الدور الألماني المفقود في الأزمة الأوكرانية: هل يتخلى المستشار شولتز عن صمته الحذر؟

03 فبراير 2022
تبدو ألمانيا موضوعياً قد فقدت قدرتها على المساهمة في خفض التصعيد (أندرياس جورا/Getty)
+ الخط -

يُتّهم المستشار الألماني الاشتراكي، أولاف شولتز، بالتصرف بحذر شديد في أزمة أوكرانيا، ما يترجم بتراجع أداء السياسة الخارجية والأمنية أمام الأزمات التي تضرب أوروبا، بالمقارنة مع ما كانت عليه إبان حقبة المستشارة السابقة ميركل، على مدى 16 عاماً، هذا في وقت يبادر رؤساء دول وحكومات أوروبيون للتحرك بقوة على خط الأزمة المتفاقمة مع روسيا.

ياتي ذلك على الرغم من إعلان شولتز، مساء أمس الأربعاء، في حديث مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، أنه سيزور واشنطن الاثنين المقبل، لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، في واشنطن، ويسافر قريباً إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين، من دون أن يحدد تاريخ زيارة تناقش خطر الحرب في أوروبا.

صمت المستشار شولتز

وعلى وقع الاتصالات التي يقوم بها كل من ماكرون وجونسون ودراغي وأوربان، إضافة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أبرزت "زود دويتشه"، أن المستشار الألماني كان أقل انخراطاً في الدبلوماسية الهاتفية المحمومة هذه الأيام، على الرغم من قيام مستشارة السياسة الخارجية، ينس بلوتنر، باتصالات وثيقة على مختلف المستويات، لإعادة تنسيق دور لصيغة النورماندي، التي تضم كلا من ألمانيا وفرنسا وروسيا وأكرانيا مرة أخرى.

ولم يتوقع البروفسور في جامعة ميونخ، والخبير في شؤون أوروبا الشرقية وروسيا، الكسندر ليبمان، في حديث مع موقع "واتسون"، اليوم الخميس، حلا للصراع، وأن المستشار شولتز بناء على سلوكه السياسي السابق، سيلتزم الصمت في نزاع أوكرانيا لأطول فترة ممكنة. وأضاف، أن ألمانيا لم تعد من الناحية الموضوعية قادرة على تقديم مساهمة قوية في خفض التصعيد في الوضع الحالي، لافتاً إلى أن ألمانيا، قبل ثماني سنوات، كانت في وضع يمكنها بالفعل القيام بدور استباقي في الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وأن الأمر تبدّل مع مغادرة ميركل، لأن روسيا لم تعد تنظر إلى ألمانيا على أنها ذاك الشريك المميز، ومن أن الثقة بين البلدين قد ضاعت.

استراتيجية مفقودة

كذلك، شكك ليبمان في أن تؤدي المفاوضات إلى حل شامل يمكن أن يحقق الاستقرار في أوروبا ويحل الأزمة بشكل دائم، حلاً دبلوماسياً، والحديث عن عقوبات صارمة لا تبشر بالخير، والاتحاد الأوروبي ليس بإمكانه تغيير الوضع بشكل كبير وأن هناك اختلافات جوهرية في النظرة إلى الأمن الأوروبي، وهناك غياب لاستراتيجية تساهم في تخفيف حدة الأزمة.

وفي هذا الشأن، برزت تحليلات تشدد على أهمية عودة ألمانيا لتلعب دورها بنفس الأداء الذي تميزت به المستشارة ميركل، التي لم تتردد، ورغم الاختلافات في الرأي اندفعت لإجراء حوارات ولقاءات لتقليل مخاطر حدوث خضات عسكرية في أوروبا، خاصة وأن التقارير تفيد بتحشيد روسي لمواجهة عسكرية، منها ما ذكرته شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، عن وجود كتائب مقاتلة وقوات خاصة وفرق هندسة عسكرية، وبنقل معدات طبية ووحدات دم إلى الحدود مع أوكرانيا، فضلاً عن إعلان روسيا ووصول صواريخ إس 400 إلى بيلاروسيا، مما يشير إلى اكتمال الاستعدادات للقيام بعمل عسكري.

وإزاء ذلك، أشارت "دي تسايت" إلى ضرورة التبصر في هذا النهج العدواني، وعلى الأوروبيين التصرف حيال ذلك بعد أن باتوا محاصرين، وأمنهم في خطر، والعمل ربما للتوصل إلى اتفاقيات مع روسيا بشأن بعض القضايا على الأقل. وقبل ذلك، أن يبقى الردع شرطا أساسيا للحل الدبلوماسي، والتنازلات الكاذبة ستكون قاتلة، والدفاع عن أوروبا ليس استفزازا.

وكان المستشار شولتز، قد كرر أمس في مقابلته، ضرورة الاستراتيجية المزدوجة، والتي تقوم أولا على استخدام جميع قنوات الاتصال، حتى لا يكون هناك تصعيد عسكري، كما أنه من المهم أن نكون واضحين للغاية فيما نقوله، وما نستعد له، أي أنه سيكون هناك ثمن باهظ إذا ما تعرضت سيادة أوكرانيا للخطر، رافضا كل الاتهامات بأن ألمانيا شريك غير موثوق به، وأن حزبه منقسم تجاه السياسة الروسية، مشددا على أن حزبه موحد للغاية ويدعم السياسة التي ينتهجها، وأن هناك مستشارا واحدا داخل الاشتراكي، في إشارة إلى الانطباعات التي سادت الأسبوع الماضي بعد تصريحات المستشار الأسبق، غيرهارد شرودر، القريب من بوتين، وطالب فيها أوكرانيا بالتوقف عن "قعقعة السيوف"، مبديا تعاطفا مع تحركات روسيا في شرق أوروبا، وأبرز مساهمة ألمانيا في الناتو والدعم المالي لكل الشركاء في شرق أوروبا ومن بينهم أوكرانيا التي تم منحها حوالي ملياري يورو في محاولة لضمان الاستقلال الاقتصادي للبلاد.

المساهمون