أكدت هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس، في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، اليوم الأربعاء، أنّ وتيرة التنكيل بالموقوفين تتصاعد خاصة خلال اليومين الأخيرين، فيما اتهمت الرئيس قيس سعيّد بإدارة الملف ومتابعته.
وبحسب الهيئة، فإنّ المعتقلين وخاصة الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والناشط السياسي خيام التركي، وعضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك، يتعرضون للإهانة، عدا عن نقلهم إلى غرف رديئة مليئة بالحشرات ودون مرافق صحية.
وبينت الهيئة، في مؤتمر صحافي، أنها بصدد الدفاع عن 8 شخصيات في هذه القضية من إجمالي 10، وهي شخصيات ديمقراطية وحقوقية وأمناء أحزاب ونواب ووزراء سابقون، وقد عرفوا جميعاً بمواقفهم النضالية المدافعة عن الحقوق والحريات ومبادئ الديمقراطية المعلنة أمام الجميع.
وقال عضو هيئة الدفاع المحامي العياشي الهمامي إنّ هذه "القضية سياسية ناتجة عن طبيعة السلطة السياسية، فالرئيس سعيّد يدير البلاد بمنطق التخوين والتحريض"، وتابع: "منذ استيلائه على كل السلط واحتداد الأزمة، لجأ سعيّد إلى افتعال ملف سياسي مفضوح، فجل الموقفين نشطاء سياسيون معتدلون وخطابهم يعتمد على التنافس السياسي".
وأشار إلى أنّ "رئيس الدولة يتابع الملف بشكل دقيق ويديره بنفسه.. هذا واضح للجميع من خلال الفيديوهات التي تنشرها صفحات الرئاسة".
وقال الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "القضية سياسية واضحة، اختلقتها السلطة من لا شيء لتصفية المعارضة في ظل الفشل في إدارة الأزمة، وفيها يتم تهديد القضاة بالتصريح بأنّ من يبرئهم شريك لهم، وهذا يعني أنه لا تتوفر شروط المحاكمة العادلة".
وأوضح الهمامي أنّ "المعتقلين موقوفون منذ شهر وتم اليوم تقديم طلب إفراج"، مبينّاً أنه "ليس هناك أي جديد يبرر به القضاء مواصلة إيقافهم، ولا وجود لأي بداية دليل على تآمر على أمن الدولة".
وأفاد بأنّ "ظروف الإيقاف سيئة ويتم التنكيل بالموقوفين"، مؤكداً تواصل الهيئة مع منظمات حقوقية وهيئة الوقاية من التعذيب لزيارتهم والاطلاع على ظروفهم.
من جانبها، قالت المحامية وشقيقة عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك دليلة مصدق إنّ "هيئة الدفاع تتكون من نحو 40 محامياً، وانطلاق القضية لم يكن بناء على وثائق ومؤيدات قيمة وثابتة بإمكانية وجود مؤامرة بل بمجرد ورقة بيضاء، بدأت بإيقاف الناشط السياسي خيام التركي وعدة شخصيات"، مشيرة إلى أن "ما حصل في هذه القضية غريب لا يشبه ما يحصل في جل القضايا".
وتابعت "لم يتم توجيه أي اتهام في البداية لأي شخص، لأن الملف فارغ وكانوا يبحثون عن تهمة لهم على أمل أن يجدوا محجوزات أو وثائق يبنون عليها الملف، وفي غياب ذلك، لجأوا إلى الشهادات من مخبرين مجهولين حيث برزت أول شهادة بعد الإيقاف بـ5 أيام".
وأكدت أنه "لا يمكن توجيه تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام دون مؤيدات أو إثبات"، مشيرة إلى أن تهم الاغتيال والتآمر لا أساس لها ولم يتم مواجهة أي من المتهمين بها، و"تحوّل الاستنطاق إلى حصص تعارف من قبيل هل تعرف فلانا، وتم الاعتماد على علاقات طبيعية بين سياسيين لتلفيق التهم ووصفها بالمؤامرة".
وقالت عضو هيئة الدفاع المحامية إسلام حمزة إن أعضاء الهيئة كانوا يأملون أن تتدخل النيابة وتوضح للرأي العام وجهة نظرها ليكون هناك الرأي والرأي الآخر، وليفندوا ما ورد، و"لكن لا حياة لمن تنادي للنيابة".
وبينت أنه "خلال استنطاق المعتقلين بتهم الإرهاب والتآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق وعدة تهم خطيرة، لم توجه لهم سوى مجرد أسئلة لا علاقة لها بالتهم"، مبينة أنه "تم الانطلاق بالناشط السياسي خيام التركي فقط لأنه صاحب جمعية جسور التي تكونت في 2015، والتي لها عدة علاقات بحكم أن التركي عاش خارج تونس".
وقالت عضو هيئة الدفاع المحامية لمياء الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد شهر من الإيقاف تغيرت معاملة الموقوفين داخل السجن، وجرت في البداية محاولة تغيير الغرف وتغيرت المعاملة وهو ما يعتبر محاولة للتنكيل بهم".
وأوضحت أنّ "هناك معايير لاحترام الحد الأدنى من حقوق الإنسان في السجون، وهناك تصنيفات داخل السجن وفي وضع المساجين، حيث لا يتم وضع من لم يحكم عليه بعد مع مجرمين خطيرين"، مؤكدة أن "هناك نزلاء في جرائم قتل موجودون مع المعتقلين السياسيين".