كشفت مصادر ليبية متطابقة عن قرب انتهاء ترتيبات واتصالات يجريها المجلس الرئاسي الليبي، لإصدار القاعدة الدستورية للانتخابات الوطنية المزمع عقدها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسط عجز الأجسام السياسية المنوط بها توضيح التشريعات اللازمة للانتخابات عن التوافق على إصدارها.
ووفقاً لمعلومات المصادر، التي تحدثت اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، فإن المجلس الرئاسي أجرى عدداً من الاتصالات مع شخصيات نافذة في المشهد السياسي الليبي ورؤساء أحزاب وعدد من منظمات المجتمع المدني في هذا الاتجاه، بالإضافة لتنسيقه المستمر مع الحكومة، واقترب من التوصل إلى اتفاق مع هذه الأطراف بشأن إمكانية إصداره القاعدة الدستورية بهدف إنقاذ العملية الانتخابية قبل نفاد الوقت.
وأشارت المصادر، إلى أن قادة المجلس الرئاسي سينتظرون نتائج الخلافات الدائرة بشأن الأطر الدستورية والقانونية القائمة بين مختلف الأجسام السياسية، وتحديد مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وملتقى الحوار السياسي، قبل أن يعلنوا عن قراراتهم الخاصة بالقاعدة الدستورية.
وأكدت المصادر أن المجلس الرئاسي تلقى رداً من المجلس الأعلى للقضاء في البلاد بشأن أحقيته في إصدار القوانين اللازمة للانتخابات، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء أجاز للمجلس الرئاسي إصدار تلك القوانين في حال عجزت السلطات المعنية عن إصدارها.
وفي مطلع يوليو/تموز الماضي، أشار عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إلى إمكانية أن يصدر المجلس الرئاسي "مرسوماً رئاسيّاً" حول القاعدة الدستورية اللازمة للانتخابات، وفرضه بـ"قوة القانون".
واتهم الكوني، في التصريحات ذاتها لقناة "بي بي سي" البريطانية، كل الأطراف في البلاد بعرقلة الوصول إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية.
إلا أنه أشار رغم ذلك، إلى أنه طرح فكرة إصدار المرسوم الرئاسي على المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء والبعثة الأممية في ليبيا، وأنها ستكون "خياراً أخيراً خشية أن يتسبب ذلك في مزيد من الفرقة بين الليبيين".
وبعد فشل ملتقى الحوار السياسي في التوافق حول قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، خلال عدد من اللقاءات آخرها يوم 11 أغسطس/آب الماضي، أعلن مجلس النواب عزمه إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة بشكل مباشر من الشعب وبشكل أحادي، ما أثار حفيظة المجلس الأعلى للدولة، الذي اعتبر الخطوة خرقاً لنصوص الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري التي تلزم مجلس النواب بضرورة التشاور معه لإصدار التشريعات اللازمة للانتخابات.
وارتفعت وتيرة الخلافات، في الأوساط الليبية، بعد إعلان المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب عبد الكريم المريمي، عن إحالة رئاسة المجلس نسخة من قانون انتخاب رئيس الدولة إلى المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية، بحسب تصريحات صحافية له الخميس الماضي، بالتزامن مع تجديد المجلس الأعلى للدولة موقفه الرافض لانفراد مجلس النواب بإصدار القانون دون التشاور معه.
وفي الأثناء، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبتيش، في إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن بشأن التطورات في ليبيا، ليلة الجمعة، أن "رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أبلغه أن قانون الانتخابات الرئاسية قد اعتُمد بالفعل"، وأشار إلى أن الانتخابات البرلمانية قد تجري بالاستناد إلى قانون الانتخابات البرلمانية الحالي مع احتمال إدخال تعديلات عليه في غضون الأسبوعين المقبلين.
وأثار تأكيد كوبيتش اعتماد رئاسة مجلس النواب لقانون انتخاب رئيس الدولة جدلاً جديداً، إذ عبر 22 عضواً في مجلس النواب عن استغرابهم من إعلان صالح اعتماد القانون من دون التصويت عليه.
وأكد النواب الموقعون على البيان أن "المجلس لم يصوت على مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة في أي جلسة من جلساته السابقة، ولم يصدر بشأنه أي قرار أو قانون، وأن ما حدث في الجلسات السابقة كان مناقشة القانون وإحالته إلى اللجنة التشريعية لإعداد صياغته النهائية للقانون للتصويت عليه، وهو ما لم يحدث".
وأبدى النواب الموقعون على البيان استغرابهم "من هذا التصرف المخالف للوائح والنظم المعمول بها، ويحمِّلون المسؤولية الكاملة لهيئة رئاسة مجلس النواب عن هذا الإجراء، باعتباره يتعارض مع الإعلان الدستوري الموقت وتعديلاته والاتفاق السياسي والنظام الداخلي لعمل المجلس"، وأكدوا أن اعتماد القانون من دون التصويت عليه "عرقلة للانتخابات التشريعية والرئاسية".
وكان مجلس النواب قد طرح مقترحاً لقانون انتخاب رئيس الجولة خلال جلسة عقدها مجلس النواب، يوم 17 أغسطس/آب الماضي، لمناقشة بنوده، واضطر خلالها إلى رفعها بسبب مشادات كلامية واشتباك بالأيدي بين النواب، لكن رئيس المجلس عقيلة صالح أعلن، في نهاية الجلسة، عن موافقة النواب بالأغلبية على مواده الخاصة بشروط الترشح لمنصب رئيس الدولة.
وعلى الرغم من أن رئاسة مجلس النواب أعلنت، خلال الجلسة، عن تأجيل استكمال مناقشة المواد الأخرى في القانون في جلسات لاحقة من دون أن تحددها، إلا أن المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبد الله بليحق، أعلن بعدها عن إحالة مشروع القانون إلى اللجنة التشريعية في المجلس لصياغته بشكل نهائي قبل طرحه أمام النواب للتصويت، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ويسمح القانون لمتصدري المشهد الليبي، سواء السياسيين أو العسكريين، بالترشح شرط التنازل عن مناصبهم قبل الانتخابات بثلاثة أشهر، من دون أي قيود أخرى تمنع مزدوجي الجنسيات من الترشح أو القادة العسكريين، كما أن نصوصه لا تشير بوضوح لأوضاع المطلوبين للعدالة في جرائم جنائية.