وساطة مصرية متعثرة: "الجهاد" ترفض رسائل التحذير الإسرائيلي

06 فبراير 2023
أنصار "الجهاد" في تظاهرة منددة بمجزرة جنين، يناير الماضي (محمود عيسى/Getty)
+ الخط -

لم يسفر الاجتماع الأول الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة بين وفد حركة الجهاد الإسلامي، ورئيس جهاز المخابرات العامة الوزير المصري عباس كامل، والذي استمر لمدة ثلاث ساعات، السبت الماضي، عن تقدّم يذكر، حتى أمس الأحد، بشأن محاولات الوساطة للحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك فيما تستمر اجتماعات وفد الحركة في القاهرة.

وبحسب مصادر فلسطينية في القاهرة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن وفد "الجهاد" تمسك بموقفه الخاص بوقف حكومة الاحتلال ممارساتها واقتحاماتها لمخيمات ومدن الضفة الغربية المحتلة. وحملت القاهرة رسالة إسرائيلية لقيادة الحركة، مرتبطة بأن سلطات الاحتلال ستواصل الضرب بقوة طالما أن نشاط الخلايا التابعة للحركة مستمر في الضفة.


القاهرة طلبت فصل ملف القضية الفلسطينية عن أي تقاطعات إقليمية

من جهتها، أكدت قيادة الحركة أن التهدئة في الضفة يجب أن تكون في إطار اتفاق واضح وليس مجرد تفاهمات أو تعليمات من جانب حكومة الاحتلال، مشددة على أن فصائل المقاومة تملك ما يجعلها نداً قوياً لإسرائيل، في الفترة الراهنة، كما هو الحال في غزة، وأن كافة المعادلات تغيّرت ويجب التعامل مع الوضع الراهن في ضوء هذه التغيرات.

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "العربي الحديد"، فإن المسؤولين المصريين أكدوا لقيادة الحركة ضرورة فصل ملف القضية الفلسطينية عن أي تقاطعات إقليمية، وعدم ربط مصير الفلسطينيين بقرارات عواصم أخرى، في إشارة إلى إيران والتنسيق مع الحركة.

كما شغل ملف استهداف أجهزة الاحتلال لقيادات الحركة و"سرايا القدس"، الجناح العسكري لـ"الجهاد"، حيزاً واسعاً من المناقشات خلال اللقاء الأول، الذي من المقرر أن يتبعه لقاء آخر بين وفد الحركة والمسؤولين عن ملف قطاع غزة في الجهاز.

رسالة تحذير من "الجهاد"

ونقلت الحركة رسالة تحذير شديدة اللهجة مفادها بأن المساس بأي قيادات سواء عسكرية أو سياسية، سيعتبر رسالة ببدء حرب واسعة جديدة، ولن تفلح وقتها أي وساطات في منعها. وأكدت قيادة الحركة أن كل من يخدم القضية الفلسطينية ويدعم المقاومة مرحب به، وهو ما يمكن قراءته بأنه رد مبطن على التحذير المصري.

وشددت على أن قيادة الحركة وفصائل المقاومة يدركون جيداً ما الذي يخدم القضية وما يضرها. وكانت "الجهاد" قد كشفت في بيان رسمي، صدر السبت، أن اللقاء مع رئيس المخابرات المصرية ناقش آخر التطورات في فلسطين المحتلة، خصوصاً الأوضاع في القدس المحتلة والضفة، لا سيما جنين، والأوضاع السياسية بشكل عام والداخلية بشكل خاص.

وأوضحت أن الجانبين تناولا العلاقة الثنائية، والجهود المصرية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وسبل استعادة وحدة الصف الفلسطيني. وقالت الحركة إن أجواءً أخوية وإيجابية سادت اللقاء، في ظل تأكيد مصر استمرار جهودها المساندة للقضية الفلسطينية على كافة المستويات.

وأضافت أن الجانبين اتفقا على استمرار الاتصالات والتشاور بشأن كافة القضايا ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، والأوضاع في الضفة والقدس بشكل خاص.


مصر بصدد توجيه الدعوة إلى باقي فصائل قطاع غزة لزيارة القاهرة

وتأتي زيارة وفد "الجهاد"، بعد اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي ما أسفر عن استشهاد 9 فلسطينيين، أعقبته عمليتا إطلاق نار في القدس قتل فيها 7 إسرائيليين، وأطلقت المقاومة الفلسطينية صاروخين من قطاع غزة، في اتجاه مدينة عسقلان المحتلة، رداً على العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين.

وتعمل مصر على أكثر من مستوى، من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار والتهدئة في قطاع غزة، وكذلك العمل على منع اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة، وسط اتصالات مع أكثر من طرف عربي، من بينها الأردن، وقطر.

مساع مستمرة للتهدئة

ووفقاً لمصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن مصر بصدد توجيه الدعوة إلى باقي فصائل قطاع غزة لزيارة القاهرة وعقد لقاءات موسعة، لبحث الأوضاع المتصاعدة في الأراضي المحتلة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن وفد حركة حماس سيكتمل وصوله إلى مصر مساء اليوم الإثنين.

ومن المقرر أن يصل الوفد الأول من قطاع غزة وسيضم روحي مشتهى عضو المكتب السياسي للحركة، على أن يصل باقي أعضاء الوفد قادمين من الدوحة وتركيا برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة لجولة مباحثات جديدة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي سيزور القاهرة بحسب مصادر فلسطينية، الأحد المقبل، للمشاركة في مؤتمر دعم القدس الذي تنظمه الجامعة العربية.

وأكدت المصادر أن عباس أبدى رفضاً لكثير من المقترحات التي طرحت عليه من وسطاء بشأن أزمة التصعيد الأخيرة، لافتة إلى أنه أبلغ وسطاء بأن السياسة التي تتبعها معه تل أبيب باتت غير مجدية، مضيفة "يريدون أن يكون عباس في وجه المدفع أمام غضب الشارع الفلسطيني والفصائل، ويريدون منه أن تكون الأجهزة الأمنية عصا لمواجهة تحركات المقاومة في المخيمات من دون أن يقدّموا أية تسهيلات في الضفة أو القدس".

ويأتي هذا في الوقت الذي قال فيه عضو اللجنة السياسية لمنظمة التحرير أسامة القواسمي، إن القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، رفضت بشكل مطلق الضغوط التي مورست عليها للتراجع عن الإجراءات التي اتخذت حول العلاقة مع إسرائيل، ومن ضمنها وقف التنسيق الأمني.

وشدد القواسمي في تصريحات إعلامية، على أهمية مواقف الدول الشقيقة المساندة لموقف القيادة في سعيها للحصول على حقوق شعبنا. وأضاف أن "القرارات التي اتُخذت لا تراجع عنها ودخلت حيز التنفيذ سواء ما يتعلق بالعلاقة مع اسرائيل أو على صعيد التوجه إلى المؤسسات الدولية في ظل عدم وجود جدوى من استمرار الوضع الراهن كما هو".