لا تزال الحكومة المصرية تلتزم الصمت تجاه تطورات قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، التي حددت محكمة إيطالية جلسةً في 14 أكتوبر/تشرين الأول المقبل لبدء المحاكمة الغيابية للضباط المصريين الأربعة المتهمين بخطفه وتعذيبه مطلع عام 2016.
ويتوجه وفد من لجنة التحقيق البرلمانية الإيطالية في وفاة جوليو ريجيني في مهمة إلى مدينة كامبريدج الإنكليزية. وأعلنت ذلك اللجنة التي تعمل على كشف ملابسات وفاة الباحث الشاب عام 2016 في مصر.
وحسب صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية، يتوجه الوفد، الذي يضم رئيس اللجنة إيراسمو بالازوتو، إلى المدينة الإنجليزية لعقد جلسات استماع مع بعض ممثلي جامعة كامبريدج على الفور، كجزء من أنشطة التحقيق التي تقوم بها اللجنة، والتي تهدف إلى التأكد من حقيقة وفاة جوليو ريجيني. واعتبرت اللجنة أن هذه الجلسات "ذات أهمية كبيرة".
وتعقد لجنة التحقيق البرلمانية في وفاة جوليو ريجيني، الخميس المقبل، جلسة استماع لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لويجي دي مايو.
ونقلت الصحيفة الإيطالية، عن المدعي العام السابق في روما جوزيبي بيجناتوني، قوله إنه في الأيام الأخيرة من الجلسة التي عُقدت من قبل اللجنة، تيقن أن جوليو ريجيني توفي بسبب التعذيب الذي تعرض له على مدار أسبوع، مضيفًا أن "المجموعة الأولى من البيانات الموضوعية التي ساعدت، على سبيل المثال، في تفكيك وإنكار ما يسمى بفرضية (الميكروباص) حدثت مع تشريح الجثة، لأنه، كما تعلم اللجنة، تلك التي قدمتها السلطات المصرية كانت ذات استنتاجات عامة إلى حد ما".
وأضاف أن "وصف تشريح الجثة، على الرغم من إزالة بعض أجزائها، بواسطة إخصائي حقيقي عينه المدعي العام في روما بموارد التكنولوجيا، صور وفاة ريجيني نتيجة التعذيب المطول مدة أسبوع، والتي كانت غير متوافقة مع أطروحة عصابة اللصوص".
وأكد بيجناتوني أهمية "دور أسرة ريجيني والمنظمات والجمعيات التي دعمت العائلة وكانت قريبة منها، لأنه لا شك أنها مارست على الحكومة الإيطالية ضغطًا كبيرًا كان في لحظات معينة حاسماً في بعض الخطوات".
وقال إيراسمو بالازوتو، رئيس لجنة التحقيق البرلمانية، لصحيفة "الغارديان" البريطانية: "لسنا هنا للتحقيق في كامبريدج. نعلم جميعاً أن المسؤولين عن اختطاف وتعذيب وقتل جوليو موجودون في مصر". وأضاف "نحن هنا لأننا نعتقد أن مساعدتهم مطلوبة. لقد كنا على اتصال بممثلي الجامعة منذ بضعة أشهر، وقد أظهروا لنا استعدادهم للتعاون. نحتاج إليهم لمساعدتنا في العثور على إجابات لبعض الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها".
وبحسب الصحيفة البريطانية، يستمع الوفد إلى ممثلين عن الجامعة، بما في ذلك العميد، وقد حدد أيضًا اجتماعات مع أساتذة ذوي خبرة في الشرق الأوسط تعاون معهم ريجيني. كما طلب الوفد التحدث مع الدكتورة مها عبد الرحمن، المشرفة على ريجيني.
طلب الوفد التحدث مع الدكتورة مها عبد الرحمن، المشرفة على ريجيني
وفي فبراير/شباط 2020، قالت رئيسة الادعاء في روما ميشيل بريستيبينو إنه من "الغموض" أنها لم تتعاون مع التحقيق بعد أول اتصال رسمي. ويقول المقربون من عبد الرحمن، الذين أخذوا إجازة من التدريس بعد مقتل ريجيني، إنها شعرت بصدمة شديدة لوفاة الطالب. وتوحد عدد من الأكاديميين في جميع أنحاء العالم للدفاع عن عبد الرحمن، رافضين المزاعم بأنها كلفت ريجيني بالبحث في موضوع تعرف أنه خطير، وأنه كان مترددًا في متابعته.
وقال بالازوتو: "كان إحجامها عن التعاون مع المدعين الإيطاليين مشكلة في التحقيق. آمل أن توافق على التحدث معنا. آمل أن تساعدنا في فهم ما حدث، وتشرح سبب قرارها عدم التعاون مع السلطات الإيطالية".
ويضيف بالازوتو: "من المهم إشراك الحكومة البريطانية. لقد أظهرت وفاة جوليو أن النظام المصري لا يرحم الأوروبيين من العنف، ويعاملهم بالمعاملة الوحشية نفسها التي يتعرض لها مواطنوه كل يوم. لا أحد في مأمن من عنف الديكتاتورية المصرية. ولا يمكن للحكومتين الأوروبية والبريطانية الاستمرار في إقامة علاقات ودية واقتصادية مع رجل مثل الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتظاهر بعدم رؤية ما يحدث في ذلك البلد".
من هم الضباط الأربعة المتهمون بقتل ريجيني
والضباط الأربعة المتهمون بقتل ريجيني هم اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كمال، والعقيد هشام حلمي، والمقدم مجدي عبد العال شريف. ووفقاً للقانون الإيطالي، يمكنهم جميعا مخاطبة الادعاء العام لنفي الوقائع، كما يمكنهم المطالبة بالمثول أمام الادعاء للإدلاء بأقوالهم.
واللواء طارق صابر أصبح حاليا مساعد وزير الداخلية للأحوال المدنية، وكان خلال الواقعة يعمل مدير قطاع في جهاز الأمن الوطني، وهو الذي أصدر تعليماته بمتابعة ريجيني بناء على تقرير رفع إليه من أحد مساعديه عن أنشطته البحثية وتواصله مع نقيب الباعة الجائلين، بمناسبة بحثه عن النقابات المستقلة في مصر.
أمّا الضابط الثاني، وهو العقيد آسر كمال الذي كان يعمل رئيساً لمباحث المرافق بالعاصمة، وتوجد دلائل على أنه هو الذي أشرف على رسم خطة تعقّب ريجيني في إطار التنسيق بين الأمن الوطني والأمن العام، فقد تمّ نقله بعد الحادث بأشهر عدة للعمل بمحافظة أخرى.
أما المقدم مجدي شريف، فقد سبق أن نشر ادعاء روما اسما رباعيا تقريبيا له هو مجدي إبراهيم عبد العال شريف، وهو الضابط الذي أبلغ ضابط أفريقي بأنه سمع منه حديثا عفويا أثناء تدريب للضباط الأفارقة في كينيا عام 2017، اعترف فيه بتورطه في قتل ريجيني، أو "الشاب الإيطالي" كما وصفه، إلى حد القول إنه "لكمه عدة مرات" بسبب "الاشتباه في كونه جاسوسا بريطانيا".
وتتجه التحقيقات الإيطالية إلى أن الضابط مجدي شريف شارك ثلاثة ضباط آخرين غير الخمسة المشتبه فيهم، أو خلفهم في إدارة ملف ريجيني، وأنهم جميعا قاموا بتكوين شبكة من المخبرين حول ريجيني، والتي تضم - حسب السيناريو الإيطالي - كلاً من زميلة ريجيني المقربة منه الباحثة نورا وهبي، وشريكه في السكن محمد السيد الصياد، ونقيب الباعة الجائلين محمد عبد الله، الذي يظهر في الفيلم الوثائقي المعد من قبل الأجهزة المصرية.