وثائق مسربة تضع القضاء التونسي في قلب أزمة جديدة

20 نوفمبر 2020
تجاوزات وإخلالات أثارت ضجة واسعة في سلك القضاء (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

يشهد القضاء التونسي في الأيام الأخيرة جدلاً كبيراً يعكس حجم الأزمة التي يعيشها هذا القطاع منذ سنوات.

وكشفت وثائق مسرّبة عن شخصيتين قضائتين بارزتين في تونس عن عدة تجاوزات وإخلالات أثارت ضجة واسعة في سلك القضاء ولدى الرأي العام، خاصة وأن الاتهامات تتعلق بالفساد الحالي والتلاعب وإخفاء ملفات، والشخصيتان المعنيتان هما وكيل الجمهورية بشير العكرمي، ورئيس محكمة التعقيب، ورئيس الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الطيب راشد.

وفي الوقت الذي  يتهم الطيب راشد وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمي بتعطيل ملفي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهيمي، فإن  العكرمي وجه بدوره اتهامات للطيب راشد بالفساد المالي.

وجاءت الاتهامات في شكل  وثائق مسربة كان توجه بها  الطرفان إلى التفقدية العامة بوزارة العدل وإلى وزير العدل والمجلس الأعلى للقضاء.

وبحسب الوثائق المنسوبة للطيب راشد، فإن البشير العكرمي قام بتهديد رئيسة مجلس القضاء العدلي بعد تنحيته من منصبه وتعيين وكيل جمهورية جديد مكانه بالمحكمة الابتدائية في تونس، بينما ذكر راشد، بحسب ذات الوثائق، أن العكرمي هدّد رئيسة مجلس القضاء العدلي بتوريط ابنها في قضية جزائية وأن اختلافه مع العكرمي كان بسبب معالجة ملف الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وملف شفيق جراية، متهماً إياه بإخفاء ملفات واستغلال أخرى.

ووجّه راشد للبشير العكرمي تهماً باستغلال صفة الضابطة العدلية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب القضائي الاقتصادي والمالي لتهديد وتصفية خصومه.

تحليلات
التحديثات الحية

 

بدوره، اتهم العكرمي الطيب راشد بالتورط في شبهات فساد مالي، واقتناء عدة عقارات والقيام بتصريحات مغلوطة، مضيفاً أن هذا يجعله مؤاخذاً بسببها بصفة لا تدع أي مجال للشك والتخمين، مشيراً إلى أن صاحب أهم وظيفة في جهاز القضاء متورط في الفساد. 

وقالت عضو جمعية القضاة التونسيين، القاضية لمياء الماجري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن جمعية القضاة تتابع بانشغال الجدل والاتهامات الصادرة عن جهات قضائية، وستتولى إصدار بيان في الغرض حيث لا يمكن ترك هذه المسألة تمر من دون إصدار موقف رسمي.

وأوضحت الماجري أنهم مع المحاسبة وهناك أبحاث جزائية فتحت ضد رئيس محكمة التعقيب ولا بد من رفع الحصانة عنه، مشيرة إلى  أن المحاسبة تكون مع توفير الضمانات في محاكمة عادلة وحق كل طرف في الدفاع وكشف الحقيقة.

وأكدت القاضية أن على المجلس الأعلى للقضاء البت في رفع الحصانة لكي لا يتم تعطيل الأبحاث، مبينة أن هذا الملف موكول لعدة جهات، ومنها التفقدية العامة بوزارة العدل والتي تبحث في المسائل التي قد يترتب عليها إجراءات تأديبية.

وبينت أن التسريبات من هذا النوع تهز الثقة بالقضاء، ولكن عندما تدخل المجلس الأعلى للقضاء وأحال الشكاية على النيابة العمومية رغم صفة رئيس محكمة التعقيب، وتحمل المسؤولية فهذه خطوة إيجابية وبدل أن تهتز الثقة بالقضاء فإن هذا يعيد الثقة به، لأن التصرف الفردي لشخص  ينتمي للقضاء لا يعني جميع القضاة ومنظومة كاملة.

وأفادت بأن فقدان الثقة بالقضاء يكون عند إخفائه مثل هذه الحقائق، وعندما يطبّع مع الملفات التي تتضمن شبهات فساد حول قضاة، مؤكدة أن مبادرة القضاء باتخاذ الإجراءات وإحالتها على الجهات المعنية والتأديبية دليل على أنه قام بما يتوجب عليه القيام به.

ولفتت إلى أن  المؤسسة القضائية ستتحمل المسؤولية، وإن ارتكب أعضاء منها أفعالاً حولها شبهات فساد وتمس من الاستقلالية، فستتم محاسبتهم، وهذا سيحسب للقضاء.

وبينت أن هناك أبحاثاً جزائية ضد رئيس محكمة التعقيب وهناك مطلب لرفع الحصانة، وتوجد شكاية في التفقدية العامة بوزارة العدل، أما فيما يخص وكيل الجمهورية فقد تقدم رئيس محكمة التعقيب بشكاية ضده، ولكن إلى حد الآن  لا توجد أبحاث جزائية ضده أو مطلب لرفع الحصانة بخصوصه لأن الوضعية مختلفة، ولكن هذا لا يعني البحث في الشكاية المرفوعة لدى التفقدية العامة وكشف الحقيقة لأنه لا أحد خارج المحاسبة والمساءلة، ولا بد من تفعيل الإجراءات الضرورية للوصول إلى الحقيقة.