هل لا تزال الجماعات المسلحة قادرة على التجنيد في الجزائر؟

19 ديسمبر 2022
جنود في العاصمة الجزائر، يوليو 2022 (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت البيانات الأخيرة لوزارة الدفاع الجزائرية المتعلقة بتحديد هوية المسلحين الثلاثة الذين تم القضاء عليهم، والمسلح الرابع الذي تم توقيفه في منطقة قوراية بولاية تيبازة، غربي البلاد، في 11 الشهر الحالي، أن هؤلاء التحقوا بجماعات متشددة، وتحديداً بعد عام 2018. 

وهذا ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الجماعات لا تزال قادرة على تجنيد عناصر جديدة، أم أن هؤلاء الأعضاء لديهم ارتباطات سابقة بعناصر هذه التنظيمات.

هديري: الجماعات المسلحة فقدت القدرة على النشاط والتحرك الميداني

وأشارت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان بشأن العملية صدر الإثنين الماضي، إلى أن "الإرهابي حميداني عبد الصابر، المدعو عبدو، والإرهابي حميداني علي، المدعو رمزي، التحقا بالجماعات الإرهابية عام 2018". كما لفت البيان إلى أن "الإرهابي الموقوف بشطال حمزة، المدعو أبو العوف البراء التحق بهذه الجماعات عام 2019".

وطرحت هذه المعطيات تساؤلاً أساسياً يتعلق بالظروف التي يمكن أن تفسر قدرة الجماعات المسلحة على استقطاب مجندين جدد بعد عام 2018. وهي الفترة التي تلت سنوات خسرت فيها هذه الجماعات كامل رهانها الميداني، واتضح زيفها الفكري والديني، وتعرضت للتفكيك والاستنزاف بفعل ضربات الجيش والأجهزة الأمنية.

ومن المرجح أن يكون الملتحقون الجدد بهذه الجماعات من ضمن عناصر شبكات التموين والإسناد، الذين اضطروا للانتقال إلى الجبال (حيث توجد الجماعات)، نتيجة كشف الأجهزة الأمنية تعاملهم وتموينهم للمسلحين، أو بعد توقيف مسلحين من قبل السلطات كانوا يعتمدون في التموين على هذه العناصر التي تدرك أن اعترافات الموقوفين ستقود الأجهزة الأمنية إلى اعتقالهم. ويفسر وجود صلة قرابة بين بعض المسلحين ممن قتلوا إمكانية وجود نشاط سابق لهم مع الجماعات المسلحة قبل التحاقهم الفعلي بالجبال.

الجماعات المسلحة فقدت القدرة على التحرك

في هذا السياق، قال الباحث جمال هديري، الذي عمل في وقت سابق على فهم الظاهرة واطلع على ملفات العناصر المسلحة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الجماعات الإرهابية فقدت بشكل كبير القدرة على النشاط والتحرك الميداني، وأيضاً القدرة على الاستقطاب أو تجنيد عناصر جديدة". 

ولفت إلى أن "التفسير الوحيد لالتحاق عناصر بالجبال في السنوات الأخيرة، أن هذه العناصر لديها صلات سابقة بهذه الجماعات، وتضطر تحت دواعي الخوف من انكشاف نشاطها للالتحاق بها". 

كما طرح هديري سيناريو آخر لضم عناصر جديدة لهذه التنظيمات من خلال "قيام بعض الجماعات بتخويف بعض المواطنين (الذين سبق لهم التعامل مع الجماعات في الإسناد والتمويل) لإجبارهم على الالتحاق بها وتعزيز صفوفها لتعويض خسارتها لعناصر أخرى".

حصيلة عمليات الجيش

في غضون ذلك، أشارت حصيلة عمليات الجيش، بين 7 و13 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، إلى أنه "تم توقيف 10 عناصر دعموا الجماعات الإرهابية" في عمليات منفصلة عبر التراب الوطني.

كما دانت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء سيدي بلعباس، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ثلاثة أشخاص بتهمة تموين جماعة إرهابية، كان قد تم توقيفهم من قبل قوات الجيش خلال عملية تمشيط واسعة بغابة وادي لودي ببلدة تافسور. وفي حين ادعى الموقوفون أنهم كانوا يبحثون عن العسل، فقد قادت التحريات إلى صلتهم بجماعة مسلحة، بعدما تبين لاحقاً أن لكل منهم شقيقاً مسلحاً تم قتله سابقاً.

وجه مفتي تنظيم القاعدة لسلوس مدني، في إبريل/ نيسان الماضي، لأفراد إحدى الجماعات دعوة لوقف أنشطتهم وتسليم أنفسهم

وأقر أحد الموقوفين بأنه كان يتوجه إلى الغابة للالتقاء بأخيه على مدار السنوات الماضية، وكان آخر لقاء بينهما في إبريل/ نيسان من العام 2019، كما كشف أنه استمر بمد الجماعات بالمؤونة من أغذية وأدوية طبية لسنوات، مقابل مبالغ مالية. وهذا ما بيّن أنه كان يمكن لهذه العناصر أن تنتقل إلى الجبال نهائياً قبل توقيفها المفاجئ.

أسباب رفض المسلحين وقف نشاطهم

في هذه الأثناء، طُرح تساؤل حول أسباب رفض عناصر الجماعات الاستجابة لنداء كان قد وجهه مفتي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لسلوس مدني، المعروف باسم عاصم أبو حيان، عقب توقيفه من قبل قوات الجيش في إبريل لوقف نشاطهم وتسليم أسلحتهم. فقد دعا مدني قائداً تتبعه المجموعة التي تم القضاء عليها الأحد الماضي ويُدعى أوب خليل إدريس، واسمه الحقيقي أبو مدين دبار، لحقن الدماء وتسليم نفسه هو وعناصره.

ويُفسّر هذا الرفض غالباً بالخوف من التصفية، على الرغم من إرسال السلطات السياسية إشارات إيجابية. وكان يفترض لهذه الإشارات أن تُشجع المسلحين على تسليم السلاح، خصوصاً بعد إعلان الرئيس عبد المجيد تبون في أغسطس/ آب الماضي، تحضير قانون جديد يتضمن "تدابير تعزيز الوحدة الوطنية". 

ومن المتوقع أن يُعرض القانون، الموجه لصالح مسلحي الجماعات الذين سلموا أنفسهم للسلطات بعد عام 2005، على البرلمان في وقت قريب.

المساهمون