استمع إلى الملخص
- **تحول في العلاقات العسكرية والأمنية**: تسعى واشنطن وبغداد لإقامة علاقة استشارية جديدة، مع بقاء بعض القوات الأميركية، وانتقال العلاقات إلى مستوى جديد يشمل المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية.
- **تأثيرات إقليمية واستراتيجية**: يشكل الانسحاب تحولاً في الموقف العسكري لواشنطن بالمنطقة، مع تصاعد المواجهة الإقليمية بين إسرائيل وإيران، ويعتبر الاتفاق انتصاراً سياسياً لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز عن توصل واشنطن وبغداد إلى تفاهم حول خطة انسحاب تدريجي لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق. وتضمنت الخطة خروج مئات من القوات بحلول سبتمبر/ أيلول 2025، مع اكتمال الانسحاب بنهاية 2026. وتنتظر الخطة موافقة نهائية وتحديد موعد لإعلانها.
وأوضح مسؤول أميركي، لـ"رويترز": "توصلنا إلى اتفاق، والآن ننتظر تحديد توقيت الإعلان". ويسعى البلدان أيضاً إلى إقامة علاقة استشارية جديدة قد تسمح ببقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.
وبحسب المصادر كان الإعلان الرسمي مقرراً في البداية أن يصدر قبل أسابيع، لكنه أُجِّلَ بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية. وتشمل المصادر خمسة مسؤولين أميركيين ومسؤولين من دولتين أخريين في التحالف وثلاثة مسؤولين عراقيين، وطلبوا جميعاً عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخول لهم الحديث عن الأمر علناً. وذكرت عدة مصادر أن إعلان الاتفاق قد يحدث خلال الشهر الجاري.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية، فرهاد علاء الدين، إن المحادثات الفنية مع واشنطن حول الانسحاب انتهت. وأضاف "نحن على وشك نقل العلاقة بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد يركز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية". ولم يعلّق على تفاصيل الخطة كما لم يرد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على استفسارات أرسلتها "رويترز" عبر البريد الإلكتروني.
يأتي الاتفاق بعد محادثات استمرت أكثر من ستة أشهر بين بغداد وواشنطن بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير/ كانون الثاني وسط هجمات شنتها فصائل مسلحة عراقية مدعومة من إيران على قوات أميركية متمركزة في قواعد بالعراق. وأسفرت الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات، مما أدى إلى جولات عدة من الرد الأميركي القاتل هددت جهود الحكومة الرامية إلى تحقيق الاستقرار في العراق.
ولدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق إضافة إلى 900 في سورية المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم داعش بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين. وسيطر "داعش" في مرحلة من الصراع على ما يقرب من ثلث مساحة العراق وسورية، قبل هزيمته في الأراضي العراقية في نهاية 2017 وفي سورية في 2019.
وقال علاء الدين إن العراق أثبت قدرته على التعامل مع أي تهديد لا يزال قائماً. غزت الولايات المتحدة العراق في 2003 وأطاحت صدام حسين قبل الانسحاب في 2011، لكنها عادت على رأس التحالف في 2014 لمحاربة تنظيم داعش. وتشارك دول أخرى في التحالف بمئات الجنود، منها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
وبموجب الخطة، ستغادر جميع قوات التحالف قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بغرب العراق وتقلل من وجودها في بغداد على نحو كبير بحلول سبتمبر/ أيلول 2025. ومن المتوقع أن تبقى قوات أميركية وأخرى من قوات التحالف في أربيل بإقليم كردستان الشمالي شبه المستقل إلى ما يقرب من عام إضافي، حتى نهاية 2026 تقريباً، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم داعش في سورية. ويتم الإبقاء على سرية التفاصيل المتعلقة بحركة القوات لحساسيتها العسكرية.
وسيشكل انسحاب قوات التحالف تحولاً ملحوظاً في الموقف العسكري لواشنطن بالمنطقة. ففي حين ركز التحالف على مواجهة تنظيم داعش، يقر مسؤولون أميركيون بأن وجودهم يوفر موقعاً استراتيجياً في مواجهة إيران. وازدادت أهمية ذلك الموقع الاستراتيجي مع تصاعد المواجهة الإقليمية بين إسرائيل وإيران، إذ شاركت القوات الأميركية في العراق في إسقاط صواريخ وطائرات مسيّرة استهدفت إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وقال السوداني في وقت سابق إن القوات الأميركية، رغم تقديره لمساعدتها، أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار، إذ يجري استهدافها على نحو متكرر وعادة ما ترد بهجمات من دون تنسيق مع الحكومة العراقية. ومن المرجح أن يمثل الاتفاق عند إعلانه انتصاراً سياسياً لرئيس الوزراء العراقي الذي يسعى إلى تحقيق التوزان في موقف بغداد باعتبارها حليفة لكل من واشنطن وطهران.
ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من سحب القوات قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في أكتوبر/ تشرين الأول 2025. وقال مسؤول أميركي، لـ"رويترز"، إنّ الإطار الزمني الممتد لعامين يمنح الولايات المتحدة "متنفساً" يسمح بإجراء تعديلات محتملة إذا تغير الوضع الإقليمي. ولم ترد وزارة الخارجية والسفارة الأميركية في بغداد على طلبات التعليق حتى الآن.
(رويترز)