وزير الخارجية الإيراني في مصر.. العلاقات بين البلدين وحربا غزة ولبنان

16 أكتوبر 2024
عراقجي خلال مؤتمر صحافي في دمشق، 5 أكتوبر 2024 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وصل عباس عراقجي إلى القاهرة في زيارة تاريخية لتعزيز العلاقات الثنائية وسط توترات إقليمية، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
- تسعى إيران ومصر لتعزيز التعاون في القضايا الإقليمية، حيث تلعب القاهرة دور الوساطة، خاصة مع تأثر مصالحها بهجمات أنصار الله في البحر الأحمر.
- تهدف الزيارة إلى حث الدول العربية والإسلامية على الوقوف ضد الاحتلال الإسرائيلي وتجنب حرب إقليمية، مع التركيز على تهدئة الأوضاع وتجنب المخاطر الإنسانية.

في أول زيارة لوزير خارجية إيراني إلى القاهرة منذ أكثر من عقد وصل عباس عراقجي، مساء اليوم الأربعاء، إلى مصر، لإجراء مباحثات مع نظيره بدر عبد العاطي وكبار المسؤولين في ظروف حساسة تمرّ بها المنطقة، على وقع الحربين الإسرائيليتين على غزة ولبنان والتصعيد في المنطقة، إثر استعدادات إسرائيلية لضرب أهداف داخل إيران، رداً على هجماتها الصاروخية الأخيرة على أهداف عسكرية وأمنية إسرائيلية.

وبعيد وصول عراقجي إلى القاهرة، غرد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقايي، على "إكس" قائلاً: "وصلنا للتو إلى القاهرة. إيران ومصر دولتان مهمتان ذواتا تاريخ وحضارة، ولاعبان مؤثران في المنطقة. غداً سنعقد مباحثات مهمة مع المسؤولين رفيعي المستوى في مصر".

وتمثل القاهرة أهم محطة في زيارة عراقجي في جولته الدبلوماسية المكثفة هذه الأيام التي شملت معظم الدول العربية في المنطقة، بدءاً من لبنان وسورية، ومروراً بالسعودية وقطر، والعراق وسلطنة عُمان ووصولاً إلى الأردن ومصر ثم تركيا.

وما يميز زيارة عراقجي إلى القاهرة أن لها سياقات مختلفة أيضاً فيما يتعلّق بالعلاقات بين البلدين والجهود التي تبذل منذ أكثر من عام لإحياء العلاقات الدبلوماسية، وذلك غيّر سياق التطورات الإقليمية الساخنة التي شكلت العنوان الأبرز في الحراك الدبلوماسي الإيراني الذي يقوده عراقجي منذ نحو أسبوعين تقريباً.

ويقول الخبير الإيراني في العلاقات الإيرانية المصرية، محمد سلطاني نجاد، لـ"العربي الجديد"، إن الاتصالات والمشاورات السياسية بين إيران ومصر قد شهدت نشاطاً خلال الأشهر الأخيرة، "ما شكّل انطباعاً بأن البلدين يمكنهما التعاون المشترك في القضايا الإقليمية، وخاصة بشأن الحرب في غزة ولبنان"، مضيفاً أن الحرب الإسرائيلية على غزة شكّلت "فرصة للطرفين للبحث عن مصالح مشتركة في خضم التهديدات المشتركة، وتحويلها إلى فرص، وفتح آفاق للتعاون بينهما في المستقبل".

ويوضح أن القاهرة، إلى جانب الدوحة، كان لها دور بارز في الوساطة في الحرب الجارية في غزة، وتحوّلت إلى مكان لنقل الرسائل الأميركية وتبادلها، إذ كان يزورها الأميركيون باستمرار لإرسال رسائل معينة، لافتاً إلى أن المصالح المصرية تأثرت في هذه الحرب، وخاصة في ما يتعلق بهجمات جماعة أنصار الله اليمنية الحليفة لإيران في البحر الأحمر، ما تسبب في تراجع الإيرادات المصرية من قناة السويس.

ويؤكد سلطاني نجاد أن الحكومة المصرية تسعى من خلال التقارب مع طهران إلى إيجاد حلول للهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنه "منذ عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر 2023 أصبح أيضاً أمن إيران القومي ومصالحها في احتكاك مع التطورات الإقليمية، وخاصة بعد تنفيذ عملية الوعد الصادق مطلع الشهر الجاري ضد إسرائيل، مع وجود تهديدات متزايدة باستهداف الأراضي الإيرانية"، موضحاً أن إيران تأمل أن توظف مصر طاقاتها للتهدئة في المنطقة والتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

ويلفت أستاذ الدراسات المصرية في جامعة طهران إلى أن مصالح إيران ومصر أصبحت على ارتباط وثيق مع التطورات الإقليمية، ما يخلق أرضية لتعاون بينهما كان غائباً في العقود الماضية، متوقعاً أن تشهد المنطقة خلال الفترة المقبلة مبادرات إيرانية مصرية لخفض التوترات وتجاوز هذه المرحلة الخطيرة.

كذلك يقول مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان لـ"العربي الجديد" إن "زيارة عراقجي إلى القاهرة لها طابع إقليمي بامتياز لأجل حث الدول في المنطقة، سواء العربية أو الإسلامية، وتحشيد طاقاتها للوقوف أمام الاحتلال الإسرائيلي معاً وآلته الحربية، وخاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد جعل لبنان غزة ثانية، ما تترتب عليه مخاطر إنسانية وأمنية إقليمية".

ويضيف صدقيان أن الهدف الآخر لزيارة عراقجي هو "منع اتساع الحرب في المنطقة والحؤول دون اندلاع حرب إقليمية، كما يشتهيها نتنياهو منذ فترة"، موضحاً أن الإيرانيين يبلغون دول المنطقة بأن هذه الحرب إن حدثت لن تتوقف عند حدود دولة معينة، بل إنها ستطاول جميع دول المنطقة، "لذلك تريد طهران التنسيق مع هذه الدول لتوظيف كل الطاقات للوقوف أمام أي خطوة يمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية".

وحول ما إذا كان هذا الحراك الدبلوماسي الإيراني مرده خشية إيرانية من حرب يشعلها الاحتلال الإسرائيلي، يقول صدقيان إن "إيران أكدت مراراً أنها لا تخشى هذه الحرب وأنها استعدت لها، لكن ذلك لا يمنعها من أن تسعى إلى عدم اتساع الحرب، خاصة أن نتنياهو يريد استغلال الأجواء الانتخابية الأميركية لجعل الإدارة الأميركية أمام واقع يجعل المنطقة أمام فوهة البركان". ويؤكد صدقيان أن عباس عراقجي خلال زيارته إلى مصر وبقية المحطات يشرح هذا الموقف الإيراني، وكذلك يوجه تحذيرات من خطورة الوضع الإقليمي.

المساهمون