اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن عودة سورية إلى الحاضنة العربية "أمر حيوي" من أجل صيانة الأمن القومي العربي، فيما ردت المعارضة السورية، بأن الدعوة المصرية إن كانت موجهة للسوريين الذين عانوا من الإجرام فهي "مرحب بها"، أما إن كانت الدعوة لنظام الأسد ليمثل السوريين في الجامعة العربية فهي "مستنكرة" و"مرفوضة" و"مبتذلة" كما أنها "مهينة" للشعب السوري.
وقال شكري في كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدورة الـ 155 لمجلس الجامعة العربية حسب ما نقل موقع "اليوم السابع" المصري إن "الأزمة السورية منذ 10 سنوات تدور في حلقة مفرغة، والشعب السوري وحده هو من يدفع هذا الثمن، دون تفاؤل لمستقبل قريب أو انفراجه للأزمة"، مضيفاً أن على النظام السوري أن يظهر بشكل عملي إرادة نحو الحل السياسي، كما ينبغي عليه استيعاب المعارضة الوطنية السياسية، وتخفيف حدة النزاع للخروج من أتون الحرب المستمرة إلى بر الأمان.
وهاجم شكري الوجود العسكري التركي في سورية، وأكد رفض مصر استمرار التدخلات التركية في شؤونها، ورأى أن السياسات التركية لم ينتج عنها سوى "تعميق حدة الاستقطاب واستمرار الخلافات".
من جانبه، قال أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية إن سورية تمثل "جرحا نازفا مفتوحا منذ عشر سنوات من الصراع"، مضيفا أن "أبناء الشعب السوري لا يزالون في الداخل والخارج يدفعون الثمن من أمنهم ومعاشهم ومستقبل أبنائهم".
وأشار أبو الغيط إلى أن "مأساة سورية تتحمل نصيبا من تبعاتها الخطيرة دول عربية تستضيف ملايين اللاجئين وفي مقدمتها لبنان والأردن"، ولفت إلى أن "خفض التصعيد العسكري في بعض مناطق سورية لا يعني سوى استقرار هش، تسنده توافقات مرحلية، وما زال الوضع قابلاً للانفجار في شمال غرب، وشمال شرق سورية، كما لا تزال التدخلات الخارجية تُمثل تهديدا خطيرا لتكامل الإقليم السوري".
وتابع أن هناك "حاجة ماسة لخلق مسار فعّال، وذي مصداقية للحل السياسي"، مردفا: "لا ينبغي أبداً أن يكون العرب بعيدين عن الحل، لأن سورية دولة عربية، وليس في مقدورِ أي طرفٍ كان أن ينزع عنها عروبتها أو هويتها الأصيلة".
وأكد أمين جامعة الدول العربية في ختام حديثه أن بقاء الأزمة في سورية بوضع التجميد "ليس خيارا"، داعيا إلى التفاهم للوصول إلى حل سياسي ذي مصداقية يلبي تطلعات الشعب السوري، ويحفظ للبلد وحدته واستقراره وسيادته وعروبته.
توقيت مهم
وفي السياق، قال عضو اللجنة الدستورية عن المعارضة السورية، والمتحدث باسم هيئة التفاوض، الدكتور يحيى العريضي تعليقا على تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري بشأن عودة سورية للجامعة العربية، إن "هناك فرقا بين سورية الشعب والوطن، وبين النظام السوري الذي دمر البلاد وهجّر آلاف النازحين وجلب المأساة إلى البلاد".
وأوضح العريضي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الدعوة المصرية إن كانت موجهة للسوريين الذين عانوا من الإجرام فهي "مرحب بها"، أما إن كانت الدعوة لنظام الأسد ليمثل السوريين في الجامعة العربية فهي "مستنكرة" و"مرفوضة" و"مبتذلة" كما أنها "مهينة" للشعب السوري، وفق قوله.
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي السوري درويش خليفة في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "التوقيت مهم في قراءة تصريح وزير الخارجية المصري. كون مصر في حالة تأهب قد تؤدي لنزاع مسلح مع إثيوبيا، مصر بحاجة لوقوف الدول الكبرى إلى جانبها ومساندتها في مجلس الأمن". موضحاً أنه "في هذا السياق يأتي تصريح وزير خارجية مصر كرسالة للقيادة الروسية التي طالما طالبت الدول المحورية العربية بعودة نظام الأسد إلى مقعد سورية في الجامعة العربية".
التوقيت مهم في قراءة تصريح وزير الخارجية المصري. كون مصر في حالة تأهب قد تؤدي لنزاع مسلح مع إثيوبيا
ويعتقد خليفة، أن هذا التطور يعتبر "رسالة أيضًا للأميركيين الذين يفرضون عقوبات على نظام الأسد بعد إثارة إدارة بايدن ملف حقوق الإنسان في مصر، حيث بدأت دول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتفكير جديًا في مواجهة التحديات والتصريحات التي أطلقتها إدارة بايدن تجاه مصر والسعودية وتركيا. وخصوصا في ملفات حقوق الإنسان والتي دائما تشكل نقطة خلاف بين ديمقراطيي البيت الأبيض ودول الجنوب".
كما أشار إلى أن "الخارجية المصرية لمّحت اليوم لإمكانية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، وتتسم علاقة البلدين بالفتور والقطيعة بعد انقلاب السيسي على حكم الرئيس الراحل محمد مرسي"، وبحسب الكاتب خليفة فإن اجتماع المواقف هذا "يصب في سبيل تشكيل حلف تحركه المصالح المشتركة لوقف وعرقلة زحف إيران وتمددها، ظنًا من الدول العربية بأن إبعاد نظام بشار الأسد عن إيران سيحد من قوتها في المنطقة، متجاهلين الترابط العضوي بين الأسد وحلفائه في طهران". وشدد خليفة في قراءته لهذه التطورات على أن "ملفات المنطقة آخذة باستمرار التعقيد السياسي والأمني ولكن الغلبة في النهاية ستكون لمن يمتلك مقومات الصمود الاقتصادي بعد ضرب جائحة كورونا اقتصادات العالم أجمع".
وتشهد الجامعة العربية اجتماعا لوزراء الخارجية العرب أدرج على جدول الأعمال من قبل اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين الذي عقد بتاريخ 1 مارس/ آذار الجاري، حيث يترأس هذا الاجتماع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يتولى الرئاسة ويتسلمها من سامح شكري وزير الخارجية بجمهورية مصر العربية رئيس الدورة السابقة.