هوكشتاين يحذر من خطورة التصعيد بين لبنان وإسرائيل: نريد حلولاً حاسمة

18 يونيو 2024
عاموس هوكشتاين خلال لقائه بري اليوم (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في زيارة إلى بيروت، حذر عاموس هوكشتاين من التوتر بين لبنان وإسرائيل، مؤكدًا على ضرورة حلول جذرية لتجنب التصعيد. التقى بكبار المسؤولين اللبنانيين لمناقشة الوضع الأمني والسياسي، حيث أكدوا على رفض التصعيد.
- هوكشتاين ناقش مقترح صفقة من بايدن لإنهاء النزاع وأهمية وقف إطلاق النار في غزة كخطوة لتحقيق الاستقرار، مشيرًا إلى الخسائر الناجمة عن النزاع المستمر.
- حزب الله شدد على وقف الحرب في غزة كشرط لأي تغيير في لبنان، بينما أعرب مصدر بالسفارة الأميركية عن سعي الولايات المتحدة لحل دبلوماسي يحقق الاستقرار، مؤكدًا على أهمية القرار 1701 ودعم الجيش اللبناني.

وجّه حزب الله رسائل استباقية إلى الأميركيين بلسان مسؤوليه

لم تنجح جولات ومشاورات هوكشتاين حتى السّاعة في تخفيف الصراع

فضل الله: فكرة المنطقة العازلة أوهام تراود قادة العدو

حذر كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة والاستثمار عاموس هوكشتاين من بيروت، اليوم الثلاثاء، من أنّ "الوضع بين لبنان وإسرائيل يمرّ بأوقات صعبة ونريد حلولاً حاسمة"، وذلك ضمن جولة لقاءات جمعته برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون.

وأدلى هوكشتاين بعد لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال بتصريحٍ مقتضبٍ وزّعه المكتب الإعلامي لميقاتي، وقال فيه: "كالعادة أجريت مناقشات جيّدة مع رئيس الوزراء. نحن نمرّ بأوقاتٍ خطيرة ولحظاتٍ حرجة ونحن نعمل معاً لنحاول أن نجد الطرق للوصول إلى مكان نمنع فيه المزيد من التصعيد".

بدوره صرّح ميقاتي بأن "لبنان لا يسعى للتصعيد، والمطلوب وقف العدوان الاسرائيلي المستمر والعودة إلى الهدوء والاستقرار عند الحدود الجنوبية". وأضاف: "إننا نواصل السعي لوقف التصعيد واستتباب الأمن والاستقرار ووقف الخروقات المستمرة للسيادة اللبنانية وأعمال القتل والتدمير الممنهج التي ترتكبها اسرائيل"، مشدداً على أنّ "التهديدات الإسرائيلية المستمرّة للبنان، لن تثنينا عن مواصلة البحث لإرساء التهدئة، وهو الأمر الذي يشكّل أولوية لدينا ولدى كلّ أصدقاء لبنان".

والتقى هوكشتاين قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، العائد من الولايات المتحدة بعد جولةٍ وصفها مصدر مقرّب من قيادة الجيش لـ"العربي الجديد" بالجيدة والإيجابية، والتي حصل خلالها على تأكيدات أميركية باستمرار دعم المؤسسة العسكرية في لبنان، والوقوف إلى جانبها في هذه الظروف الدقيقة، والثناء على دورها في هذه المرحلة.

هوكشتاين بعد لقائه بري: وقف إطلاق النار في غزة يفتح المجال للحلول الدبلوماسية

وقبل ذلك، قال هوكشتاين، في تصريح له بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، إنّ "مقترح الصفقة الذي قدّمه الرئيس الأميركي جو بايدن والموضوع على الطاولة الآن في ما يتعلّق بغزة من شأنه أن يمنح فرصة لوضع حدّ للنزاع على طول الخط الأزرق".

ولفت هوكشتاين إلى أنّنا "نمرّ بأوقات عصيبة في هذه العطلة، وطلب مني الرئيس بايدن المجيء إلى لبنان، وتحدثت مع بري، والحديث كان جيداً، وبحثنا الوضع السياسي والأمني في لبنان والصفقة الموضوعة على الطاولة، بما يتعلق بغزة"، مشيراً إلى أنّ "وقف إطلاق النار في غزة ينهي الحرب ويفتح المجال للحلول الدبلوماسية، ما يضع حدّاً أيضاً للنزاع على طول الخط الأزرق، ويوفر الظرف للنازحين بالعودة إلى الجنوب اللبناني، والمدنيين الإسرائيليين بالعودة في الشمال".

وأضاف الوسيط الأميركي: "النزاع على طول الخط الأزرق استمرّ بما يكفي، الأبرياء يموتون، الممتلكات تتدمّر والعائلات تتشرّد والاقتصاد اللبناني ينحدر ويتابع انحداره، والبلاد تعاني بلا سبب وجيه، ومن مصلحة الجميع حلّ ذلك بسرعة وبطريقة دبلوماسية وهذا ممكنٌ وملحٌّ وطارئٌ".

كذلك، قال هوكشتاين إنّ "المحادثات التي أجريتها اليوم في بيروت وأمس في إسرائيل ترتبط بجدية الوضع، وقد رأينا تصعيداً في الأسابيع الأخيرة، وما يريده بايدن تجنّب أي تصعيد إضافي. 

ويشير مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "اللقاء مع هوكشتاين كان كما وصفه الوسيط الأميركي جيّداً، والمباحثات تطرقت إلى الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان والمنطقة". كذلك، يقول المصدر في معرض التعليق على التهديدات الإسرائيلية، وإذا ما كان نقلها هوكشتاين إلى بري، إنّ "مسألة التهديدات ليست موجودة باللغة الدبلوماسية، وهي أصلاً تصدر عن مسؤولين إسرائيليين يومياً، وحزب الله يردّ بدوره بإعلان الجهوزية لأي احتمال، وبمفاجآت عسكرية بحوزته، لكن لبنان لا يريد الحرب ولا يسعى إلى التصعيد".

ويلفت المصدر إلى أنّه "لم يُحكَ بانسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، هذا طرحٌ إسرائيلي، ولن يكون مطروحاً بأي صيغة حلّ". ويشير المصدر أيضاً لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هوكشتاين كان يعمل على صيغة حلّ بين لبنان وإسرائيل في موضوع منع تمدّد الحرب، قبل أن يطرأ مقترح بايدن، الذي على حدّ تعبير الوسيط الأميركي من شأنه أن يؤسس وينهي الحرب في غزة، ويمتدّ تلقائياً إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وإذا ما تيسّر الأمر، فهو يدرس إمكانية أن يحصل خرق في موضوع التهدئة على طول الخط الأزرق، قد يكون مثلاً تطبيقاً كاملاً للقرار 1701، والتهدئة، ليُحكى لاحقاً في النقاط العالقة، منها الملف البري"، مشدداً في المقابل، على أنّ "حجر الزاوية يبقى الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة".

ومن أجواء اللقاء، يضيف المصدر أن "هوكشتاين شرح لبري أهمية مقترح بايدن الذي على حركة حماس أن تقبل به لوقف إطلاق النار في غزة، وانسحاب ذلك لبنانياً". من ناحية ثانية، وحول ما إذا كانت هناك مفاوضات غير مباشرة بين هوكشتاين وحزب الله، عبْر الرئيس نبيه بري، يقول المصدر: "الوسيط الأميركي طبعاً لا يلتقي حزب الله، لكن أجواء المشاورات والمواقف والردود يجري نقلها من خلال بري وعبره إلى الطرفين، كما حصل إبان مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وهذا ليس خفياً على أحد".

من جهته، يقول مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، إنّ "هوكشتاين يسعى مع شركاء الولايات المتحدة للتوصل إلى حلّ دبلوماسي يوقف إطلاق النار على الحدود، إذ إن هناك قلقاً جدّياً من توسّع رقعة المواجهات، التي ستؤثر بالمنطقة ككلّ في حال حصولها"، مشدداً على أنّ "الولايات المتحدة يهمّها استقرار لبنان، وتجهد في سبيل تحقيق ذلك، ومبادرتها للتهدئة لا تزال قائمة، وهي تحث المسؤولين اللبنانيين على ضرورة العمل من أجل منع التصعيد، والتركيز أيضاً على إتمام الاستحقاقات الأساسية في البلاد والمطلوبة في الظرف الراهن الدقيق، على رأسها انتخاب رئيس للجمهورية".

ويلفت المصدر إلى أنّ "الأولوية تبقى لوقف إطلاق النار في غزة، ولبنان، بما يسمح بعودة النازحين، لتنشط بعد ذلك المفاوضات لبحث الملف البري والنقاط المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل بما يحفظ الاستقرار ويثبته للمدى الطويل"، مشيراً إلى أنّ "التزام القرار 1701 ضروري، رغم أنه صعب الآن، وقد تكون هناك إعادة نظر به، ولكن من المهمّ أولاً وقف العمليات الحربية على طول الخط الأزرق، ومن ثم التطرق إلى ملفات أخرى بغاية الأهمية، منها أيضاً دعم المؤسسة العسكرية وتعزيز انتشارها على الحدود بما يحفظ الاستقرار أيضاً.

حزب الله: وقف حرب الإبادة في غزة وحده من شأنه التأثير على جبهة لبنان

في المقابل، أكد مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، أنّه "على الإدارة الأميركية وقف الحرب في غزة ولا تراجع إلى ما وراء الليطاني"، مشدداً على أنّ "وقف حرب الإبادة في غزة وحده من شأنه التأثير على جبهة لبنان، وكل جولات الموفدين خارج هذا الإطار لا فائدة منها"، وفق قوله.

ويجول هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين لاستكمال المشاورات حول سبل تجنّب التصعيد الشامل على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وتهدئة العمليات العسكرية على الجبهة، التي لا يزال حزب الله يتمسّك بربط مسارها ومصيرها بغزة، وذلك بعد يوم من زيارته إسرائيل.

وزار هوكشتاين بيروت في نوفمبر/ تشرين الثاني، ويناير/ كانون الثاني، ومارس/ آذار، بهدف الحثّ على الوصول إلى "حلٍّ دبلوماسي ينهي العمليات الحربية على الحدود بين لبنان وإسرائيل، ويسمح للنازحين من الطرفين بالعودة إلى منازلهم"، وفق ما أكد المبعوث الأميركي بأكثر من تصريحٍ له، إلى جانب بحث مسألة ترسيم الحدود البرية، مع تقديمه في هذا الإطار جملة اقتراحات اصطدمت بعض بنودها بتحفظ لبنان، ومن خلفه حزب الله، خصوصاً في ما يتعلّق بالشرط الإسرائيلي بسحب مقاتليه كيلومترات بعيداً عن الحدود.

وعشية زيارة هوكشتاين لبيروت، وجّه حزب الله رسائل استباقية إلى الأميركيين، بلسان مسؤوليه، بينهم النائب حسن فضل الله، الذي أكد أن "فكرة المنطقة العازلة أوهام تراود قادة العدو، وليست موضوعاً للنقاش"، وكرّر التأكيد أنّ جبهة لبنان لن تتوقف إلا بعد وقف الحرب على غزة.

وشدّد فضل الله على أنّ "المقاومة في لبنان لا تخضع للتهديد، وهي مستعدة لكل الاحتمالات"، و"المطلوب من الإدارة الأميركية أمرٌ واحدٌ، هو وقف الحرب على غزة، لأن القرار بيدها لو كانت جادّة"، مؤكداً أنّ "العدو لن يحصل على مكاسب سياسية من خلال تهديداته، وهو في مأزق حقيقي يتخبط به ‌‏نتنياهو وجيشه، وإذا أرادت الإدارة الأميركية إخراجه منه، فليس هناك إلا طريق واحد هو وقف الحرب، ‏والمقاومة في لبنان وفلسطين لن تقدم مكافآت لتنتشل تلك الإدارة ونتنياهو من ورطته، وما يعجز عنه العدو في ‏الميدان، لن يحصل عليه بالسياسة".

ولم تنجح جولات هوكشتاين ومشاوراته حتى السّاعة في تخفيف الصراع بين حزب الله وجيش الاحتلال، أو إعطاء أي ضمانات بعدم قيام عدوان شامل على لبنان، في حين أنّ المخاوف لا تزال قائمة من سيناريو الحرب، خصوصاً أنّ المواجهات تأخذ مساراً متطوّراً في الآونة الأخيرة، ولا سيما من حيث نوعية الأسلحة المستخدمة والأهداف المختارة، مع كشف حزب الله أكثر عن ترسانته وقدراته العسكرية، وتكثيف جيش الاحتلال اغتياله عناصر وقادة من محور المقاومة، ورفع منسوب استهدافه للمدنيين، بينهم أطفال ونساء، بغضّ النظر عن التهدئة "المؤقتة" التي خيّمت لساعاتٍ مع عيد الأضحى.

المساهمون