استمع إلى الملخص
- **تحذيرات من تصاعد التطرف اليميني**: حذرت مجموعة "Hope Not Hate" من تزايد النشاط اليميني المتطرف في مواقع إيواء اللاجئين، وأشارت نانيت يوسف إلى فشل الشرطة في التعرف على التهديد المتزايد للعنصرية.
- **قيود على مظاهرة تضامنية مع فلسطين**: أعرب تحالف المنظمات المتضامنة مع فلسطين عن قلقه من القيود التي قد تفرضها شرطة لندن على المسيرة الوطنية الكبرى المقررة في السابع من سبتمبر باتجاه السفارة الإسرائيلية.
كشفت وثائق جديدة نشرتها مؤسسة "ليبرتي إنفستيجيتف" اليوم الاثنين، عن تقييمات سابقة للشرطة البريطانيّة في ديسمبر/كانون الأول 2023، أفادت بتقييم المظاهرات التي تخرج للتضامن مع الشعب الفلسطيني على أنها أعلى خطورة من مظاهرات اليمين المتطرف. وبحسب التقييمات في حينها، لم تضع الشرطة اليمين المتطرف الذي قام الشهر الماضي بأعمال شغب في مدن وبلدات عديدة، ضمن قائمة المخاطر العالية، وتم تصنيفه بدرجة أدنى من ناحية المخاطر مقارنة بالمظاهرات التي تخرج لأجل فلسطين، أو المسيرات والحراك من أجل الحفاظ على البيئة والمناخ. وتمت الإشارة إلى اليمين المتطرف في اجتماعات الشرطة بـ"القوميّة الثقافيّة".
ويأتي هذا الكشف اليوم عن محاضر الاجتماعات لرؤساء الشرطة في المملكة المتحدة، بعد توجه المؤسسة الصحافية "libertyinvestigates" العاملة في كشف انتهاكات حقوق الإنسان داخل المملكة المتحدة، بالكشف عن هذه المحاضر تبعًا لقانون حريّة الوصول إلى المعلومات، وتمت مشاركتها مع صحيفة ذا غارديان البريطانية.
وبيّنت الوثائق أن تقييم المخاطر الداخلي للشرطة لجماعات "القوميّة الثقافيّة" من ناحية السلامة العامّة، بقي أقل خطورة من مظاهرات فلسطين وحراك المناخ، حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أي حتى بعد اعتقال أكثر من 90 شخصًا خلال الاضطرابات اليمينيّة المتطرفة في لندن في يوم الهدنة الماضي الذين حاول فيه أنصار اليمين المتطرف الهجوم على مظاهرات التضامن مع فلسطين، كذلك بعد مشاهد عنيفة خارج سكن طالبي اللجوء في ميرسيسايد في وقت سابق من العام.
واعتبرت مؤسسات مناهضة للعنصرية أن هذا الكشف يوضح كيف قللت الشرطة من تقدير اليمين المتطرف قبل أن تجتاح الاضطرابات العنيفة المدن والبلدات في إنجلترا وأيرلندا الشمالية في أسوأ أعمال شغب في البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان، كما يدحض مزاعم "تعامل الشرطة بمستويين" التي أطلقها السياسيون والمؤثرون المحافظون.
وشهدت العديد من المدن والبلدات في المملكة المتحدة أعمال شغب عنيفة قام بها عناصر اليمين المتطرف لعدة أيام، بعد انتشار أخبار كاذبة في قضية الهجوم على الأطفال في بلدة ساوث بورت أواخر شهر يوليو/تموز الماضي. وأدت أعمال العنف إلى إصابة العشرات من ضباط الشرطة وتخريب ممتلكات عامّة، واعتداء على مواطنين، واعتداء على مساجد، ومحاولة إحراق فندق يؤوي لاجئين.
يذكر أن تقييمات المخاطر الوطنيّة صُممت لمساعدة قوات الشرطة في المملكة المتحدة على الاستجابة للأحداث والاحتجاجات التي تشكل خطرًا على النظام العام والسلامة. وتم تضمين القوميّة الثقافيّة، التي وُصفت بأنها حركة "تعارض أي نشاط يُنظر إليه على أنه معارض للهويّة البريطانيّة التقليديّة"، في قائمة القضايا ذات الأولوية في ديسمبر/كانون الأول 2020 ولكن تم تخفيض درجتها لاحقًا وإزالتها من تلك القائمة في أواخر عام 2021، كما تظهر تقييمات المخاطر. ونفى متحدث باسم الشرطة أن هذا يشكل تخفيضًا للدرجة أو أن التغيير كان ليؤثر على الشرطة من الناحية العملياتيّة.
وتم تحرير صفحة تلخص القضايا ذات الأولوية في وثائق لاحقة، ولكن محاضر اجتماع رؤساء الشرطة في ديسمبر/كانون الأول 2023، إذ نوقشت تقييمات المخاطر، تشير إلى أن القوميّة الثقافيّة ظلت غير ذات أولوية حتى نهاية ذلك العام على الأقل.
تحذيرات متكررة من اليمين المتطرف
وفي يونيو/حزيران الماضي، قالت مجموعة "Hope Not Hate" إنها سجلت 253 حالة من النشاط اليميني المتطرف في مواقع إيواء اللاجئين في عام 2022، أي أكثر من ضعف العام السابق. وحذرت المجموعة من أن "المشهد أصبح أصغر، ولكنه أكثر تطرفًا وربما يكون جاهزًا للمواجهة". وأضافت: "يظل الوضع غير مستقر، وأي حادث يتعلق بشخص يطلب اللجوء قد يشعل سلسلة أخرى من الاحتجاجات".
وفي الشهر التالي، حذر تقرير صادر عن أعضاء البرلمان بشأن التطرف اليميني من أن التهديد "يتخذ مساراً تصاعدياً، ويضم عدداً متزايداً من الشباب ويدفعه الإنترنت"، رغم أن التقرير ركز على مكافحة الإرهاب وليس على حفظ النظام العام.
وقالت نانيت يوسف، مديرة السياسات في مؤسسة "Runnymede Trust" للمساواة العرقيّة، إن تقييم مخاطر الشرطة يمثل "فشلًا في التعرف على التهديد المتزايد للعنصرية والتطرف اليميني المتطرف والقضاء عليه". وعارضت يوسف فكرة "تعامل الشرطة بمستويين" التي يطرحها اليميني المتطرف تومي روبنسون، واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون، وآخرون، والتي تشير إلى أن العنف القومي الأخير كان خاضعًا لشرطة أكثر صرامة من حركات الاحتجاج الأخرى.
وقال نيك لولز من "Hope Not Hate": "لقد قللت الشرطة من تقدير التهديد من اليمين المتطرف لسنوات عديدة. في حين كانت هناك زيادة في مراقبة واعتقالات الإرهابيين اليمينيين المتطرفين، فإن تغطيتهم للعنف في الشوارع كانت غير كافية على الإطلاق".
وأضاف: "ويرجع هذا جزئيًّا إلى فشلهم في اعتبار الكراهية العدوانية ضد المسلمين شكلاً من أشكال التطرف، وفهمهم الضعيف للطبيعة ما بعد التنظيميّة لليمين المتطرف اليوم والغياب التام للقيادة السياسيّة والاستعداد لمواجهة اليمين المتطرف في وزارة الداخليّة لسنوات عديدة. يتعين على السلطات أن تدرك هذه المشكلة قبل أن نرى تكرارًا لأعمال الشغب الأخيرة."
وحتى نهاية أغسطس/آب الفائت، كان هناك 1280 اعتقالًا و796 تهمة وجهتها النيابة العامة تتعلق بأعمال الشغب، وفقًا للجنة الوطنية لمكافحة الشغب. ومن بين المتهمين أفراد متورطون في حادث حاول فيه مثيرو الشغب إشعال النار في فندق يؤوي طالبي اللجوء في روثرهام. كما تم اعتقال وإدانة بعض المتظاهرين المسلمين المضادين، بما في ذلك أولئك الذين يقولون إنهم كانوا يتصرفون لحماية المساجد من مثيري الشغب.
تغيير موعد مظاهرة فلسطين تجاه السفارة الإسرائيليّة
وفي سياق متصل، أعرب تحالف المنظمات المتضامنة مع فلسطين في بريطانيا عن قلقه البالغ من القيود التي يمكن أن تفرضها شرطة العاصمة لندن على المسيرة الوطنيّة الكبرى، التي ستنطلق تضامنًا مع فلسطين يوم السبت المقبل الموافق في السابع من أيلول/سبتمبر باتجاه السفارة الإسرائيلية؛ رفضًا للعدوان المتواصل على غزة. وفي البيان الصادر عن التحالف صباح اليوم الاثنين، أشار التحالف إلى أن شرطة العاصمة رفضت انطلاق المسيرة من نقطة (Pall Mall)، في موعدها المقرر عند الساعة الـ12:45 ظهرًا، وطالبت بانطلاقها في الثانية و45 دقيقة، ما يعني تأخيرها نحو ساعتين عن الموعد الأصلي بذرائع رآها التحالف واهية.
وأكد أعضاء التحالف في بيانهم أن تأخير موعد انطلاق المسيرة من شأنه عرقلة وصول المتظاهرين، ولا سيما القادمين من خارج العاصمة لندن، علمًا أن المسيرة ستتجه إلى السفارة الإسرائيلية. وأوضحوا أنهم أبلغوا الشرطة بموعد انطلاق المسيرة وتفاصيل سيرها في الثامن من آب/أغسطس الفائت، أي قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.
وستكون هذه المسيرة أول مظاهرة وطنيّة لحركات التضامن مع فلسطين تجاه مقر السفارة الإسرائيليّة، منذ بداية حرب الإبادة الجماعيّة على غزة، إذ كانت ترفض الشرطة في السابق إعطاء تصريح للتظاهر أمام السفارة الإسرائيليّة بحجة الحفاظ على السلامة العامّة.