وصف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الثلاثاء، قرار السلطات الفرنسية خفض عدد التأشيرات التي تمنحها للمغاربة إلى النصف، جراء رفض الرباط استعادة المهاجرين الذين صدرت في حقهم قرارات الترحيل، بأنه "غير مبرر" و"يعكس مشكلا فرنسيا فرنسيا"، وذلك في أول تعليق رسمي مغربي على القرار الذي سيتضرر منه نحو 150 ألف مواطن مغربي.
وقال وزير الخارجية المغربي، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن قرار فرنسا تجاه المغرب "غير مبرر لمجموعة من الأسباب، أولها أن المغرب كان دائما يتعامل مع مسألة الهجرة وتنقل الأشخاص بمنطق المسؤولية والتوازن اللازم، بين تسهيل تنقل الأشخاص، سواء طلبة أو رجال أعمال أو تطبيب، وبين محاربة الهجرة السرية والتعامل الصارم مع من يوجدون في وضعية غير قانونية من منطلق المسؤولية".
وكشف بوريطة عن أن "المغرب، من منطلق مسؤوليته، كانت له تعاملات واضحة، وقنصلياته في فرنسا، وخلال أشهر فقط، أعطت 400 وثيقة للسماح بعودة أشخاص في وضعية غير قانونية"، معتبرا أن بلاده "تتعامل بشكل عملي وصارم مع من يوجدون في وضعية غير قانونية".
واعتبر المسؤول المغربي أن القرار الأخير "يعكس مشكلا فرنسيا فرنسيا"، مشيرا الى أن ترحيل المهاجرين إلى المغرب يلزمه شرطان، أولهما التوفر على وثيقة تثبت أن المعني مغربي، وثانيها الخضوع لاختبار ضد كورونا PCR. وذكر أن "ما لم تقله فرنسا هو أن المرحلين يرفضون إجراء اختبار PCR، لأن فرنسا لا تلزم المتواجدين فوق أراضيها بإجرائه، عكس ما هو معمول به في المغرب".
إلى ذلك، كان لافتا، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في ختام المباحثات التي جمعت بوريطة بنظيره الموريتاني، تأكيد الجانبين "متانة العلاقات وقوتها"، في رد على التقارير التي تحدثت، خلال الأشهر الماضية، عن وجود أزمة صامتة بين الرباط ونواكشوط.
ووصف بوريطة العلاقات الثنائية بـ"الوطيدة جدا، التي تحكمها توجيهات قائدي البلدين في ما يخص خصوصيتها وضرورة الحفاظ على قوتها ومتانتها بين بلدين جارين تجمعهما علاقات تاريخية وإنسانية مهمة"، كاشفا عن أن المباحثات التي جمعته بولد الشيخ أحمد "انصبت بشكل كبير على العلاقات الثنائية والاستحقاقات المقبلة، ومن أهمها اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي لم تعقد منذ مدة، وكذا منتدى رجال الأعمال الذي كان مقررا عقده بالموازاة مع انعقاد اللجنة العليا".
وكشف أيضا عن اتفاق الطرفين على "تعبئة كل آليات التعاون خلال الأيام والأسابيع القادمة، لكي تشتغل بشكل قوي"، مبديا آسفه لعدم استغلال الإمكانيات في المجال الاقتصادي رغم التقدم المحقق.
وفي حين لفت بوريطة إلى وجود تقارب كبير في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وتنسيق مستمر حولها، اعتبر المسؤول المغربي أن وضع حجر الأساس لتشييد المقر الجديد للسفارة الموريتانية في المغرب "أمر مهم، لأنه يدل على طبيعة العلاقة بين البلدين، وعلى الرغبة في أن يكون هناك حضور دبلوماسي موريتاني قوي في المغرب".
من جهته، قال وزير خارجية موريتانيا إن "العلاقات الثنائية متميزة وتتطور باستمرار، ولدينا تعاون نوعي في مختلف المجالات، وقطاعاتنا الحكومية المختلفة تتبادل الزيارات والتنسيق فيما بينها بشكل دائم".
وتابع: "نعمل الآن على ترتيبات انعقاد لجنة المتابعة التي تم رفع مستواها، حيث باتت تجتمع على مستوى وزراء الخارجية بدل الوزراء المندوبين. كما أن العمل جار لانعقاد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة، وهي مؤشرات تظهر حجم ومستوى العلاقات بين البلدين".
وشهدت العلاقات بين الجارين طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة، حالة من الفتور والتوتر جراء ارتباطات "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.
غير أن إعلان الملك محمد السادس في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الموريتاني، عن استعداده لزيارة نواكشوط، رأى فيه مراقبون انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة أنه يجب "ألا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافي".