هل يوحّد سعيّد معارضيه؟

هل يوحّد سعيّد معارضيه؟

23 يناير 2023
من تظاهرة جبهة الخلاص ضد سعيّد في 14 يناير الحالي (Getty)
+ الخط -

أثارت عملية القبض على المحامي التونسي سيف الدين مخلوف، بسبب أحكام بالسجن من المحكمة العسكرية طاولته هو ومجموعة من رفاقه في "ائتلاف الكرامة"، حملات تضامن كبيرة في تونس، رفضاً للمحاكمات العسكرية مبدئياً، وتنديدا بالحكم مرتين على الفعل نفسه، من محكمة عسكرية وأخرى مدنية.

وجاءت حملات التضامن من هيئات المحامين والحقوقيين والعديد من السياسيين، وسَمَا أكثرها فوق الخلافات السياسية مع "ائتلاف الكرامة"، بما يعني أن الغشاوة، غشاوة الكره الأيديولوجي الأعمى، بدأت تنجلي عن أكثر المواقف السياسية التي دمرت تونس خلال الفترة الأخيرة.

وجاءت هذه المواقف منتصرة لحقوق الإنسان، بما يعكس تطوراً، ولو متأخراً، في الوعي بحجم الخراب الذي ينتظر تونس إذا لم تحدث استفاقة سريعة في صفوف النخب السياسية والفكرية، وتنقذ ما يمكن إنقاذه. فوتيرة الملاحقات القضائية ارتفعت بشكل مخيف، وكأن السلطة في سباق محموم مع الزمن لإخراس أكثر ما يمكن من الأصوات قبل استفحال المقاومة، وربما، أن ما يغضبها، تقارب بين المختلفين، الذين طالما هاجمهم الرئيس قيس سعيّد، ووصفهم حتى بالأوس والخزرج.

ولا يبدو التقاء هؤلاء قريباً، على الرغم من أن حواجز كثيرة تم تجاوزها، ولكن سعيّد هو وحده من سيجمعهم، وقد يعجّل في ذلك، إذا توضّح رفضه لمبادرة اتحاد الشغل والمنظمات المدنية.

منذ أيام قال سعيّد، في اجتماع مع بعض وزرائه، إن "الشعب التونسي وحده هو القادر على تشخيص كل الأوضاع وقد شخّصها فعلاً، وهو القادر وحده على تحديد وصفات الدواء لمواجهة كل التحديات"، بما فُهِم من بعض المراقبين بأنها رسالة موجّهة لاتحاد الشغل أساساً بعد خطاب أمينه العام، نور الدين الطبوبي، الذي رفض فيه بوضوح حكم الفرد وضرب الحقوق.

وعلّق البعض على كلام سعيّد بأن الشعب فعلاً شخّص الأوضاع، ولذلك لم يذهب إلى التصويت يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولكنهم تناسوا أن الرئيس يعتبر أن الـ11 في المائة الذين صوّتوا أفضل من 90 في المائة في انتخابات أخرى.

ولكن الصراع الحقيقي، يجري في الشارع، حيث كانت مسيرة 14 يناير/كانون الثاني رسالة واضحة على تصاعد شعبية جبهة الخلاص المعارضة، ولذلك تلاحق السلطة أغلب شخصيات هذه الجبهة في تصعيد غير مسبوق.

ومساء الجمعة، عندما تم اعتقال سيف الدين مخلوف من بيته، كان الشارع خالياً في تلك الليلة الباردة، إلا من ثلاثة أصوات كانت تنادي وحدها يسقط الانقلاب، ويتردد صداها في ذلك الحي الصامت، أصوات سميرة الشواشي نائبة رئيس البرلمان المنحل، وشيماء عيسى عضو جبهة الخلاص، والمحامية إيناس الحراك. كانت أصوات نساء الحرية دليلاً على أن جذوة المقاومة لم تنطفئ بعد، وأن نَفَس الديمقراطية لا يزال ينبض في هذا البلد.