غادر الرئيس الأميركي جو بايدن واشنطن، الثلاثاء، تاركاً خلفه عاصفة ثلجية تعيث خراباً في شمال الولايات المتحدة، لإمضاء عطلة في الكاريبي حيث سيبتّ في قرار جدّ مرتقب للعام 2023... هل يترشّح للانتخابات الرئاسية في 2024؟
تعرض بايدن لانتقادات لاذعة الثلاثاء على قناة "فوكس نيوز" المحافظة، لأنه يتطلع "للاستمتاع بوقته، في حين أن الأميركيين يواجهون عاصفة ثلجية أودت بحياة 50 شخصاً على الأقلّ. وتوجّه الرئيس إلى جزر فيرجن الأميركية لإمضاء إجازة على الشاطئ في ختام سنة حافلة بالأحداث.
من الممكن أن تكون الأشهر الأخيرة عزّزت قناعة الرجل الذي بلغ عامه الثمانين أخيراً، في البقاء أربع سنوات إضافية في البيت الأبيض. فقد شهد النصف الأوّل من ولايته الرئاسية ذروة جائحة كوفيد-19، ثمّ اشتداد حدّتها، وانسحاباً مذلّاً من أفغانستان، وتضخّماً بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً، فضلاً عن تداعيات محاولات سلفه دونالد ترامب قلب النظام الديمقراطي الأميركي.
وفي العام 2022، حدّ حزبه من الأضرار، حتّى أنه كسب مقاعد في انتخابات منتصف الولاية، قبل اعتماد قانون يحمي زواج المثليين في ديسمبر/كانون الأول. أما أسعار الوقود في المحطات، فهي عادت إلى مستوياتها العادية تقريباً بعدما شهدت ارتفاعاً شديداً.
وعلى الصعيد الدولي، أدّى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تشكّل تحالف بقيادة الولايات المتحدة، ما زال متماسك الأركان، بعد أكثر من عشرة أشهر. وأخيراً، في سياق المنافسة المحتدمة مع بكين، جدّدت واشنطن التزامها إزاء حلفائها الآسيويين.
وفي المقابل، يشهد الجمهوريون في الكونغرس نوعاً من التخبّط، في وقت يستعدّون لاستعادة السيطرة على مجلس النواب في يناير/كانون الثاني من جهة، ويواجه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي ما زال الوجه الأبرز في الحزب، مشاكل قضائية متعدّدة من جهة أخرى.
وليس من المستغرب إذاً أن يحدو التفاؤل جو بايدن، بحسب ما بان في مقال نُشر على موقع "ياهو نيوز" الإخباري قبيل عيد الميلاد. وكتب الرئيس الأميركي "في وقت نجمع حصاد العام 2022 - ونتطلّع إلى ما ينتظرنا - لم أكن يوماً على هذا القدر الكبير من الثقة بما في وسع الشعب الأميركي والاقتصاد الأميركي إنجازه".
.@POTUS: "Americans have been through a tough few years, but I am optimistic about our country’s economic prospects."
— Karine Jean-Pierre (@PressSec) December 22, 2022
Read more here: https://t.co/7KApKJFWU0
مسألة العمر
في تاريخ الولايات المتحدة، يترشّح عادة الرؤساء الأميركيون لولاية ثانية، ويكسبون الاستحقاق في أغلب الأحيان. ثلاثة رؤساء لا غير أكملوا ولايتهم ولم يترشّحوا لأربعة أعوام إضافية في البيت الأبيض. أما ترامب، فهو من الرؤساء القلائل الذين لم تفلح محاولات إعادة انتخابهم. غير أن المقاربة تختلف، عند أخذ سنّ جو بايدن في الحسبان. فهو سيكون في الثانية والثمانين من العمر عند الترشّح لولاية ثانية، إن قام بذلك، وفي السادسة والثمانين عند انتهاء ولايته الثانية، أي أكثر بقرابة عشر سنوات من أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، وهو رونالد ريغن الذي غادر البيت الأبيض في السابعة والسبعين من العمر.
ومسألة عمر سيّد البيت الأبيض موضع جدل في أوساط المعلّقين السياسيين، غالباً ما يكون محموماً. وتظهر على الرئيس الثمانيني بعض الأعراض المصاحبة للتقدّم في العمر، مثل انحسار كتلة شعره، وقلة المرونة في المشي، وبعض السقطات وزلّات لسان متعدّدة.
قبل سنة، خلص طبيب البيت الأبيض إلى أن بايدن "أهل" لتولّي مهامه. ومن المرتقب الكشف عما قريب عن خلاصات الفحص الطبّي السنوي الأخير.
يصرّ جو بايدن من جهته على أن يقيّم الأميركيون أداءه بالاستناد إلى نتائجه، مؤكّداً أن العمر مجرّد رقم، "فانظروا إلى حالي"، كما يحلو له أن يقول. ومن شأن قرار ترشّحه لولاية ثانية أن يطلق العنان لمعركة ستلقي بظلالها على الفترة المتبقّية من رئاسته. وهي قد تنتهي بثأر من ترامب، الذي سبق له أن أعلن نيّته الترشّح لانتخابات 2024.
وفي حال قرّر بايدن عدم الإقدام على هذه الخطوة، فستكون نائبته كامالا هاريس في موقع الصدارة، لكن ترشّحها قد يثير نزاعات داخلية تهزّ الحزب الديمقراطي، ويجلب لها الكثير من الخصوم.
ولا شكّ في أن القرار الذي سيتّخذه جو بايدن في هذا الخصوص في الكاريبي سيبقى في بادئ الأمر طيّ الكتمان. غير أن رئيس مكتبه رون كلاين قد سبق له أن أكّد أن الإعلان عن القرار هو مجرّد مسألة وقت. وقال كلاين في فترة سابقة من الشهر: "أعتقد أن الرئيس سيتّخذ هذا القرار بعد فترة الأعياد"، متوقعاً أن يترشّح بايدن لولاية ثانية.
(فرانس برس)