ناشدت الولايات المتّحدة، الأربعاء، الحشود المتجمّعة قرب مطار كابول مغادرة المكان فوراً بسبب "تهديدات أمنية"، كذلك وجّهت بريطانيا وأستراليا وألمانيا تحذيرات بحديثهما عن "تهديد مرتفع" بوقوع هجوم إرهابي.
وكتبت وزارة الخارجية البريطانية، في وقت متأخر من ليل الأربعاء، على موقعها الإلكتروني: "لا تذهبوا إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول"، مضيفة: "هناك خطر مرتفع ومستمرّ بوقوع هجوم إرهابي"، فيما لا يزال آلاف الأفغان محتشدين عند بوابات المطار على أمل إجلائهم من بلدهم بعدما سيطرت عليه حركة "طالبان".
وتابعت الخارجية في نصيحتها: "إذا كنتم في منطقة المطار، فغادروها إلى مكان آمن وانتظروا المزيد من التعليمات"، أما "إذا كنتم قادرين على مغادرة أفغانستان بأمان بطرق أخرى، فافعلوا ذلك على الفور".
وقال وزير القوات المسلحة البريطانية جيمس هيبي، اليوم الخميس، إنّ هناك معلومات مخابرات "ذات صدقية كبيرة"، تفيد بأن مسلحين يخططون لشنّ هجوم وشيك على المحتشدين بمطار كابول، في محاولة للفرار من أفغانستان.
وأضاف هيبي لراديو هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "توجد حالياً تقارير ذات صدقية كبيرة عن هجوم وشيك، ولهذا السبب غُيِّرَت نصيحة وزارة الخارجية الليلة الماضية، بأنه ينبغي للناس عدم القدوم إلى مطار كابول، وبأن عليهم الانتقال إلى مكان آمن، وانتظار المزيد من التعليمات".
Armed Forces Minister James Heappey tells #BBCBreakfast the UK has evacuated more than 12,000 people but there’s no sense of ‘triumph or accomplishment’.
— BBC Breakfast (@BBCBreakfast) August 26, 2021
https://t.co/BDRPBS9Clh pic.twitter.com/fua51Ko5tb
ومضى يقول: "لا يسعني إلا أن أقول إنّ التهديد خطير. وسنبذل جهدنا لحماية الموجودين هناك. هناك فرصة كبيرة لتغيير النصيحة مع ورود المزيد من التقارير... لكن لا يوجد ضمان لذلك".
بدورها، قالت وزارة الخارجية الأميركية في تحذير مماثل، لكنّه اتّسم بدقّة مكانية أكثر، إنّ "الأشخاص الموجودين حالياً عند مداخل المطار الآتية: المدخل الغربي والمدخل الشرقي والمدخل الشمالي، يجب أن يغادروا على الفور"؛ بسبب "تهديدات أمنية" لم تحدّدها.
من جهتها، حذّرت وزارة الخارجية الأسترالية من أنّ "هناك تهديداً مرتفعاً للغاية بوقوع هجوم إرهابي".
وعلى غرار بريطانيا، نصحت أستراليا أولئك الذين يحاولون مغادرة أفغانستان بعدم التوجّه إلى المطار، وطلبت من أولئك الموجودين خارجه حالياً "الذهاب إلى مكان آمن وانتظار مزيد من المعلومات".
وقال دبلوماسي غربي في مطار كابول، اليوم الخميس، إنّ حشوداً ضخمة تواصل التوافد على بوابات المطار، رغم هذه التحذيرات.
وقال الدبلوماسي، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ"رويترز"، إنّ ما يقدر بنحو 1500 يحملون جواز سفر أو تأشيرة الولايات المتحدة يحاولون دخول المطار. وأضاف أنّ الرحلات الجوية ستزيد اليوم الخميس بعدما تباطأت أمس.
دول توقف عمليات الإجلاء
في غضون ذلك، أبلغ رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستيكس، إذاعة "آر تي إل" بأنّ باريس لن تعود قادرة على إجلاء الناس من أفغانستان اعتباراً من مساء غد الجمعة. وقال اليوم الخميس: "سنواصل (الإجلاء) حتى مساء غد".
#Coronavirus, #PassSanitaire, #rentrée : ce qu'il faut retenir de l'interview de @JeanCASTEX dans #RTLMatin 👇
— RTL France (@RTLFrance) August 26, 2021
https://t.co/k0nmVGx7Bx
وأنهت بلجيكا بدورها عمليات الإجلاء من أفغانستان، بعد أن أبلغت مصادر أميركية الحكومة بهجوم انتحاري وشيك حول مطار كابول.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، في مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، إنّ بلجيكا أجلت ما يزيد قليلاً على 1400 شخص من كابول، وإن الرحلة الأخيرة وصلت إلى إسلام آباد الليلة الماضية. وأضاف: "تدهور الوضع تدهوراً كبيراً خلال نهار الأربعاء، تبلّغنا معلومات من مصادر أميركية ومصادر أخرى عن وقوع هجوم انتحاري وشيك في منطقة المطار، وأصبح الوصول عبر البوابات أكثر صعوبة، وأصبح في مرحلة ما مستحيلاً".
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الهولندية أنها ستوقف عمليات الإجلاء من مطار كابول، الخميس، بعدما طلبت منها القوات الأميركية مغادرة المطار قبل انسحابها المرتقب منه. وقال وزيرا الخارجية والدفاع، في رسالة إلى البرلمان، إنّ "هولندا تبلغت اليوم من الولايات المتحدة أنّ عليها الرحيل، وستنظم على الأرجح آخر الرحلات لاحقاً خلال النهار".
بدورها، قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارينباور، اليوم الخميس، إن تهديداً ملموساً بشنّ تنظيم "داعش" هجوماً إرهابياً على مطار كابول يعرقل جهود الإجلاء هناك.
وصرّحت كارينباور للصحافيين في برلين، بأن "وزارة الخارجية نصحت خلال الليل الناس في كابول بعدم الذهاب إلى المطار من تلقاء أنفسهم"، مضيفة أن هذا "يحدّ أكثر من فرص وصول الراغبين في المغادرة إلى المطار".
وقال المفتش العام للجيش الألماني إبرهارد تسورن إن الجيش نقل جواً أكثر من 5200 من كابول حتى الآن، منهم 4200 أفغاني و505 ألمان. وذكرت مصادر أمنية أن ألمانيا ستنهي رحلات الإجلاء اليوم الخميس على الأرجح.
ومساء الأربعاء، أعلنت بلجيكا أنّها أوقفت عمليات الإجلاء من مطار كابول، في قرار اتّخذته قبيل أيام من إنجاز القوات الأميركية التي تؤمّن الموقع انسحابها من أفغانستان.
إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع المجرية، في بيان، اليوم الخميس، إنّ طائرتي ركاب عسكريتين وجميع القوات التي شاركت في عمليات الإجلاء من أفغانستان غادروا البلاد ووصلوا بسلام إلى المجر.
ورفضت المجر، التي تعارض بشدة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، أي خطط لاستيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين الأفغان، وقالت إنها لن تساعد إلا في إجلاء الأشخاص الذين كانت حياتهم معرضة للخطر بسبب دعمهم لوجود حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.
"طالبان" تغلق الطرق إلى المطار
وتستمرّ دول أخرى بعمليات الإجلاء من مطار حامد كرزاي الدولي، على الرغم من أنّ وسائل إعلام أفغانية أكدت أمس الأربعاء، أنّ "طالبان" قررت إغلاق الطرق المؤدية إلى مطار العاصمة، وأنها لن تسمح للأفغان بالدخول إلى المطار.
وقالت قناة "طلوع" المحلية، نقلاً عن مصادر في "طالبان"، إنّ الحركة أغلقت الطرق المؤدية إلى المطار، وأغلقت أبوابه من الخارج، مشيرة إلى أن الحركة أكدت لها أنها لن تسمح لأي أفغاني بالدخول إلى المطار، عدا الأجانب، مشيرة إلى أن الأفغان الذين لديهم أوراق أيضاً لا يسمح لهم بالدخول.
إلا أنّ أحد الإعلاميين الموجودين في المطار قال لـ"العربي الجديد" إنّ عملية دخول الأفغان إلى المطار مستمرة، وإن "طالبان" كانت تسمح لبعض الأفغان وتمنع آخرين طوال الليل، كذلك فإن سيارات أجنبية أيضاً كانت تدخل مئات الأفغان إلى المطار، لافتاً إلى أنّ معظم عناصر القوات الخاصة الأفغانية دخلت ليلة أمس إلى المطار مع ذويهم من أجل الخروج من أفغانستان، وأنه تحدث مع بعضهم، مشيراً إلى أنّ "طالبان" لم تكن تمنع أحداً من هؤلاء من الدخول، ما يعني أن هناك توافقاً بينها وبين الأميركيين على هذه النقطة.
وعلى الرغم من استخدام قوات "طالبان" كل الوسائل لتفريق التجمعات الموجودة حول المطار، وآخرها استخدام خراطيم المياه لتفريق المحتشدين، إلا أن التجمعات لا تزال موجودة، كذلك فإن مكاتب جديدة فُتحت في أماكن مختلفة من العاصمة الأفغانية كابول أمام العاملين مع القوات والمؤسسات الأجنبية.
وقال أحد العاملين في أحد مكاتب العاصمة الواقع في مجيد مال، ويدعى زوهيب، لـ"العربي الجديد"، إن تلك المكاتب أُنشئت بالتنسيق مع السفارة الأميركية، وهي تتعاون مع عملية الإجلاء.
وقال مسؤول من حركة "طالبان"، اليوم الخميس، إنّ حراس الحركة يواصلون حماية المدنيين خارج مطار كابول، لكن على القوات الغربية التزام موعد انتهاء عمليات الإجلاء بحلول نهاية هذا الشهر.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه لوكالة "رويترز": "حراسنا يخاطرون بحياتهم أيضاً عند مطار كابول، ويواجهون أيضاً تهديداً من تنظيم (داعش)".
إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان"، سهيل شاهين، إنّ القيادي في الحركة شير محمد عباس ستانيكزاي، التقى السفير الألماني لدى أفغانستان ماركوس بوتزيل، والوفد المرافق له، في العاصمة القطرية الدوحة، أمس الأربعاء.
وأوضح شاهين، في تغريدات على "تويتر"، أنّ الاجتماع بحث القضايا السياسية والوضع في مطار كابول، وشدد على أنّ "القوات الأجنبية يجب أن تنسحب بحلول الموعد النهائي، ما سيمهد الطريق لاستئناف الرحلات الجوية المدنية، حيث يمكن الأشخاص الذين يحملون وثائق قانونية السفر عبر الرحلات التجارية بعد 31 أغسطس/آب"، موضحاً أنّ "الوفد الألماني أكد ضرورة استمرار العمل الإنساني".
2/3
— Suhail Shaheen. محمد سهیل شاهین (@suhailshaheen1) August 25, 2021
The IEA delegation said foreign troops should withdraw by the deadline. It will pave the way for resumption of civilian flights.People with legal documents can travel through commercials flights after 31 August.
German delegation emphasized on continuation of humanitarian
وأضاف أنه "ستُستأنف مشروعات التنمية المتوقفة بعد تطبيع الأوضاع" في أفغانستان، معرباً عن شكره لحكومة ألمانيا على مساعدتها الإنسانية.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد قال، الأربعاء، إنّ "طالبان" تعهّدت السماح للأميركيين ولرعايا دول أخرى، وكذلك أيضاً للمواطنين الأفغان "المعرّضين للخطر"، بالمغادرة بعد انسحاب القوات الأجنبية من كابول في 31 آب/أغسطس الجاري.
ومنذ سقوط أفغانستان في أيدي حركة "طالبان"، تسود فوضى عارمة مطار كابول، أدت إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقلّ.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)