هل يستجيب العراق لطلب تركيا ويعتبر "الكردستاني" منظمة إرهابية؟

هل يستجيب العراق لطلب تركيا ويعتبر "الكردستاني" منظمة إرهابية؟

22 مارس 2023
أنقرة تعتبر "العمال الكردستاني" تهديداً وجودياً (الأناضول)
+ الخط -

استطاع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، في أول أيام زيارته إلى العاصمة التركية أنقرة التي انطلقت أمس الثلاثاء، الحصول على زيادة إطلاقات المياه إلى نهر دجلة بمقدار الضعفين لمدة شهر واحد، فيما جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحديث عن حزب "العمال الكردستاني" كمنظمة "إرهابية"، وضرورة وقف التهديد الذي يشكله بالنسبة لتركيا.

وتحظى زيارة السوداني إلى أنقرة، التي تستمر حتى اليوم الأربعاء، بدعم سياسي كبير من القوى الفاعلة في بغداد، ويرافقه خلالها وفد وزاري وأمني كبير.

وشدد أردوغان خلال مباحثاته مع السوداني على جملة من الملفات، أبرزها "العمال الكردستاني" الذي تشدد بلاده على أنه يمثل خطراً على أمنها القومي ينطلق من العراق، وقال إن "هذه المنظمات تُشكل خطراً على البلدين"، داعيًا العراق إلى اعتبار حزب "العمال الكردستاني" منظمة إرهابية وطرد عناصره من الأراضي العراقية.

بدوره، رد السوداني بأن "العراق يلتزم بعدم السماح باستخدام أراضيه للاعتداء على تركيا"، وأنّ "أمن المنطقة واحد لا يتجزأ"، فيما رأى أنّ "حلّ مشاكل حزب العمال والمنظمات التي تحاربها تركيا داخل الأراضي العراقية يكمن بالتعاون الاستخباري، بعيدًا عن استخدام العنف وبما يحافظ أمن وسيادة العراق"، وفق بيانات رسمية.

وبشأن المياه، قال أردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك، إنّ "موضوع المياه ليس صراعًا، بل مجال تعاون يخدم مصالحنا المشتركة"، مبينًا أنّ الجانبين يمكنهما عبر "التعاون العقلاني التغلب على مشاكل المياه". وأعلن الرئيس التركي زيادة إطلاقات المياه نحو نهر الدجلة لمدة شهر في إطار اتفاق أولي لحلّ مشكلة المياه بين بغداد وأنقرة.

في السياق، قال مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، وهو محسوب على تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، إن "زيارة السوداني إلى أنقرة نجحت إلى حد كبير، وننتظر تطبيق الاتفاقيات والتفاهمات التي جرت على أرض الواقع".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تركيا ثبت أنها تعاني هي الأخرى من أزمة مناخية وبيئية أثرت على خزينتها المائية، بالتالي فهي أيضاً تريد الحفاظ على مياهها، لكن الدبلوماسية العراقية أوصلتها إلى تغذية العراق بالإطلاقات المائية لمدة شهر".

وتابع الفايز قائلا "ملف عناصر حزب العمال الكردستاني يحتاج إلى معالجات أمنية وجهود استخبارية، إذ لا يمكن قتالهم لأجل الحفاظ على المصالح التركية، وخصوصاً أن العمال الكردستاني ينشط في عدد من المناطق العراقية، وغالبيتهم لا يتوغلون إلى الأراضي التركية، بل إن القوات التركية هي التي تتجاوز على الحدود العراقية"، مؤكداً أن "اجتماعات مهمة سيعقدها السوداني مع القادة الأمنيين في سبيل بحث ملف العمال الكردستاني خلال الفترة المقبلة".

لكن عضوا آخر في البرلمان، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إن "العراق مضطر للتجاوب مع الطلبات التركية في ما يتعلق بملف حزب العمال الكردستاني لوجود مصالح كبيرة للعراق مع تركيا تجارية واقتصادية، وقبل ذلك موضوع المياه".

واعتبر أن "وقف تركيا المساعدة المائية المخصصة للعراق، يعني أن أمامنا صيف كارثي من ناحية الجفاف وخسائر فادحة، لذا فإن الحكومة مدركة أهمية التعاطي مع الطلبات التركية بجدية"، مرجحا أن تتحرك الحكومة العراقية لإنهاء نفوذ مسلحي "الكردستاني" في سنجار ومخمور، غرب نينوى، بالفترة المقبلة، استجابة للمخاوف التركية على أمنها.

بالمقابل، أشار المحلل السياسي أحمد الأبيض إلى أن "السوداني لن يستطيع التعامل مع ملف حزب العمال الكردستاني، ولا سيما أن العناصر المسلحة المنتشرة في جبال قنديل وسنجار وغيرها من المناطق على علاقة وثيقة بالفصائل المسلحة الموالية لإيران".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الالتزامات بين العراق ودول المنطقة عادة ما تنهار بسبب عدم التزام العراق بها"، معتبراً أن "الحاكم الفعلي هو الطرف الذي يريد مصلحة إيران".

يُشار إلى أن صعوبة إجراء تفاهمات بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي "العمال الكردستاني" في العراق تكمن بعوامل ميدانية وعسكرية عدة، أبرزها وجود عناصره بمناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان العراق، إلى جانب دعم يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خاصة في مناطق سنجار.

وتسبب وجود عناصر "العمال الكردستاني" بالأراضي العراقية بأضرار أمنية واقتصادية على البلد، وقد شهد إقليم كردستان العراق تراجعاً كبيراً بأعداد السياح بسبب تلك العناصر، فضلاً عن نزوح آلاف العائلات الكردية التي تضررت جراء تحركات الحزب والضربات التركية.