا الانتهاك الخطير وبشكل حازم".
وأكد أنه "في حال استمرار عرقلة طلب إدارة أموال ليبيا المجمدة بصفة عامة، فستلجأ حكومة بلادي للقضاء الدولي".