وصل وزير الخارجية والمغتربين اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، عبدالله بو حبيب، إلى دمشق، يوم الاثنين، حيث يجتمع مع نظيره في النظام السوري، فيصل المقداد، لبحث ومناقشة القضايا المشتركة بين البلدين، وعلى رأسها ملف اللاجئين السوريين في لبنان.
وكان بو حبيب قد اعتذر في يوليو/تموز الماضي عن ترؤس وفد رسمي إلى دمشق وذلك في ظل الخلافات حول كيفية إدارة ملف عودة اللاجئين السوريين، وقد قام وزير المهجرين عصام شرف الدين حينها بزيارة إلى سورية التقى خلالها مسؤولين في النظام في محاولة لتحقيق خرق جدي في الملف. مع العلم أن بو حبيب أوضح أن سبب الاعتذار يعود إلى ارتباطه باجتماعات والتزامات مسبقة.
كذلك، واجهت زيارة وفد رسمي لبناني إلى دمشق عراقيل عدة نسبة إلى سوء التنسيق بين الجهتين اللبنانية والسورية أو الخلافات الداخلية اللبنانية في إدارة الملف والتخوّف من تأثير العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري، بيد أن الحديث عن الزيارة عاد إلى الواجهة من بوابة الإجراءات الوزارية الأخيرة لبنانياً لمواجهة اللجوء السوري المستجدّ والتطورات في المنطقة ولا سيما بعلاقة الدول العربية مع نظام بشار الأسد، وعودة سورية لجامعة الدول العربية، في تطور حاول المسؤولون اللبنانيون استثماره علّ الأجواء تنعكس ايجاباً على الملف.
وتأتي زيارة بو حبيب في وقتٍ اتخذت الحكومة اللبنانية جملة مقررات وإجراءات صارمة بوجه اللاجئين لمواجهة ما تسمّيه "النزوح المستجد لمئات السوريين عبر نقاط عبور غير شرعية" ترجمت ميدانياً برفع خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين، وزيادة الإشكالات التي سجلت بين مواطنين لبنانيين وسوريين وسط دعوات لطردهم من لبنان.
وعلى الرغم من أن الأحداث الأمنية الأخيرة على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة والخشية من تطوّر رقعة الاشتباكات بين حزب الله والاحتلال الاسرائيلي أبعدت الأنظار بعض الشيء عن ملف اللاجئين السوريين من بوابة العناوين الرئيسية على الساحة المحلية كما هي حال الاستحقاق الرئاسي المُجمّد راهناً، بيد أن القضية لا تزال تثار عند التطرق إلى تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان في ظلّ وجود أكثر من مليوني سوري على الأراضي اللبنانية، وعدم قدرة الدولة على استيعاب هذا الكمّ الكبير من اللاجئين في حال الحرب.
في هذا السياق، يشير الخبير في السياسات العامة والهجرة واللجوء، زياد الصائغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن حكومة تصريف الأعمال مستقيلة من دورها وهي عملياً وزّعت الأدوار بين الوزراء عن طريق إجراءات ترقيعية لا علاقة لها بالسياسة العامة المتكامل. ويضيف أن هناك غياباً واضحاً للدبلوماسية اللبنانية الفاعلة، التي ينبغي أن تزيد من التنسيق بين الأعضاء اللبنانيين الدائمين في مجلس الأمن بشأن قضية اللاجئين السوريين. ويشدد على أهمية فتح آفاق للحوار مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، للضغط من أجل تسهيل عملية عودة اللاجئين.
ويلفت الصائغ إلى أن "التوتر والاحتقان بين اللبنانيين واللاجئين السوريين ينجمان أساساً عن غياب استراتيجية واضحة للحكومة، والتي ينبغي أن تعتمد على تحقيق الأولويات في تنفيذ مسار عودة اللاجئين. ويُظهر أن هناك قضايا داخلية لبنانية وقوى تعطل عملية العودة في سورية". كما يشير أن هناك تحديات سياسية كبيرة تواجه إرساء حل مستدام في سورية، وهذا يتطلب تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.
وأضاف أن "لبنان كان قبل الأحداث الأخيرة في الجنوب بالتزامن مع بدء عملية طوفان الأقصى دخل مرحلة شحن كبيرة حذّرنا من نقلها إلى اشتباكات دموية تنهي بالنتيجة حق اللاجئين السوريين بالعودة وتورّطهم في الداخل اللبناني بمواجهة مع اللبنانيين الذين بدورهم سيتورّطون في انهاء هويتهم، وهذه مسألة شديدة الخطورة".