وقائع جديدة في محاكمة ترامب: موقف "تاريخي" بانتظار المحكمة العليا

وقائع جديدة في محاكمة ترامب: موقف "تاريخي" بانتظار المحكمة العليا اليوم

25 ابريل 2024
ترامب ومحاميه تود بلانش في نيويورك، الثلاثاء (برندان ماكدرميد/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في محاكمة مانهاتن، يركز الادعاء على منع ترامب من التأثير على الإجراءات القضائية عبر أمر بحظر النشر الجزئي، بسبب استخدامه تقنية "catch and kill" لإخفاء قصص قد تضر بحملته الانتخابية 2016.
- تتضمن التهم الموجهة لترامب تضليل الناخبين، محاولات التأثير على نتائج انتخابات 2020، وإخفاء وثائق سرية، مع طلب الادعاء تغريمه 10 آلاف دولار لانتهاك أمر حظر النشر.
- رغم التحديات القانونية، يستمر ترامب في نشاطه السياسي والعام، محافظًا على تأثيره وجدليته في السياسة الأميركية، وذلك على الرغم من خسارته في قضايا التحرش الجنسي والتشهير وتلاعب في سجلات شركاته.

محاكمة ترامب تدخل منعطفاً حاسماً.  فقد بدأت تتكشّف معطيات جديدة في محاكمة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في مانهاتن ـ نيويورك، مع تركيز الادعاء على ضرورة تطبيق الأمر بحظر النشر الجزئي، الذي يُمنع ترامب بموجبه من الإدلاء بأي موقف يؤثر على سير المحاكمات، خصوصاً تلك المتعلقة بالهياكل القانونية للمحكمة، من قضاة ومحامين ومحلّفين وغيرهم. لكن الجديد في المحاكمات التي بدأت في 15 إبريل/نيسان الحالي، هو تحول مصطلح "catch and kill" (أمسك واقتل) إلى عنوان لجلسة مساء أول من أمس الثلاثاء، مع دخول ديفيد بيكر الناشر السابق لصحيفة "ناشونال إنكوايرر" على الخط، مدلياً بشهادته في المحكمة التي يرأسها القاضي خوان ميرشان.

ويُعدّ مصطلح "catch and kill"، أسلوباً تستخدمه وسائل الإعلام لمنع أي شخص من الكشف علناً عن معلومات تضر بطرف ثالث. ويتمحور الأمر حول شراء ناشر لوسيلة إعلامية الحقوق الحصرية في قصة ما، من شخص على اطلاع عليها، وهو ما يعني مصطلح "الإمساك". أما مصطلح "القتل" فمتعلق بأحقية الناشر في منع نشر القصة لحماية "الطرف الثالث" فيها. وتقنياً، لا يُعتبر الأمر بمثابة "شراء الصمت"، كما هو الحال في القضية التي يحاكم بسببها ترامب، المتعلقة بشرائه صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز في عام 2016، كي لا تتطرق إلى علاقة جمعتهما، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.

وفي جلسة مساء الثلاثاء، تحدث الناشر السابق ديفيد بيكر الناشر السابق لصحيفة "ناشونال إنكوايرر"، عن قضية متصلة بعارضة الأزياء كارين ماكدوغال، كانت تحاول بيع قصة عن علاقتها بترامب. وكشف بيكر أنه فور علمه بذلك في يونيو/حزيران 2016، تواصل مع مايكل كوهين، محامي ترامب السابق، موضحاً أنه كان على اتصال معه "مرتين أسبوعياً" في البداية، قبل ارتفاع وتيرة الاتصالات بينهما بشأن هذه القضية. كما تطرق بيكر إلى مكالمة أجراها مع ترامب وسأله عما إذا كان بوسعه شراء قصة ماكدوغال منه، لكن ترامب رفض ذلك. لاحقاً، اشترى بيكر القصة من ماكدوغال بمبلغ 150 ألف دولار.

ناشر صحيفة يتحدث عن شرائه قصصاً لحماية ترامب

وفي قضية أخرى، أوضح بيكر أن حارس الأمن السابق في "برج ترامب" في نيويورك، دينو ساجودين، باع قصة عن إنجاب ترامب طفلاً من علاقة سرية مع مديرة منزله، وذلك في عام 2015، بقيمة 30 ألف دولار. ولم تنشر "ناشونال إنكوايرر" القصة أيضاً. ووفقاً لبيكر، فإنه قال لكوهين إن "القصة غير صحيحة"، وكشف أن محامي ترامب السابق طلب منه إضافة غرامة بقيمة مليون دولار إلى عقد ساجودين مع "ناشونال إنكوايرر" في حال خرق الاتفاق معها، وباع القصة لوسيلة إعلامية أخرى. وسأل الادعاء بيكر، أنه إذا كان يظن أن قصة ساجودين ليست صحيحة، فلماذا اشتراها بـ30 ألف دولار؟ فرد بيكر بالقول: "لأنه إذا نُشرت القصة في وسيلة إعلامية أخرى، لكان سيُشكّل ذلك حرجاً للحملة" الانتخابية لترامب.

أما في ملف حظر أمر النشر، في قضية شراء ترامب صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز، فقد هاجم ترامب القاضي، الذي أصدر هذا الأمر. وقال في تصريحات صحافية بعد الجلسة: "لدينا أمر حظر نشر، وهو بالنسبة لي غير دستوري على الإطلاق. لا يسمح لي بالتحدث ولكن يسمح للناس بالتحدث عني... لذا يمكنهم التحدث عني وقول ما يريدون ويمكنهم الكذب. لكن لا يسمح لي أن أقول ذلك، بل عليّ فقط أن أجلس وأنظر إلى السبب الذي جعل قاضيا متنازعا عليه يأمر بإصدار أمر بحظر النشر. لا أعتقد أن أحداً رأى شيئاً كهذا". وكان فريق الادعاء قد طلب من القاضي تغريم ترامب مبلغ 10 آلاف دولار، بسبب 10 انتهاكات حديثة يقولون إنه ارتكبها بالمخالفة لأمر حظر النشر الجزئي، لكن لم يصدر القاضي حكماً بذلك.

غير أن محادثات القاضي ميرشان مع تود بلانش، محامي الرئيس السابق، أظهرت نيته في احتمال معاقبة ترامب، إذ رفض ميرشان التفسيرات التي قدمها بلانش لمنشورات ترامب على وسائل الإعلام الاجتماعية المسيئة للهياكل القانونية، وذلك بعد أن حاول محامي ترامب القول إن المنشورات حول دانييلز وكوهين كانت سياسية وليست حول القضية. وقال بلانش للمحكمة: "الرئيس ترامب يعرف في الواقع ما يسمح له أمر حظر النشر بفعله وما لا يسمح له بفعله"، مصراً على أن موكله لم ينتهك أمر المحكمة لأن تعليقات ترامب تجاه الشهود، بمن فيهم دانييلز وكوهين، جاءت بعد أن تحدثا عنه أولاً".

ويتهم ألفن براغ، المدعي العام في هذه القضية، ترامب بأنه يقصد تضليل الناخبين الأميركيين بإعطائهم معلومات غير صحيحة وبإخفاء الحقائق عنهم، عندما دفع لدانييلز. وبعيداً عن نيويورك، تستمع المحكمة العليا، اليوم الخميس، إلى الحجج حول ما إذا كانت الحصانة تطاول ترامب لمنع الملاحقة القضائية عنه في قضية التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ووفقاً لوكالة أسوشييتد برس، فإن القرار المنتظر سيدخل التاريخ، على اعتبار أن المحكمة ستقرر لمرة واحدة وإلى الأبد ما إذا كان يمكن محاكمة الرؤساء السابقين على أفعال رسمية يقومون بها أثناء وجودهم في البيت الأبيض.

فريق الادعاء طلب من القاضي تغريم ترامب مبلغ 10 آلاف دولار، بسبب 10 انتهاكات حديثة يقولون إنه ارتكبها بالمخالفة لأمر حظر النشر الجزئي

لكن ترامب استمر في عقد لقاءاته السياسية، وآخرها مساء الثلاثاء، مع رئيس الوزراء الياباني السابق تارو آسو في نيويورك. ولا يزال آسو الذي كان حليفاً مقرباً من رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، يتمتع بثقل كبير في الحزب الديمقراطي الليبرالي الياباني. وبدون الإشارة بشكل مباشر إلى اجتماعه مع آسو، أعرب ترامب عن غضبه، مساء الثلاثاء، بشأن سعر الصرف بين الين والدولار، إذ وصل الدولار أخيراً إلى أعلى مستوى له منذ 34 عاماً مقابل العملة اليابانية. وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال" أن "الأمر جيد بالنسبة للأغبياء، لكنه كارثة لصناعيينا وغيرهم". وفي الأسابيع الأخيرة، التقى ترامب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس البولندي أندريه دودا ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

غير أنه قبل أقل من 6 أشهر على الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يواجه ملفات قضائية عدة، غير المحاكمة في نيويورك، مثل المحاكمة في ولاية جورجيا، التي تتركز على ما تسرب من حديث ترامب الهاتفي مع أحد مسؤولي حزبه الكبار في الولاية قبل إعلان النتائج عام 2020 والتي فاز فيها بايدن عليه بفارق صغير في جورجيا، حيث طلب ترامب من ذلك المسؤول "إيجاد" عدد محدد من الأصوات يجعله يتغلب على بايدن. كما يواجه قضية متعلقة بإخفائه وثائق سرية في منزل في منتجع مارآلاغو في فلوريدا، بعد خروجه من البيت الأبيض، إثر انتهاء ولايته الرئاسية في 20 يناير/كانون الثاني 2021. كما يحاكم في سياق محاولاته التشبث بطرق غير قانونية بالبقاء في الرئاسة بعد خسارته لانتخابات عام 2020.

وسبق لترامب أن خسر قضية اتهام بالتحرش الجنسي والتشهير رفعتها ضده كاتبة اسمها جيل كارول، اتهمته بالتحرش بها في تسعينيات القرن الماضي، تمت تلك المحاكمة في نيويورك وانتهت بتحميل ترامب المسؤولية عن الاعتداء وتغريمه مبلغ خمسة ملايين دولار، ثم تغريمه مبلغا أكبر هو 83 مليون دولار بعد أن خسر دعوى تشهير أخرى رفعتها كارول في نفس السياق. وخسر ترامب أيضا قضية رفعتها ضده المدعية العامة لولاية نيويورك، وتم تحميله المسؤولية في قضية تلاعب في سجلات شركاته الخاصة، وبلغت الغرامة هنا قرابة نصف مليار دولار، وهو مبلغ يواجه حتى ترامب صعوبة في تأمينه بسرعة، لكن القاضي خفف شيئا من شروط الغرامة عندما سمح لترامب بأن يدفع مبلغا أقل هو 175 مليون دولار.