وثائق مارآلاغو: انتكاسة البحث عن حكم محايد

وثائق مارآلاغو: انتكاسة البحث عن حكم محايد

08 سبتمبر 2022
تدرس وزارة العدل احتمالات عدة للاستئناف (درو أنغيرير/Getty)
+ الخط -

دخلت قضية الوثائق المضبوطة في منزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في 8 أغسطس/آب الماضي، والبعض منها مصنّفة سرّية للغاية، منعطفاً جديداً، بعدما وافقت القاضية إيلين كانون، المعيّنة سابقاً في فلوريدا، من قبل ترامب، على طلب الأخير تعيين "مشرف خاص" (سبيشال ماستر) لمراجعة هذه الوثائق. ومن شأن الموافقة على هذا الطلب، وهي موافقة إشكالية وغير مسبوقة بحسب خبراء، تأخير التحقيق، لكنها أيضاً قد تدخل ترامب في متاهات قضائية جديدة. ويرى متابعون ومختصون أن وزارة العدل الأميركية التي عليها الرد على قرار القاضية كانون بحلول منتصف ليل اليوم الجمعة، تقف أمام احتمالات عدة للتحرك، تتمحور حول طبيعة الاستئناف على القرار القضائي الذي اعتبر انتصاراً لترامب.

ترامب على خطى مايكل كوهين

وكان الرئيس الأميركي السابق قد حذا حذو محاميه السابق مايكل كوهين، الذي داهم "أف بي آي" مكتبه في إبريل/نيسان 2018، حيث صادر ملايين الوثائق، ثم حكمت القاضية الفيدرالية كيمبا وود في ذلك الحين بتعيين "مشرف خاص" (عُيِّنَت بربارا جونز) لمراجعة الوثائق.

حذا ترامب حذو محاميه السابق مايكل كوهين بطلب مشرف خاص

لكن حتى كوهين نفسه، أكد خلال الأيام الماضية، أن طلب ترامب تعيين "مشرف خاص"، جاء متأخراً، بعد مداهمة منزله في مارآلاغو بفلوريدا، بأكثر من أسبوعين، فيما يقول متابعون إن فريق ترامب من المحامين والمستشارين كان قد فشل أصلاً في منع حصول المداهمة، إذ أخفق منذ أشهر في الوصول إلى تسوية مع الجهات الحكومية التي كانت تلاحق هذه الوثائق وتطالب بها.

وعلى الرغم من هذه الإشكاليات لكلا الطرفين، وزارة العدل، وترامب الذي يحاول الاستثمار في القضية وكَيل الاتهامات لخصومه من الديمقراطيين، فإن الرئيس السابق قد نجح في دفع القضية إلى مزيد من التأخير، وهو ما لا تريد وزارة العدل الوقوع به. كذلك لا تريد الوزارة، في الوقت ذاته، السماح لقرار القاضية كانون، أن يشكّل "فتحاً" لمثل هذا النوع من القرارات، حيث يدافع رئيس سابق عن "امتيازاته التنفيذية" في وجه السلطة التنفيذية في البلاد.

وقبل حكم القاضية، كان المدعون العامون قد رفضوا طلب ترامب تعيين "مشرف خاص محايد"، بحجة أن تعيينه لفحص المواد التي يغطيها ما يُسمى الامتياز بين المحامي والموكل، قد يضر بالأمن القومي. ويرى متابعون أيضاً أن قضية ترامب لا ينطبق عليها "الامتياز بين المحامي والموكل"، بل تتعلق خصوصاً بوثائق مشمولة بالامتياز التنفيذي الذي يقول ترامب إنه يتمتع به.

وتشرح أستاذة القانون في كلية القانون في جامعة ميشيغين، بربارا ماكواد، وهي مدعية فيدرالية سابقة، في حديث لموقع "بي بي إس" في 6 سبتمبر/أيلول الحالي، أن الأمر الذي أصدرته القاضية كانون إشكالي، لأنه يسمح للمشرف الخاص أن يراجع الوثائق بحثاً عن "الامتياز التنفيذي"، من دون تحديد هذا الامتياز، وأي وثائق مصنفة سرّية محمية بهذا الامتياز، وهو أمر ليس من ضمن اختصاصه.

خيارات عدة أمام وزارة العدل

وفي جميع الأحوال، فإن على وزارة العدل والوزير ميريك غارلاند، أن يردا على قرار القاضية إيلين كانون. ويشكل هذا الأمر أيضاً معضلة لغارلاند، بحسب ما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الخميس. كذلك إن البحث عن اسم لشغل مهمة "المشرف الخاص" ليس بدوره أمراً سهلاً.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن وزارة العدل تواجه قراراً معقداً وذات تبعات، يتعلق بما إذا كان عليها أن تستأنف ضد قرار القاضية كانون كلّه، أو ضد جزء منه، أو ألا تستأنف بالمطلق.

وبحسب الصحيفة، فإن قرار القاضية بالموافقة على طلب ترامب، من شأنه أن يؤخر البت بالقضية، لا أن يجعلها تنحرف عن مسارها المتعلق بالتحقيق باحتفاظ ترامب بوثائق مصنفة سرّية وملك للحكومة. لكن "دفاع القاضية الفظ وواسع النطاق عن حقوق الرئيس السابق يشكل معضلة للوزير ميريك غارلاند وموظفيه الكبار، الذين حتى تاريخ الحكم تحكموا بالسردية الرسمية المحيطة بالتحقيق"، بحسب الصحيفة.

ومن حيث المبدأ، من المتوقع أن يعترض مسؤولو الوزارة بحلول منتصف ليل الجمعة (يوم غد)، على أمر القاضية بتعيين "مشرف خاص". لكن السؤال هو ما إذا كانوا سيكتفون في ذلك على اعتماد مقاربة ضيّقة، بهدف الحصول على تنازلات صغيرة نسبياً من القاضية كانون، لتسريع المراجعة المستقلة، أو أنهم يخططون لاستئناف موسع، قد لا يكون مضموناً، لقلب ما يرون فيه تعزيزاً خطيراً للسلطة الرئاسية.

وزارة العدل تواجه قراراً معقداً، يتعلق بما إذا كان عليها أن تستأنف ضد قرار القاضية كانون كلّه، أو ضد جزء منه، أو ألا تستأنف بالمطلق

ولفتت "نيويورك تايمز"، إلى أنه خلال الأيام الماضية، انشغل المسؤولون الكبار في وزارة العدل بوضع الخيارات المتاحة أمامهم على الطاولة. ومن هذه الخيارات: تقديم طلب إلى القاضية لإعادة بحث كل أو جزء من حكمها، أو الطلب من المحكمة تحديد وقت ومدى المراجعة التي سيقوم بها المشرف الخاص، أو الانتقال إلى خطوة غير مضمونة، للاستئناف ضد الحكم في محكمة أتلانتا بالدائرة الـ11، المخصصة للاستئنافات، التي كان ترامب قد عيّن فيها ما لا يقل عن ستة قضاة. ورأت الصحيفة أنه "لا طريق سهلاً بالنسبة إلى فريق غارلاند".

وبحسب تقرير لموقع شبكة "سي أن أن"، فإن إيجاد "مشرف خاص" (سبيشال ماستر)، ليس أمراً سهلاً، بحدّ ذاته، كذلك تحديد مهماته، وما لا يجب عليه أن يقترب منه، ذلك أن من ستختاره القاضية كانون سيسمح له بالاطلاع على وثائق وصفت بأنها بعض وثائق الحكومة فائقة السرّية.

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد ذكرت أول من أمس الثلاثاء، أن إحدى الوثائق السرّية التي صادرها "أف بي آي" في منزل ترامب، تتضمن وصفاً للقدرات النووية والدفاعات العسكرية لقوة أجنبية. ونقلت عن مصادر مطلعة على القضية، أن بعض الوثائق في مارآلاغو كانت سرّية جداً، إلى درجة أن الرئيس ومسؤولي الحكومة أو من مستوى قريب لذلك، فقط، يُسمح لهم بالتفويض إلى مسؤولين حكوميين آخرين الاطلاع عليها.

وستقترح وزارة العدل، وكذلك محامو ترامب، أسماء لشغل المهمة. وطالبت الوزارة في وقت سابق المحكمة بتعيين محام حاصل على التصريح الأمني فائق السرّية، أو غير العادي، الذي يطلب في العادة لمراجعة الوثائق السّرية. لكن ذلك قد يصعّب عملية الاختيار، ولا سيما إذا لم يوافق فريق ترامب على الأسماء.
(العربي الجديد)