هل يمكن حلّ البرلمان التونسي بسبب استقالة بعض النواب؟

16 سبتمبر 2021
أستاذة قانون: حل البرلمان لا علاقة له باستقالة عدد من النواب من عضويته (Getty)
+ الخط -

تطرح في تونس هذه الأيام فرضيات قانونية ودستورية مختلفة بغرض الخروج من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها البلاد منذ يوم 25 يوليو/ تموز الماضي، عندما قرر الرئيس التونسي قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية تقضي بتعليق البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، وتجمع غالبية الآراء على أنها خروج على الدستور وانقلاب عليه.

ويردد الرئيس التونسي باستمرار أنه ليس من دعاة الفوضى ولا الانقلاب، وأنه سيظل محترما للدستور، وفي مقابل ذلك تتردد في تونس سيناريوهات متعددة وتصريحات متناقضة بشأن حل البرلمان أو الإبقاء عليه، وتشكيل حكومة جديدة تعرض أو لا تعرض لنيل الثقة. فيما يؤكد الرئيس نفسه أنه سيظل محترما للدستور، وأن الحل سيكون من داخله.

وأمام هذا الجمود والغموض، تسعى بعض الأحزاب الداعمة لسعيد إلى اقتراح مخارج قانونية لهذه الوضعية، من ذلك ما أعلنه "الحزب الدستوري الحرّ"، في بيان له منذ أيام، أنّه "وضع إمضاءات نواب كتلة الحزب على ذمة رئاسة الجمهورية لتسهيل أي آلية دستورية لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة في الآجال القانونية".

وعبّر الحزب عن "رفضه تفكيك الدولة والزج بها نحو المجهول".

وقدم نواب آخرون مبادرة جديدة، أمس الأربعاء، للتحاور مع الرئيس سعيد على كل المخارج، ومن بينها الاستقالات وحل البرلمان بالتالي. ولكن السؤال الذي يطرح الآن هو: هل تفضي الاستقالات فعلا إلى حل البرلمان قانونيا؟

الآلية الدستورية الوحيدة لحل البرلمان

 إلى ذلك، تؤكد أستاذة القانون الدستوري والمختصة في الشأن البرلماني، منى كريم الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "حل البرلمان لا علاقة له باستقالة عدد من النواب من عضويته، بل يرتبط بتحصيل الحكومة على الثقة من عدمها، وهي الآلية الدستورية الوحيدة التي تسمح لرئيس الجمهورية بحل البرلمان".

وتشير كريم الدريدي إلى أن "الدستور التونسي ينص على أنه يمكن لرئيس الدولة أن يحل البرلمان في حالتين: الحالة الأولى هي تلك التي اقتضاها الفصل 89 فقرة 4 من الدستور التي جاء فيها "إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول (للشخصية المكلفة بتشكيل الحكومة)، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حلّ مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما".

وتضيف أستاذة القانون الدستوري أن "الحالة الثانية هي التي اقتضاها الفصل 99 فقرة 2، وذلك في حال طلب رئيس الجمهورية من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89. وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما".

وبينت كريم الدريدي أن "القانون الانتخابي ينظم عملية سد الشغورات الحاصلة عند فقدان عضوية نواب الشعب، إما بالاستقالة أو الوفاة، أو غيرها من الحالات، وذلك من نفس القائمة الانتخابية التي ترشح عنها المستقيل، وإذا رفض أو امتنع تجرى دعوة الذي يليه حتى يتم استنفاد كامل القائمة الانتخابية المترشحة، فيتم اللجوء حينئذ إلى إجراء انتخابات جزئية جديدة حول ذلك المقعد أو عدد من المقاعد دون اللجوء إلى حل البرلمان".

وأكدت المتحدثة ذاتها أن لا حل دستوريا بهذا الخصوص.

وحول الفرضية التي يطرحها البعض بشأن استقالة عدد كبير من النواب، قالت كريم الدريدي إنه "في حالة استقالة ثلث النواب أو نصفهم مثلا، لا يعد البرلمان في حكم المحلول، بل يعتبر في حالة شلل، إذ أصبح عدد أعضائه أقل من الثلث".

وشددت على أن "هذا يمكن اعتباره سياسيا عاملا مساعدا، ولكن لا يحل محل السند الدستوري لحل البرلمان". وأشارت، في السياق نفسه، إلى أنه "في حالة حل البرلمان يجب إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها".

دلالات