قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، محمد التليلي، إنه من المتوقع إجراء انتخابات مجالس الأقاليم والجهات، الغرفة الثانية لمجلس النواب، في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبيّن المتحدث، في تصريح خلال ندوة صحافية، نقلته إذاعة "موزاييك إف إم"، يوم الثلاثاء، أن "الرزنامة الانتخابية تتضمن انتخابات المجالس المحلية، لإرساء الغرفة الثانية المأمول تنصيبها في إبريل/نيسان المقبل، بعد استيفاء مختلف المسارات من الاقتراع إلى فض النزاعات"، على أن تليها الانتخابات البلدية.
وأضاف أن المصادقة على الرزنامة الانتخابية تشترط ثلاثة أركان وهي: سد الشغور، وصدور أمر دعوة الناخبين، وأمر المصادقة على الدوائر الانتخابية.
وتابع: "باستيفاء هذه المسارات، أي المحلية والبلدية، ستقام الانتخابات الرئاسية في نهاية 2024، باعتبار أن القانون الانتخابي نصّ على ألا تتجاوز الأشهر الثلاثة الأخيرة من العهدة الرئاسية الحالية".
وقال التليلي إن "مجلس الهيئة سيناقش إمكانية إجراء الانتخابات البلدية بالتزامن مع المحلية، وإن لم تتم الموافقة على ذلك سترحل إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، أي إلى سنة 2025".
وتحضّر هيئة الانتخابات لانتخابات مجالس الجهات والأقاليم قبل نهاية العام، رغم ما تمر به من خلافات داخلية؛ حيث تعمل منقوصة من 3 أعضاء (7 أعضاء معيّنين) بعد إعفاء عضوين واستقالة ثالث.
وتنتظر الهيئة سد الشغور في تركيبتها، حتى يتسنّى لها اتخاذ القرارات.
ويرى مراقبون أن الرئيس قيس سعيد لا ينوي عقد انتخابات مجالس الجهات والأقاليم هذا العام، باعتبار أنه لم يصدر أمر دعوة الناخبين ولم تعلن المواعيد الانتخابية.
وقال رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، بسام معطر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "غموضاً كبيراً يلف رزنامة الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وعدم وضوح حول مواعيد انتخابات مجالس الجهات والأقاليم والانتخابات البلدية وانتخابات الرئاسة"، معتبرا ما يعلن من قبل عدد من أعضاء الهيئة مجرد "تخمينات".
ولفت إلى أن القرار النهائي مرتبط برئاسة الجمهورية في ما يخص رزنامة الانتخابات. وقال: لا حديث عن أي رزنامة في غياب الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين أو خطاب أو إعلان رسمي من طرف رئيس الجمهورية، بخصوص الانتخابات المحلية أو البلدية، سواء بتزامنها أو إجراء كل انتخابات على حدة".
وشدد معطر على أنه "لا يمكن إجراء أي انتخابات في سبتمبر/أيلول ولا أكتوبر/تشرين الأول ولا حتى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، باعتبار أن القانون ينص على دعوة الناخبين قبل 3 أشهر على الأقل".
وبالنسبة لانتخابات الرئاسة، قال معطر إن الإعداد لها يجب أن يبدأ قبل 6 أشهر، مضيفاً: "باعتبار دورية هذا الاستحقاق، يفترض إجراؤها في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2024".
وأشار إلى الضغط في الرزنامة الانتخابية، قائلا إن عقد 3 استحقاقات انتخابية في الفترة المقبلة من شأنه التأثير على نسب المشاركة.
وحول النقص في تركيبة الهيئة، بيّن معطر أنه يتوجب إضافة عضو آخر ليصبح النصاب 5 من 7 أعضاء، لكنه اعتبر أنه من الناحية التقنية يمكن لإدارة الهيئة القيام بالتحضيرات اللوجستية.
واستدرك قائلاً: "من أجل الإعداد الجيد واحترام نزاهة وشفافية العملية الانتخابية تحتاج العملية إلى معايير وشروط واحترام الحيز الزمني الكافي وإعلان المواعيد بشكل رسمي ولفترة أكثر من 3 أشهر قبل الانتخابات، حتى يتسنى للهيئة الإعداد الجيد وتحضير المكاتب وتكوين أعوان المراقبة والإشراف".
وأضاف أن الأزمة السياسية التي تعيش فيها البلاد والصراع بين السلطة والمعارضة، وفي ظل غياب الأنشطة والتوعية بالإضافة إلى الوضع الاجتماعي المتأزم، ستؤثر بشكل مباشر وكبير على الانتخابات.
في مقابل ذلك، تشكك المعارضة في مدى التزام سعيد بالشفافية وإشراك المجتمع المدني والسياسي في العملية الانتخابية، مرجحة مواصلته إقصاء منافسيه والمخالفين له واقتصار المشهد الانتخابي على الموالين.
وقالت القيادية في حزب النهضة يمينة الزغلامي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الغموض" يلف كامل المسار الانتخابي من خلال رزنامة مختلف المحطات الانتخابية المقبلة، مشيرة إلى عدم إصدار القوانين المنظمة لانتخابات مجالس الجهات والأقاليم، وعدم سد الشغور في تركيبة هيئة الانتخابات، "ما يزيد من ارتباكها ويفقدها مصداقيتها".
ولفتت إلى أن "هذا الغموض انعكس على حالة عموم المواطنين وتحول إلى لامبالاة بالوضع العام".
وقالت: "بعد أن كانت الاحتجاجات والإضرابات والمطالبات طيلة الـ10 سنوات مستمرة في إطار حرية التعبير والعمل النقابي، أصبح المواطن يتنقل بين الصفوف لعله يحصل على الخبز وبقية المواد الأساسية".
وأضافت أن السلطة القائمة "واعية" بهذه الأوضاع لتأخير المواعيد الانتخابية، مضيفة: "من الممكن أن تذهب البلاد نحو المجهول، ما دام القرار بيد سلطة واحدة وحاكم واحد".