هل تصل العلاقات بين دمشق وعمّان إلى القطيعة بسبب المخدرات؟

24 يناير 2024
تراشق إعلامي حاد بين النظام السوري والأردن (Getty)
+ الخط -

تتجه العلاقات الدبلوماسية بين النظام السوري والجانب الأردني إلى مزيد من التعقيد على خلفية الضربات الجوية التي يشنها طيران أردني على مواقع يشتبه في أنها تابعة لمهربي مخدرات في جنوب سورية، وهو ما اعتبرته خارجية النظام "غير مبرر"، في حين اتهم مصدر إعلامي مقرب من النظام عمّان بـ"تدريب وتسليح ونقل الإرهابيين"، إلى سورية لسنوات طويلة.

وشنت صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام، اليوم الأربعاء، هجوما على الأردن غير مسبوق منذ تطبيع العلاقات بين عمّان ودمشق العام الفائت، واتهمت الجانب الأردني بـ"تدريب وتسليح ونقل الإرهابيين من الأراضي الأردنية إلى سورية وتمويلهم لسنوات طويلة"، زاعمة أن تجار المخدرات "لم يكونوا موجودين قبل الحرب على سورية".

شنت صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام هجوما على الأردن غير مسبوق منذ تطبيع العلاقات

وعزت "الوطن" عدم قدرة النظام على ضبط حدوده مع الأردن إلى "وجود عصابات كبرت ونمت بفعل الدعم الخارجي"، متهمة الأردن بـ"الكذب" عند الحديث عن حرصه "على أمن وأمان سورية والسوريين بعد حقبة من التآمر والعمل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية".

واعتبرت ما سمتها بـ"التهديدات المبطنة والمفضوحة" من الجانب الأردني "ليست ذات معنى ولا قيمة"، زاعمة أن النظام "لن ينجر إلى كل ما من شأنه قلب الحقائق وخلق الذرائع وتوتير الأوضاع".

وأدت الضربة الأخيرة التي شنها الطيران الأردني الخميس الفائت على بلدة عرمان في جنوب شرق محافظة السويداء، الواقعة على الحدود الأردنية، ضد مواقع يشتبه أنها تتبع لمهربي مخدرات من الأراضي السورية إلى الداخل الأردني، إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل، بينهم طفلتان و5 نساء، وهو ما ولّد استياء شعبيا في هذه المحافظة التي تشهد حراكا ضد النظام منذ منتصف العام الفائت.

وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، سفيان القضاة، طالب في بيان له الثلاثاء، النظام بخطوات عملية للحد من عمليات تهريب المخدرات التي تتم من الأراضي السورية إلى الداخل الأردني، مؤكدا أنّ تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن "خطر يهدد الأمن الوطني، وأن الأردن سيستمر في التصدي لهذا الخطر، ولكل من يقف وراءه".

وقال القضاة إن الأردن زوّد الحكومة السورية، خلال اجتماعات اللجنة المشتركة التي كان قد شكّلها الطرفان، بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، التي تقع ضمن سيطرة الحكومة السورية، "إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يُتَّخَذ"، لافتاً إلى أن محاولات التهريب شهدت "ارتفاعاً خطيراً في عددها".

وأكد القضاة استعداد الأردن للمضيّ في "التنسيق مع الحكومة السورية لوقف عمليات التهريب، ومحاسبة منفذيها وداعميها، ويتوقع من الأشقاء في سورية إجراءات وخطوات عملية وفاعلة وسريعة ومؤثرة ضدهم"، رافضاً أي إيحاءات بأنّ الحدود الأردنية كانت يوماً "مصدراً لتهديد أمن سورية، أو معبراً للإرهابيين الذين كان الأردن أول من تصدى لهم، بل كان دوماً وسيبقى صمام أمان ودعم وإسناد لسورية الشقيقة ولشعبها الكريم في درعا والسويداء المجاورتين وفي كل أنحاء سورية".

وشدد على أنّ "الأردن قادر على حماية حدوده وأمنه من عصابات تهريب المخدرات والسلاح وسيدحرهم، وسينهي ما يمثلون من خطر بجهود بواسل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية".

وجاء بيان المسؤول الأردني ردا على بيان لوزارة الخارجية في حكومة النظام، قالت فيه إن الهجمات التي شنها الطيران الأردني الخميس الفائت على مواقع في محافظة السويداء وأدت إلى مقتل مدنيين، بينهم أطفال ونساء، "لا مبرر لها"، وأن "التصعيد السياسي والإعلامي والعسكري لا ينسجم مع ما اتُّفِق عليه مع الأردن".

وقالت خارجية النظام السوري إنّ "الأردن تجاهل رسائل وزيري الخارجية والدفاع من أجل ضبط الحدود السورية الأردنية"، مشيرة إلى أنّ "سورية عانت منذ عام 2011 من تدفق عشرات الآلاف من الإرهابيين انطلاقاً من دول الجوار، ومنها الأردن"، على حد تعبيرها.

التوتر بسبب قضية المخدرات "لن يفضي إلى قطيعة"

وتعليقا على التراشق الإعلامي بين النظام والأردن، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التصريحات المتبادلة تؤكد أن هناك توترا في العلاقات وتبادل اتهامات". وتابع: "من الواضح أن النظام يحاول التنصل من مسؤوليته بما يتعلق بملف المخدرات وضبط الحدود المشتركة".

ورأى القربي، في المقابل، أن التوتر "لن يفضي إلى قطيعة وإنهاء التنسيق القائم"، مضيفا: "هناك تبادل اتهامات وضغوط بين الطرفين، ومحاولة من النظام إلقاء المسؤولية على الأردن عبر الحديث عن دعم الارهاب. بدأنا نقرأ مقالات لكتاب أردنيين يدعون إلى دعم الفصائل المعارضة في الجنوب السوري، ما يعني المزيد من الضغط على النظام لمزيد من التنسيق".

وشن الطيران الأردني عدة هجمات خلال العام الفائت والجاري على ما يشتبه في أنها مستودعات ومخابئ لمهربي مخدرات مرتبطين بإيران والنظام السوري في جنوب البلاد، ما يشي أن عمّان فقدت الآمال بتعاون أمني وعسكري من قبل النظام السوري، رغم أن الأردن كان المبادر للتطبيع مع هذا النظام وفتح البوابة العربية مجدداً أمامه.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قتل 5 سوريين، بينهم طفلان وامرأة، في ضربات أردنية في السويداء قرب الحدود الأردنية السورية. وأعلن الجيش الأردني وقتها مقتل وإصابة واعتقال عدد من مهربي المخدرات السوريين خلال اشتباكات. وفي مايو/أيار 2023، قُتل مهرّب مخدرات معروف مع زوجته وأطفالهما الستة جراء غارة جوية استهدفت منزلهم في جنوب سورية.

المساهمون