على الرغم من أن القرار العربي والإسلامي، في القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض أول من أمس السبت، نص صراحة على "كسر الحصار"، إلا أن المنفذ الوحيد تقريباً الذي يمد قطاع غزة باحتياجاته الأساسية من غذاء ووقود ومستلزمات أخرى، وهو معبر رفح البري، لا يزال معطلاً حتى الآن. ولا يمر منه سوى عدد قليل جداً من الشاحنات بالتنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
ونص البند السادس من القرار على "كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
قرار القمة العربية الإسلامية من دون آليات تنفيذ
وبالتالي، فإن تساؤلات تُطرح حول قيمة القرار العربي والإسلامي. وفي الإجابة عنها، قال أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية محمد محمود مهران، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه على "الرغم من أن البيان الختامي للقمة تضمن عدة نقاط إيجابية كإدانة العدوان والمطالبة بفتح تحقيق دولي وكسر الحصار، إلا أنه افتقر إلى آليات تنفيذية لتلك المطالب".
واعتبر أن البيان "لم يرقَ إلى مستوى التحدي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، حيث كنا نأمل أن تتخذ القمة قرارات أكثر جرأة، مثل قطع العلاقات مع إسرائيل"، مضيفاً أنه كان "الأجدر بالقمة اتخاذ قرارات أكثر فاعلية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني".
مهران: حان الوقت لتحرك جاد من الدول العربية والإسلامية لفرض إرادتها على المجتمع الدولي
ودعا مهران "المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته الأخلاقية والقانونية لحماية المدنيين في غزة، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها أمام المحكمة الجنائية الدولية"، لافتاً إلى أن "الصمت على هذه المجازر يعني الاشتراك في ارتكابها".
وأضاف أنه "حان الوقت لتحرك عملي وجاد من الدول العربية والإسلامية لفرض إرادتها الجماعية على المجتمع الدولي، وإنهاء الجرائم الإسرائيلية المستمرة منذ عقود ضد شعبنا الفلسطيني الشقيق".
من جهته، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مصر تفتح معبر رفح من جانبها طوال الوقت لمرور المساعدات الإنسانية والجرحى الفلسطينيين، ولكن العقبات تكون من جانب إسرائيل".
إسرائيل تعرقل عبور المساعدات إلى غزة
وأشار إلى أن الأخيرة "تصر على تفتيش محتويات كل شاحنة عند معبر العوجة (بين مصر وإسرائيل) ثم إعادتها إلى معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ما يضيع وقتاً طويلاً ويعرقل دخول المساعدات". كما تصر إسرائيل أيضاً "على الاطلاع على بطاقات هوية الجرحى الفلسطينيين ومن يرافقونهم قبل السماح لهم بالمرور إلى مصر، للتأكد من أنهم لا ينتمون إلى حركة حماس".
حسن: إشراك المنظمات الدولية جاء للتقليل من العرقلة الإسرائيلية لدخول المساعدات إلى غزة
وحول الهدف من مشاركة منظمات دولية في إدخال المساعدات إلى القطاع، كما نص القرار، أوضح حسن أنه يأتي "لتخفيف كل هذه التعقيدات الإسرائيلية وطمأنة إسرائيل على سلامة الإجراءات". ورأى أن "إشراك هذه المنظمات جاء أساساً بهدف التقليل من العرقلة الإسرائيلية لوصول المساعدات الإنسانية وخروج المصابين الفلسطينيين للعلاج، سواء في مصر أو خارجها".
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي المصري محمد سيد أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مخرجات القمة "لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، لأن وقف العدوان الصهيوني على غزة لن يتحقق عبر التنديد والشجب والإدانة". وأضاف أن "مرور المساعدات الإنسانية عبر المعابر فوراً لن يحصل عبر مناشدة العدو الصهيوني والمجتمع الدولي المزعوم"، كما أن "نقل الصورة الحية لإبادة الشعب الفلسطيني عبر وسائل الإعلام لن يوقف الآلة العسكرية للعدو".
واعتبر أحمد أن "المطالبة العاجزة بحل الدولتين عبر عملية سلام لن ينفذه العدو الصهيوني أصلاً، لأنه لا يعترف بالسلام ولا يعترف بحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وبالتالي، لا حل في مواجهة هذا العدو إلا المقاومة المسلحة".
ثقل دبلوماسي لقرار الدول العربية والإسلامية
أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة سعيد صادق قال، لـ"العربي الجديد"، إن "قرارات قمة الرياض تمثل 57 دولة عربية وإسلامية، أي كما قال الأمين العام للجامعة العربية (أحمد أبو الغيط) ربع أعضاء الأمم المتحدة، ما يجعل قراراتها ذات ثقل دبلوماسي".
ولفت إلى أن "إرسال مساعدات دولية عبر رفح وضربها من قبل إسرائيل سيكرسان العداء والتوتر ويصعّدان في قطع العلاقات بين إسرائيل وتلك الدول".
صادق: قطع العلاقات مع إسرائيل يتماشى مع القانون الدولي
فقطع العلاقات، بحسب صادق، "يتماشى مع القانون الدولي الإنساني، بعكس هجمات إسرائيل، التي تحرج مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة، وتزيد من عزلة واشنطن الدولية دبلوماسياً، وستصبح هي وتل أبيب ضد العالم كله".
وذكّر بأن "قرار القمة العربية والإسلامية يتماشى مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أدان إسرائيل وشدد على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات".
في غضون ذلك، توجّه، أمس، وفد إعلامي تابع لـ"الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" المملوكة لجهاز المخابرات العامة المصرية إلى معبر رفح، ترافقه شخصيات عامة، لمتابعة قافلة إغاثية أطلقتها الشركة لدعم الفلسطينيين، وهي عبارة عن 6 شاحنات محملة بـ150 طناً من المواد الغذائية والمياه.
وكانت الهيئة العامة للمعابر والحدود في غزة أعلنت، أمس، إعادة فتح معبر رفح أمام حاملي جوازات السفر الأجنبية. وقالت مصادر أمنية مصرية ومسؤول فلسطيني، في تصريحات صحافية، إن "عمليات الإجلاء من قطاع غزة إلى مصر بالنسبة للأجانب والفلسطينيين الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل توقفت الجمعة الماضي، بسبب مشكلات في نقل المرضى المشمولين بالإجلاء من داخل غزة إلى رفح".
وأضافت أن "عمليات الإجلاء المحدودة عبر المعبر قد استؤنفت بعد إغلاقه، بسبب ما وصفته وزارة الخارجية الأميركية بظروف أمنية غير محددة".