هل تعرقل الشروط الغربية تقارب العرب مع الأسد؟

23 مايو 2023
تظاهرة في إدلب ضد التطبيع مع الأسد (عامر السيد علي)
+ الخط -

ربط قادة دول مجموعة السبع التطبيع مع النظام السوري وإعادة الإعمار بتحقيق تقدم "حقيقي" في العملية السياسية، في موقف من شأنه الحد من التقارب العربي مع هذا النظام، الذي كان يأمل أن يفضي هذا المسار إلى انفتاح غربي عليه بعد أكثر من عقد على عزلته الدولية.

كما أكدت المجموعة التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، بعد اجتماعات في مدينة هيروشيما اليابانية في بيان السبت الماضي، على دعمها الكامل والمستمر لعمل منظمة "حظر الأسلحة الكيميائية"، مشددة على التزامها بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سورية وملاحقتهم.

وبدا موقف المجموعة رداً على تطبيع العديد من الدول العربية مع النظام السوري، وإعادته إلى الجامعة العربية، وحضور رأس النظام السوري بشار الأسد القمة العربية التي عقدت في مدينة جدة الجمعة الماضي، بعد عزلة امتدت على مدى أكثر من عقد.

وفرضت دول من المجموعة منذ عام 2011 عقوبات على النظام السوري أدت إلى تدهور اقتصاده، إلا أنه يرفض التعاطي بشكل إيجابي مع جهود الأمم المتحدة للتوصل لحل سياسي للقضية السورية، وفق مرجعيات دولية أبرزها القرار 2254، الصادر في عام 2015.

عقوبات أميركية على النظام السوري

ووضعت الولايات المتحدة قيوداً "صارمة" على النظام السوري، عبر قوانين عدة أبرزها قانون "قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020، والذي يُحاسب الدول والشركات والأفراد التي تتعامل مع النظام، أو تساعده اقتصادياً.

وصدرت منذ ذلك الحين العديد من حزم العقوبات، التي ضيّقت الخناق الاقتصادي أكثر على النظام، الباحث عن رفع لهذه العقوبات والإسهام في جهود إعادة الإعمار من دون الانخراط في العملية السياسية المتوقفة منذ نحو عام. ويبدو أن الغرب يعوّل على تشديد قبضته الاقتصادية على النظام لدفعه إلى تقديم "تنازلات"، تفتح الباب أمام حل سياسي للقضية السورية ويضع حداً للنزاع.


محمد سالم: الولايات المتحدة لا تمانع التطبيع العربي مع الأسد

وكانت واشنطن جددت مطلع شهر مايو/أيار الحالي التأكيد على أنها "لن تطبّع العلاقات مع نظام الأسد"، وأنها لا تدعم تطبيع الآخرين للعلاقات مع دمشق. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، في إحاطة إعلامية بتاريخ 3 مايو الحالي إن الولايات المتحدة تعتقد أن الحل السياسي المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، هو الحل الوحيد القابل للتطبيق لهذا الصراع في سورية.

وبرأي مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "الحوار السوري" للدراسات محمد سالم، فإن الغرب قادر على إيقاف التطبيع والتقارب العربي مع النظام السوري "لو توافرت إرادة حقيقية للدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة".

واستدرك في حديثٍ مع "العربي الجديد"، بالقول لكن للأسف، ما يتم التعبير عنه في البيانات السياسية هو أقرب للدعاية السياسية للموقف الغربي، ليتم اعتباره متسقاً مع مبادئ حقوق الانسان والأخلاق، على اعتبار أن المواقف السياسية المعلنة للدول الغربية جزء لا يتجزأ من قوتها الناعمة.

ورأى سالم أن الولايات المتحدة لا تمانع عملياً التطبيع العربي، بل أعطته الضوء الأخضر، مضيفاً أن واشنطن تسعى لضبط إيقاع التطبيع فقط بما يتسق مع مصالحها.

وأبدى اعتقاده أن الولايات المتحدة "شجعت الدول العربية على التقارب مع الأسد إلى حد ما، بهدف إضعاف المبادرة التركية للتطبيع مع نظام الأسد بوساطة روسية"، مضيفاً أنه "مع ذلك، يمكن أن تتغير الموازين لاحقاً، إذا تم إقرار وتفعيل التشريع الأميركي المقترح ضد التطبيع".

مشروع قانون أميركي ضد التطبيع مع الأسد

في 11 مايو الحالي، تقدم مشرعون أميركيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بمشروع قانون يطالب الإدارة الأميركية بعدم الاعتراف ببشار الأسد رئيساً لسورية، وتوسيع نطاق العقوبات المفروضة على نظامه. ويحمل المشروع تحذيراً واضحاً للدول التي تتقارب مع نظام الأسد، خصوصاً تركيا والدول العربية، بأنها ستواجه عقوبات على خلفية هذا التقارب.

واعتبر رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، النائب الأميركي جو ويلسون، في بيان صدر في 12 مايو الحالي، أن "الدول التي تختار التطبيع مع مرتكب القتل الجماعي من دون ندم وتاجر المخدرات بشار الأسد، تسير في الاتجاه الخطأ".


رشيد حوراني: مجموعة السبع لا تعارض تطبيع كل دولة بمفردها مع الأسد

واعتبر الباحث السياسي في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إعلان مجموعة السبع السبت الماضي، عدم التطبيع مع نظام الأسد، يمكن تفسيره بعدة اتجاهات".

وأشار إلى أنه يبدو أن المجموعة ككل لا تتجه نحو التطبيع مع النظام، لكنها لا تعارض تطبيع كل دولة بمفردها معه، بدليل ما قاله المبعوث الألماني إلى سورية ستيفان شنيك أخيراً، من أن بلاده ممكن أن تنخرط بمبادرة "خطوة مقابل خطوة". وبرأي حوراني، فإنّ "الدول العربية وبشكل خاص السعودية وفي ضوء ما تمتلكه من تحكم في مصادر الطاقة، يمكنها فرض أمر واقع جديد، من شأنه التأثير على مواقف دول عدة، في ظل استمرار الحرب الأوكرانية، فضلاً عن نمو التقارب الروسي مع الدول العربية بالتزامن مع تراجع أميركي.