وزيران بريطانيان ومسؤول في "المحافظين" يقفزون من "سفينة" جونسون

05 يوليو 2022
بينشر كان من أشدّ المؤيدين لجونسون منذ سنوات (Getty)
+ الخط -

سرعان ما عين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، اليوم الثلاثاء، ستيف باركلي وزيراً للصحة وذلك بعد استقالة الوزير السابق ساجد جاويد، فيما عين نديم زهاوي وزيراً للمالية خلفاً لريشي سوناك، الذي بدوره قدم استقالته مساء.

وبحسب مراسلة "العربي الجديد"، فقد هدد وزير التعليم نديم زهاوي بالاستقالة إن لم يتم تعيينه بدلاً من وزير المالية المستقيل ريشي سوناك.

وفي خطوة مفاجئة، قدم كل من جاويد ووزير المالية البريطاني ريشي سوناك استقالتهما من حكومة بوريس جونسون احتجاجاً على الطريقة التي تعامل بها الأخير مع قضية كريس بينشر، فيما قدم نائب رئيس حزب المحافظين بيم افولامي استقالته من منصبه في الحزب.

وتكتسب الخطوة أهميتها من أمرين؛ الأول أن الوزيرين سوناك وجاويد ينتميان للدائرة المقربة من جونسون والمؤثرة في أدوات بقائه في منصبه، والثاني أن الوزيرين كانا أيضاً من أشد المدافعين عن جونسون خلال وجوده في منصبه رغم كل المطبات التي مرّ بها.

فلقد صمدا أمام كل التحديات والمؤامرات الداخلية بلا أي تردد، إن كان في قضية حفلات "داونينغ ستريت" وخرق جونسون للقانون أو في خطة رواندا، أو تقرير سو غراي، أو حتى في الانتخابات الفرعية التي خسر فيها جونسون ومعه الحزب خسارة فادحة.

وتكتسب هذه الخطوة أيضاً أهمية إضافية، لأن سوناك كان وما يزال أحد أبرز المرشحين للمجيء بعد جونسون أو بدلاً منه.

وقال سوناك "إن عموم البريطانيين يستحقون أن تقاد حكومتهم بكفاءة وجدية وبالشكل الصحيح". بينما اعتبر جاويد أن ضميره لا يسمح له بعد الآن في مزاولة الخدمة في الحكومة الحالية.

وكان جونسون قد صرّح قبل استقالة الوزيرين بقليل أن تعيينه لبينشر في منصبه قبل أشهر كان خطأ، وقدم اعتذاراته لكل شخص تضرّر من ذلك.

في الأثناء، تتجه الأنظار إلى نائب رئيس الوزراء دومينيك راب، وهو أيضاً أحد المرشحين لخلافة جونسون، في انتظار أن يعلن موقفه من هذه القضية.

وكان دومينيك راب قد تعرض صباح اليوم للإحراج لدى استضافة "بي بي سي" له وسؤاله حول قضية بينشر، فاكتفى بالقول "لقد بلّغت حينها رئيس السوط مارك سبينسر بشأن التحقيق، وليس رئيس الوزراء".

وبالتالي من المرجح أن يكون راب ضمن صف الغاضبين في الحكومة وفي الحزب من الإحراج الذي يتسبب به جونسون، كما أنه من المرجح أيضاً أن جونسون لن يتمكن من النجاة الآن كما كان الحال سابقاً.

وكان بينشر قد قدّم استقالته من منصبه الحكومي نهاية الأسبوع الماضي على خلفية إفراطه في شرب الكحول، وإقدامه على التحرّش بزميلين خلال عشاء خاص بأعضاء الحزب في نادي كارلتون، ثم خسر لاحقاً مقعده البرلماني في الحزب وسط ضغوط من المحافظين والمعارضين على حدّ سواء.

وكان جونسون المتّهم أصلاً بتضليل البرلمان والرأي العام والذي يواجه تحقيقاً من المفترض أن تقدّمه لجنة الامتيازات بداية الخريف المقبل، قد نفى معرفته المسبقة بالشكاوى التي قدّمت بحق بينشر بسبب سلوكه "غير اللائق" عام 2019، أي قبل أن يعيّنه في منصبه "الرفيع". 

وتأتي الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس العموم اليوم لمساءلة الحكومة حول هذا الموضوع على وقع الرسالة التي وجّهها هذا الصباح كبير موظّفي الخدمة المدنية المتقاعد سايمون ماكدونالد إلى هيئة المعايير في البرلمان، ما فاقم حدة الاتهامات التي يواجهها جونسون بشأن تعيين بينشر في منصبه كمسؤول عن الانضباط، على الرغم من الشكاوى بحقه.

واحتجّ ماكدونالد في رسالته على افتقار التصريحات الرسمية لـ"داونينغ ستريت" إلى الدقة، وهو أمر بات يتكرر في الآونة الأخيرة، مضيفاً أن الأيام الخمسة الماضية لم تكن كافية لإزاحة الارتباك الكبير المحيط بالقضية، كما نفى ماكدونالد ما صرّح به "داونينغ ستريت" نقلاً عن جونسون حول عدم وجود شكوى سابقة بحقّ بينشر قبل أن يعيّن في منصبه الأخير.

وكتب ماكدونالد: "هذا ليس صحيحاً. في صيف عام 2019، أي بعد فترة وجيزة من تعيين بينشر وزيراً للدولة في وزارة الخارجية، قدّمت لي مجموعة من المسؤولين شكوى حول سلوكه"، مؤكّداً أنه ناقش الأمر شخصياً مع المسؤول المختصّ في مكتب مجلس الوزراء.

ولمّح كبير موظّفي الخدمة المدنية إلى أن الشكوى ذلك الحين كانت مشابهة لحادثة الإفراط في الشرب الأخيرة التي اعترف بها بينشر والإقدام على التحرّش بالرجال. يُذكر أن بينشر قدّم اعتذاراً رسمياً بعد تلك الشكوى ووعد بعدم تكرار أي سلوك غير لائق. وسارع "داونينغ ستريت" بعد خبر الاستقالة للتأكيد أن جونسون لم يكن على علم بأي مزاعم محددة قبل أن يقوم بتعيين بينشر مسؤولاً عن الانضباط الحزبي في شهر فبراير/ شباط الماضي.

ولم تكن الظروف المحيطة بتعيينه وترقيته مبهمة في ذلك الحين، فبينشر كان من أشدّ المؤيدين لجونسون منذ سنوات، ومن أشدّ المدافعين عنه، ثم بعد يوم واحد فقط غيّر "داونينغ ستريت" أقواله معترفاً بأن جونسون كان على علم بتلك "المزاعم التي لا أساس لها من الصحة"، وأن القضية قد حلّت فلم تتحوّل تلك الشكوى إلى شكوى رسمية.

وعلّق ماكدونالد في رسالته بالقول: "من الخطأ القول إن تلك المزاعم لا أساس لها من الصحة، وجونسون اطّلع شخصياً على المزاعم وعلى التحقيق بشأنها وعلى نتيجة التحقيق الذي لم يبرّئ بينشر ذلك الحين". 

وأكّدت مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد" أن ما جاء في رسالة ماكدونالد أثار الكثير من الغضب في صفوف "المحافظين" الذين يتنامى الإحساس بـ"الخديعة" لدى معظمهم بسبب استمرار جونسون بإيهامهم أنه على حق وأنه يقول الحقيقة. كما حدث هذا الصباح مع نائب رئيس الوزراء دومينيك راب الذي تعرّض للإحراج في لقائه مع "بي بي سي" عندما سُئل عمّا إن كان جونسون على علم بتلك المزاعم وقال بارتباك: "لقد بلّغت حينها رئيس السوط مارك سبينسر بشأن التحقيق، وليس رئيس الوزراء".

وكان راب وزيراً للخارجية عام 2019 عندما فُتح التحقيق السري ضدّ بينشر. وترجّح مصادر مقرّبة من "حزب المحافظين" لـ"العربي الجديد" أن يسعى المتمرّدون في الحزب لإجراء تصويت حجب الثقة قبل العطلة البرلمانية المقرّرة منتصف يوليو/ تموز. وهذا يعتمد على نتائج انتخابات أعضاء اللجنة التنفيذية في لجنة 1922 في الحزب الأسبوع المقبل. ولو انتخب المتمرّدون في الحزب كأعضاء تنفيذيين في اللجنة فإنهم سيغيرون قواعد الحزب ليتاح لهم إجراء تصويت ثانٍ على الثقة في أقرب وقت ممكن، قبل مرور عام على التصويت الأول. 

المساهمون