هل ينعش رحيل الملكة إليزابيث تطلّعات اسكتلندا الاستقلالية؟

12 سبتمبر 2022
يقيم الملك الجديد علاقة خاصة مع اسكتلندا (Getty)
+ الخط -

مع أنّ وفاة الملكة إليزابيث الثانية عززت من العلاقة بين تاريخ منطقة اسكتلندا والملكة الراحلة، إلا أنها في الوقت نفسه جددت أيضاً النقاش المحتدم حول استقلال هذه المقاطعة البريطانية.

في العاصمة الاسكتلندية، إدنبره، حيث وصل نعش إليزابيث الثانية الأحد، نصبت حواجز حديد لاحتواء الحشود التي أتت لإلقاء تحية أخيرة على الملكة الراحلة، فيما رفعت صور إليزابيث الثانية في كل أرجاء العاصمة من واجهات المتاجر إلى الألواح الإعلامية.

أرتشي نيكول البالغ من العمر 67 عاماً، أتى من كينتوره في شمال اسكتلندا إلى بالمورال تكريماً للملكة التي يعتبرها أحد أُسس المملكة المتحدة، ومن العوامل التي ساهمت في المحافظة على وحدة البلاد في وجه الحملات الاستقلالية الاسكتلندية.

لكن هل سينجح الملك تشارلز الثالث، الذي لا يتمتع بشعبية والدته الواسعة، في تجسيد هذه الشخصية الضامنة وحدة الأمة؟ يشكك بعض المعلقين السياسيين والخبراء في ذلك، معتبرين أن فترة الحداد قد تؤدي إلى تراجع في العلاقات المشدودة أصلاً.

في هذا السياق، يقول خبير القانون وأستاذ القانون الدستوري، آدم تومكينز، لصحيفة "ذي هيرالد"، "انتقال التاج مرحلة تتسم بالهشاشة"، في حين تزداد الحركة الاستقلالية في اسكتلندا زخماً في السنوات الأخيرة.

الاتحاد في خطر

وازدادت شعبية الحزب الوطني الاسكتلندي المنادي بالاستقلال والحاكم منذ 2007 في اسكتلندا بعد البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) إذ إن هذه المقاطعة البريطانية صوّتت بنسبة 62% للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.

ورغم رفض الحكومة البريطانية المتكرر، أعلنت رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجن، نهاية يونيو/ حزيران أنها تريد تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال في 19 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023، وستبحث المحكمة العليا البريطانية في هذا القرار في 11و12 من الشهر نفسه.

كما أنه كان قد سبق وأجري استفتاء حول هذه المسألة في عام 2014 وقد اختار 55% من الناخبين الاسكتلنديين البقاء ضمن المملكة المتحدة، إلا أنّ الحزب الوطني الاسكتلندي يرى أنّ المعطيات تغيرت، ووفاة الملكة التي كانت رمزاً للاستمرارية قد توفر للاسكتلنديين سبباً آخر لتأييد الاستقلال.

وقال الصحافي، اندرو نيل، في صحيفة "ديلي ميل"، "الاتحاد (بين اسكتلندا وبقية المملكة المتحدة) هو على الأرجح في خطر أكبر الآن مع رحيلها، الملك تشارلز يحب اسكتلندا مثل الملكة، لكنه لا يملك سلطتها بكل بساطة".

ورأى الصحافي الاسكتلندي، أليكس ماسي، في صحيفة "ذا تايمز" أن "بعض الاسكتلنديين يعتبرون أن نهاية هذه الحقبة تشكّل فرصة طبيعية لانطلاقة جديدة".

ملكة الاسكتلنديين

رغم ميله الاستقلالي، لا يدعو الحزب الوطني الاسكتلندي بالضرورة إلى قطيعة تامة مع العائلة الملكية،  فقد سارعت ستورجن الخميس إلى التقدم بـ"أصدق التعازي" عند إعلان وفاة الملكة، مشيدة بحياة "التفاني والخدمة الرائعة" التي قدمتها.

واستحدث مؤسس الحزب ورئيس الوزراء الاسكتلندي السابق، اليكس سامند، عبارة "ملكة الاسكتلنديين"، وهو الذي كان قد أقام روابط وثيقة مع تشارلز عندما كان أميراً.

ويقيم الملك الجديد علاقة خاصة مع اسكتلندا، إلى جانب ميله لارتداء التنورة الاسكتلندية، وأمضى تشارلز الثالث جزءاً من مراهقته في مدرسة داخلية شديدة الصرامة في المقاطعة.

ورأت بعض الصحف المحلية مثل "ديلي ريكورد" أن التزامه المعروف بالقضايا البيئية يشكل فرصة لاسكتلندا، آملاً في أنّ يدفع العاهل الجديد المقاطعة إلى التخلي عن مناجم الفحم وماضيها الصناعي لتصبح محركاً لمصادر الطاقة الخضراء.

إلا أن الاسكتلنديين يبقون "أكثر تحفظاً حيال آل ويندسور من الناخبين الإنكليز" بحسب ما أشار الصحافي، أليكس ماسي، داعياً نيكولا ستورجن إلى الإصغاء إلى "صوت الواجب" لتوفير "مستقبل جمهوري لاسكتلندا".

وأيد 45% منهم فقط النظام الملكي خلال استطلاع للرأي أجراه مركز الأبحاث "بريتش فيوتشر" في يونيو/ حزيران، كما أيد 36% الانتقال إلى نظام جمهوري، إلا أنّ هذه النتائج مع وفاة الملكة، قد تتغير كلياً.

(فرانس برس)