يواجه المدعون العامون المشاركون في قضية الوثائق السرية ضد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مضايقات وتهديدات واسعة عبر الإنترنت وفي أماكن عامة، بحسب ما نقلت صحيفة واشنطن بوست، أمس الخميس، عن خبراء ومسؤول حكومي مطلع على الملف.
وفي حين يؤكد خبراء في التطرف السياسي أنّ التهديدات بالعنف ضد المؤسسات الحكومية انخفضت بشكل عام منذ هجوم 6 يناير/ كانون الثاني من عام 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي، بسبب إدراك الناس أنهم قد يواجهون عواقب قانونية "وخيمة"، يقول خبراء آخرون لـ"واشنطن بوست"، إنّهم كثيراً ما يرصدون خطاباً عنيفاً يستهدف الأشخاص الذين يشاركون في التهم الموجهة إلى ترامب، ولا يتعلق الأمر فقط بالمدعين العامين المشاركين في التحقيقات الجنائية المحيطة بالرئيس السابق، وإنما أيضاً بالعاملين في الانتخابات بالولايات المتأرجحة الذين حاولوا دحض الادعاءات بشأن تزويرها.
ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، إنّ التهديدات ضد أجهزة إنفاذ القانون "مستهجنة وخطيرة"، مؤكداً أنّه يعمل عن كثب لـ"تقييم مثل هذه التهديدات والرد عليها".
وأوضح الخبراء الذين تحدثوا للصحيفة، أنّ مناصري ترامب من اليمين المتطرف ينشرون أسماء المدعين العامين والموظفين الحكوميين عبر الإنترنت، وكذا يصرخون عليهم في التظاهرات ويهددونهم، ويكشفون أحياناً تفاصيل عن حياتهم الشخصية.
وفي سبيل حماية خصوصية العاملين في هذا الملف، حاول مسؤولون في وزارة العدل الأميركية منع نشر أسماء المدعين العامين والوكلاء العاملين في قضايا ترامب في الوثائق الرسمية وجلسات الاستماع في الكونغرس والمحادثات الأقل رسمية حول القضية، بحسب مسؤول حكومي مطلع على الملف.
مع ذلك، بحسب الصحيفة، فإنّ هذه المهمة من الصعب تحقيقها بالنسبة لوزارة العدل، إذ يستطيع ترامب كمُدعى عليه في القضية أنّ يطلع على أسماء المدعين والشهود وكل من له علاقة بالملف. ومن عادة ترامب أن يهاجم بشكل مباشر الأشخاص المتورطين في التحقيق معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل مهمة وزارة العدل في إخفاء الأسماء شبه مستحيلة، وفق الصحيفة.
"ردع أي عنف محتمل"
في 17 أغسطس/ أب الماضي، سمع مسؤولو وزارة العدل شائعات مفادها بأنّ مراسلي شبكة "سي أن أن" سيصدرون لقطات مصورة حصلوا عليها من ترامب تظهر عملاء يبحثون في منزل ترامب في مارآلاغو بفلوريدا.
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، في وقت سابق من هذا العام، فإنّ مسؤولين في وزارة العدل حاولوا إقناع فريق ترامب و"سي أن أن" بمخاطر السلامة المتعلقة بنشر الفيديو دون تعتيم الوجوه، وهذه الرسائل وفقاً للصحيفة، تظهر حالة التوتر السائدة بسبب تصاعد التهديدات.
بعد هذه المناقشات، كتب أحد موظفي وزارة العدل في رسالة بريد إلكتروني أخرى، أنّه تبين أنّ شبكة "سي أن أن" لم يكن لديها اللقطات في الواقع، ولم يجر نشر أي مقطع فيديو من هذا القبيل.
ويؤكد الخبراء الذين يراقبون لوحات الرسائل عبر الإنترنت التي يستخدمها اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، أنّه على الرغم من أنّ التهديدات العامة ليست حالياً بالمستويات العالية التي جرت تجربتها بعد حادثة مارآلاغو، فإنّ السلطات يجب أن تواصل الضغط بقوة من أجل مثول ترامب أمام المحكمة، وذلك لـ"ردع أي عنف محتمل".
وأضاف الخبراء أنّ "العديد من المتطرفين أصبحوا أكثر حذراً بشأن اتخاذ أي خطوات شبيهة، وهذا بسبب محاكمة ما يزيد عن ألف شخص اقتحموا مبنى الكابيتول في عام 2021".
ترامب أحرق صورة مؤيديه
تقول الباحثة في العنف السياسي، راشيل كلاينفيلد، إنّ "ترامب أحرق صورة مؤيديه"، ذلك لأنهم "شعروا بأنّه لم يكن داعماً بما فيه الكفاية لأولئك الذين جرى اعتقالهم في 6 يناير/ كانون الثاني".
قبل ظهور ترامب لأول مرة في محكمة ميامي، حاولت السلطات ردع أي تهديدات عبر الإنترنت، وكثفت حضورها في الشارع خوفاً من أنّ يؤدي تجمع المتطرفين اليمينيين إلى احتجاجات عنيفة محتملة، لكن مجموعة المتظاهرين كانت صغيرة نسبياً، وكان عدد أفراد الأمن والصحافيين يتجاوزهم.
تعليقاً على هذه الحادثة، قال الباحث في مركز أبحاث مكافحة التطرف جاريد هولت، للصحيفة إنّها "مخاطرة كبيرة بالنسبة لهم أن يذهبوا إلى الشوارع.. في كل مرة يفعلون ذلك، كان هناك جنون إعلامي ضخم ووجود هائل للشرطة".
وفي مؤتمر قضائي، الأسبوع الماضي، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، كريستوفر راي، إنّ الهجمات على وزارة العدل بسبب قرارات الاتهام "ليست صحية" و"غير مثمرة".
وأضاف: "سأنام جيداً في الليل إذا جرى تقليل الرؤوس المتكلمة (...) سيحصل هذا إذا كنا قادرين على أن نكون موضوعيين وصارمين في التحقيق نفسه".