وزير الخارجية اللبناني: الخلافات تضعف موقفنا بمفاوضات ترسيم الحدود

16 أكتوبر 2020
+ الخط -

أكد وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، في حديث خاص لـ"التلفزيون العربي"، أن الخلافات الداخلية على شكل وفد مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل من شأنها أن تضعف الموقف اللبناني، متمنيا لو تمّت معالجتها من خلال التواصل.

وانتهت الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، التي انعقدت في مقرّ "يونيفيل" في الناقورة وبرعايتها، يوم الأربعاء الماضي، وتمّ الاتفاق في نهايتها على عقد جولة ثانية في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وسط تخبّط الجانب اللبناني بالأزمات الداخلية في الملف، بعد اعتراضين سجّلا بوجه الفريق التفاوضي الذي اختاره عون، الأول دستوري من جانب رئاسة الحكومة، والثاني اعتراض شديد اللهجة من "حزب الله" و"حركة أمل" اللذين وقفا بوجه خطوة عون في بيان أصدره الطرفان وفجر المفاوضات، طلبا فيه إعادة النظر بتشكيلة الوفد اللبناني المفاوض، الأمر الذي انسحب سلباً على مناصري "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحر" الذين تبادلوا رسائل التخوين.

وأشار وهبة إلى أن العدو الإسرائيلي أراد خلال التفاوض على الإطار أن يضع سقفا زمنيا للمفاوضات غير المباشرة، إلا أن لبنان رفض. واعتبر وزير الخارجية أن "المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بشأن الحدود البحرية ستنطلق من النقطة B1، وهي الحدود التي رسّمها الانتداب الفرنسي والبريطاني بين لبنان وفلسطين عام 1920، ووُثّقت بين سلطتي الانتداب وأودعت باتفاقية لدى عصبة الأمم المتحدة، وأصبحت اتفاقية دولية معترفا بها".

وهبة: العدو الإسرائيلي أراد خلال التفاوض على الإطار أن يضع سقفا زمنيا للمفاوضات غير المباشرة، إلا أن لبنان رفض

وحول ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، قال وزير الخارجية إن القاضي فادي صوان، المكلف بالتحقيق، استلم من "إف بي آي" التحقيقات الفنية والتقنية في الانفجار، وهو ينتظر التحقيقات البريطانية والفرنسية والألمانية للإضاءة على كامل معطيات الملف.

وأكد وهبة أن المبادرة الفرنسية لتشكيل الحكومة متواصلة، معتبرا أنها "ليست كارثة إذا أجل رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية"، ومشيرا إلى أن "الغاية تأليف حكومة وليست تكليف شخص ليطول التأليف".

على صعيد التحركات السياسية، أبلغ الرئيس ميشال عون خلال استقباله مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر في قصر بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية، أنّ لبنان يعوّل كثيراً على الدور الأميركي الوسيط للوصول إلى حلول عادلة خلال المفاوضات، مشدداً على أنّ هذا الدور يمكن أن يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض. 

حكومياً، أكد الرئيس اللبناني للموفد الأميركي أن العمل يجري حالياً من أجل قيام "حكومة نظيفة تركز على تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها"، مركزاً على "أهمية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والذي يعتبر خطوة أساسية في الإطار الإصلاحي واستعادة حقوق الدولة وإنهاض الاقتصاد اللبناني".

وأثار الرئيس عون مع الموفد الأميركي موضوع اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين)، وانعكاساته السلبية على القطاعات العامة كافة، متمنيا على الولايات المتحدة "تسهيل عودة هؤلاء النازحين إلى بلادهم التي أصبحت في معظم مناطقها آمنة ومستقرة".

بدوره، أكد شينكر استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تلعبه بلاده في المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، متمنياً العمل على إنجاز هذه المفاوضات في أسرع وقت ممكن والوصول إلى نتائج إيجابية. ورأى الموفد الأميركي أنّ "الإصلاحات في لبنان أساسية ولا سيما أن لا فرق بين السياسة والاقتصاد"، معرباً عن أمله في أن يتم "تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية".

الذكرى الأولى لانتفاضة 17 أكتوبر

وضمن هذه الظروف، ستعدّ الساحات اللبنانية لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، التي خرج فيها اللبنانيون بوجه الطبقة الحاكمة وسياساتها النقدية والمالية التي دمّرت لبنان اقتصادياً واجتماعياً ومالياً، وجعلته رهينة دول الخارج، التي باتت بمثابة "المخلّص" لوطن باتت سيادته مهدّدة من كلّ الجبهات.

وبدأت المجموعات المدنية، مطلع الأسبوع، نشاطات رمزية، تحضيراً لتحرّك السبت الشامل لمختلف المناطق اللبنانية، ومن ضمنها تجمّعات ومسيرات انطلقت اليوم الجمعة، رافقها قطع لبعض الطرقات، تأكيداً منها على أنّ المواجهة مع الطبقة الحاكمة مستمرّة على الرغم من كلّ الظروف الاقتصادية والمعيشية والصحية الصعبة التي قد تؤثر على نسبة المشاركة.

ومن نقاط التجمع التي حددها المنتفضون اليوم: طرابلس، حلبا، وزغرتا شمالاً، صيدا وصور والنبطية جنوباً، زحلة وبعلبك بقاعاً، إضافة إلى عددٍ من المناطق في العاصمة بيروت وجبل لبنان.

في المقابل، لا تزال الطبقة السياسية تعيش دوّامة الصراع والخلافات الداخلية، التي تزيد من انهيار البلد، وتدفع أكثر اللبنانيين باتجاه "جهنّم"، بتعبير ميشال عون. ورغم ذلك، عمد الأخير إلى تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كان مفترضا أن تعقد يوم أمس الخميس، وذلك بناءً على طلب بعض الكتل النيابية لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلّها، بحسب تعليم الرئاسة الأولى في بيانٍ لها نشرته عشية الاستشارات، والذي سارع رئيس البرلمان نبيه بري للردّ عليه، بإعلان رفضه التأجيل ولو ليوم واحد؛ في وقت كان فيه رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري قد ضمن "الفوز" بالتكليف، بعد تأمين الأصوات التي يحتاجها لرئاسة الحكومة، وبدأ الاستعداد للعودة إلى السرايا، في الذكرى الأولى لانتفاضة 17 أكتوبر، التي أسقطت حكومته في 29 أكتوبر 2019، الأمر الذي استفزّ المنتفضين، فسجّلوا اعتراضاتهم على تأجيل الاستشارات وارتكاب مخالفة دستورية من جهة، وفي عودة الحريري التي ستمهّد أيضاً لرجوع الطبقة السياسية نفسها وإن بأقنعة مستقلّة، ولا سيّما أن تسويات بدأت تلوح في الأفق، ترددت حول قبول رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط تسمية الحريري بعد توتر كبير بين الرجلين، وذلك مقابل وزارتين، إضافة إلى مطالب حركة أمل وحزب الله لناحية تسمية وزراء الطائفة الشيعية تحت عنوان "المستقلين"، إضافة إلى دور رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي ربط بالتأجيل، كونه رفض تسمية الحريري تمهيداً لرفع سقف مطالبه، في خطوات تؤدي في حاصلها إلى ضرب المبادرة الفرنسية ومطالب الشعب اللبناني، رغم أن الجهود العلنية التي يبذلها الحريري تصب في إعادة إحياء مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

المساهمون