يُظهر تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الفترة الأخيرة، تُظهر ميله إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا بشتى الطرق، تخوفاً من أزمة اقتصادية وسياسية تفتك بالقارة الأوروبية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، إن أوروبا بحاجة إلى القيام بدور أكثر جدية داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، وتطوير قدراتها الدفاعية الخاصة، من أجل تأمين السلام للقارة التي هزتها الحرب في أوكرانيا.
وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي من على متن الطائرة الرئاسية.
وفي حديثه إلى ثلاثة صحافيين لدى عودته إلى باريس من قمة عُقدت في الأردن، أضاف ماكرون أنه لا يرى عملية تطوير الدفاع الأوروبي بديلاً لحلف شمال الأطلسي، قائلاً إن "تطوير قوة أوروبا سيسمح للقارة بأن تصبح أكثر استقلالية داخل الحلف، لكن دون الاعتماد الكلي عليه (...) الناتو ليس شيئاً يجب أن أعتمد عليه، إنه شيء يجب أن أختاره وأن أعمل معه (...) يجب أن نعيد التفكير في استقلاليتنا الاستراتيجية".
يُذكر أن ماكرون كان قد أثار، في وقت سابق، غضب أوكرانيا وبعض حلفائها، من خلال دعوة الغرب إلى تزويد روسيا بضمانات أمنية كجزء من أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ومنع امتداد الصراع إلى جميع أنحاء أوروبا.
وترى الصحيفة الأميركية أن استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا خلق مساراً دبلوماسياً جديداً للرئيس الفرنسي، يسعى من خلاله لإنهاء الحرب بشتى الطرق الممكنة، وإعادة ترميم ما دمرته في القارة الأوروبية.
قلق ماكرون المستمر على مستقبل أوروبا
يبدو أنّ الانطباع الأول الذي تركته الحرب في أوكرانيا، توحيد الحلفاء الغربيين في معارضة روسيا، بالإضافة إلى تأكيدهم أهمية "الناتو" في حماية القارة. لكن تقريراً نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، يشير إلى أن هنالك جزءاً مخفياً من القصة، إذ إن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا تتعرض الآن لضغوط كبيرة من أجل تكثيف إنتاج الأسلحة بعد استنفاد جزء كبير من مخزوناتها.
ومن هذا المنطلق، يمكن -بحسب "وول ستريت جورنال"- فهم تصريحات ماكرون الأخيرة، إذ خلقت تكلفة الحرب بالنسبة إلى روسيا والغرب فرصة للدبلوماسية التي يحاول ماكرون فتحها. فقد سافر الرئيس الفرنسي إلى واشنطن في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي جو بايدن بشأن الحرب، وقال للتلفزيون الفرنسي بعد وقت قصير من الاجتماع، إن الزعيمين ناقشا "الهيكل الأمني الذي نريد أن نعيش فيه غداً"، في إشارة إلى مستقبل المنطقة على المستوى الأمني، وخصوصاً الحرب الروسية على أوكرانيا.
وشدد ماكرون حينها على "أهمية" حصول تنسيق وثيق لمعالجة تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا "على اقتصاداتنا وشعوبنا". وقال إن "قضايا الطاقة وتكلفة الحرب (في أوكرانيا) ليست هي نفسها في أوروبا والولايات المتّحدة"، في إشارة إلى التكلفة الكبرى التي تدفعها الدول الأوروبية للحرب في أوكرانيا.
بالإضافة إلى ما سبق، كان تواصل ماكرون مع بوتين مصدر قلقٍ لأوكرانيا وحلفائها منذ الأشهر الأولى من الصراع، خصوصاً عندما أجرى ماكرون مكالمات هاتفية مستمرة مع بوتين، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".