وفاة أبو الحسن بني صدر في منفاه بباريس.. الرئيس الإيراني الأول بعد الثورة الذي تحوّل إلى معارض للنظام

09 أكتوبر 2021
ساهم بني صدر في تشكيل "المجلس الوطني للمقاومة" في فرنسا (Getty)
+ الخط -

توفي الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر، اليوم السبت، في باريس عن عمر ناهز 88 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، حسب ما أعلنت عائلته في بيان، نشره موقع "بني صدر" الإلكتروني.  

وبدأ بني صدر حياته السياسية بمعارضة النظام البهلوي السابق، وكان من قيادات الحركة الطلابية الإيرانية المعارضة لهذا النظام في جامعة طهران، وتعرض للاعتقال مرتين، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد بجامعة السوربون الفرنسية، ودرّس فيها لاحقا. 

وكان بني صدر أول رئيس في تاريخ إيران، بعد تحول النظام الملكي فيها إلى الجمهورية الإسلامية منذ عام 1979 بعد انتصار الثورة.  

وبعد استقالة الحكومة الإيرانية المؤقتة، عام 1980، تولى بشكل متزامن منصبي وزير الاقتصاد ووزير الخارجية، قبل أن يفوز بالرئاسة الإيرانية، في أول انتخابات رئاسية بعد الثورة الإسلامية، أُجريت يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 1980، بعد حصوله على 76 في المائة من أصوات المقترعين.  

والده، رجل الدين نصر الله بني صدر، كانت تربطه علاقات صداقة قوية مع مؤسس الثورة، ولذلك كان ابنه محل ثقة لدى آية الله الخميني، الذي عهد إليه، بعد توليه الرئاسة الإيرانية، رئاسة مجلس الثورة، ثم القيادة العليا للقوات المسلحة الإيرانية، قبل أن تبدأ الحرب الإيرانية العراقية في 22 سبتمبر/أيلول 1979 بعد أشهر من رئاسته. وبذلك، حصل بني صدر على صلاحيات خلال رئاسته لم يحصل عليها أي رئيس إيراني في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

 لكن سرعان ما اشتدت خلافاته مع حزب "الجمهورية الإسلامية" حول إدارة البلاد وشؤون الحرب واختيار رئيس وزراء للجمهورية الإسلامية، آنذاك. فبعد أن رفض مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، الذي كان يهيمن عليه الحزب، جميع المرشحين الذي قدمهم بني صدر، رشحت لجنة مشتركة من البرلمان والحكومة محمد علي رجائي لمنصب رئاسة الوزراء، الذي كان يعارضه بني صدر، وفاز لاحقاً بالرئاسة الإيرانية، قبل أن يغتال في تفجير برفقة رئيس وزرائه محمد رضا باهنر في 30 أغسطس/آب 1981. 

واحتدت الخلافات مع حزب "الجمهورية الإسلامية"، ورجال الثورة، ليوجه بني صدر رسالة رسمية إلى مؤسس الثورة، معترضا على تولي رجائي رئاسة الوزراء، واصفاً إياه بأنه "ليس أهلاً للمنصب". وتزامناً مع ذلك، وفي مواجهة خصومه "الثوريين"، اقترب بني صدر إلى منظمة "مجاهدي خلق" التي دخلت في صراع مع الثورة، وتحالف مع المنظمة التي كان يعتبرها الخميني أكبر تهديد للبلاد آنذاك. 

استمرت التجاذبات إلى أن ألقى بني صدر، في الخامس من مارس/ آذار1981، كلمة حادة في جامعة طهران بمناسبة ذكرى وفاة رئيس الوزراء الأسبق في العهد الملكي، محمد مصدق، الذي حصل عليه انقلاب عام 1952 الشهير.

وفي كلمته، تحدث بني صدر عن تعذيب السجناء في السجون، ما أثار غضب الثوريين، ونفوا صحة الاتهامات.

بعد ذلك، اندلعت مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة له، والمعارضون رفعوا صور آية الله الخميني الذي بدأ يسجل ملاحظات على سلوك بني صدر وسياساته وعملية اختياره الوزراء والمسؤولين. 

وفي مايو/أيار 1981، استنكر الخميني سلوكه، من دون أن يذكر اسمه، قائلاً إنه "يرى نفسه فوق القانون ويتجاهل قرارات البرلمان"، إلى أن عزله خلال يونيو/حزيران من العام نفسه من رئاسة القيادة العليا للقوات المسلحة. 

وبهذا العزل، تلقى البرلمانيون الإيرانيون ضوءاً أخضر لبدء إجراءات عزل بني صدر من رئاسة الجمهورية لـ"عدم كفاءته السياسية"، ليتم ذلك يوم 21 يونيو/حزيران 1981، ثم هرب من إيران إلى فرنسا. 

وفي فرنسا، ساهم في تشكيل "المجلس الوطني للمقاومة" المشكل من الأحزاب والمجموعات المعارضة للثورة، وتولى رئاسته، وعمل مع المعارضة الإيرانية في الخارج، ثم اختلف لاحقاً مع المجلس وانفصل عنه، لكنه ظل على معارضته نظام الحكم في إيران.

المساهمون