هل تراجع الدور الأممي في سورية بعد التقارب العربي مع الأسد؟

16 مايو 2023
يعتزم بيدرسون زيارة تركيا في سياق جولة على عواصم الدول الفاعلة في الملف السوري (فرانس برس)
+ الخط -

شرع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون بتحرك في المنطقة، في محاولة جديدة لـ"إعادة الروح" إلى العملية السياسية المجمدة منذ منتصف العام الماضي، والتي باتت تواجه صعوبات، مع بدء تقارب عربي مع نظام الأسد، من المتوقع أن يدفعه لتعنّت أكبر.

ويعتزم بيدرسون زيارة تركيا في سياق جولة يقوم بها على عواصم الدول الفاعلة في الملف السوري، حيث ناقش الأحد في العاصمة الإيرانية طهران مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وكبير مساعديه للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي، "آخر تطورات الأوضاع في سورية"، بحسب وكالة "إرنا" للأنباء الإيرانية.

وكان بيدرسون قد أجرى اتصالات هاتفية، السبت، مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والمصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، لدفع جميع الأطراف لدعم جهود الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة من مباحثات اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين عن النظام والمعارضة السورية والمجتمع المدني والمتوقفة منذ منتصف العام الفائت.

وأناطت الأمم المتحدة بهذه اللجنة مهمة كتابة دستور جديد لسورية، إلا أن النظام تعامل بـ"استخفاف" معها، حيث يرفض مبدأ كتابة دستور، ويصرّ على تعديل دستور وضعه في عام 2012.

وتأتي تحركات المبعوث الأممي بعد تطورات كبيرة طرأت على المشهد السوري، حيث بدأت دول عربية تقارباً مع نظام الأسد، أدى إلى عودة الأخير إلى الجامعة العربية، والتي تعقد اجتماع قمة في الرياض في التاسع عشر من الشهر الجاري، ربما يحضره بشار الأسد.

كما شرعت تركيا في الانفتاح على نظام الأسد، بدفع من الجانب الروسي، منذ أواخر العام الماضي، حيث التقى وزيرا الدفاع التركي خلوصي أكار ونظيره في النظام السوري علي محمود عباس، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي أواخر الشهر الماضي، عُقد في موسكو اجتماع رباعي ضم وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، لاستكمال المباحثات حول ملفات عسكرية وأمنية. وعقد في العاشر من الشهر الجاري مباحثات رباعية ضمت وزراء الخارجية في تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، وضعت حداً لمقاطعة دبلوماسية بين أنقرة ودمشق دامت أكثر من عقد.

وتدعم تركيا المعارضة السورية، بينما يتلقى النظام دعماً عسكرياً وأمنياً واقتصادياً من روسيا وإيران، مكّنه من الصمود أمام الضربات العسكرية من قبل فصائل المعارضة، التي كادت أن تطيح به لولا دعم موسكو وطهران.

وكان المسار الأممي للحل في سورية، والقائم على القرار الدولي 2254، قد تجمّد في منتصف العام الفائت، إثر رفض النظام السوري الاستمرار في مباحثات اللجنة الدستورية، والتي عقدت 8 جولات كانت نتائجها صفرية.

ويرفض النظام العودة إلى طاولة التفاوض حول الدستورية ما لم تلبِ الأمم المتحدة الطلبات المقدمة من موسكو، التي تريد نقل هذه المفاوضات إلى عاصمة شرق أوسطية بدل جنيف، بسبب الموقف "غير الودّي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا"، وفق موسكو.

موقف المعارضة

وتعليقاً على تحرك المبعوث الأممي إلى سورية، قال إبراهيم الجباوي، مدير المكتب الإعلامي في "هيئة التفاوض" التابعة للمعارضة السورية، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا يمكننا تقييم تحرك المبعوث الدولي حتى يطلعنا على طبيعة هذا التحرك والنتائج التي خلص إليها، فإما نقبلها أو نعترض عليها، بناء على مصالح الشعب السوري الحر".

وأكد الجباوي أن المعارضة السورية ترى أن "أي حل لا يستند إلى تفاصيل بنود القرار الأممي 2254 فهو غير منصف للشعب السوري الثائر، وبالتالي لن يكون مقبولاً". وتابع: "للشعب السوري حقوق بيّنها القرار المذكور، لذا على الموقف العربي عدم إغفالها، وإلا سيكون انحيازاً واضحاً للمجرم والإجرام".

ويجري وفد من هيئة التفاوض جولة في عواصم أوروبية لحشد تأييد غربي لموقف المعارضة السورية الداعي للتمسك بالقرار الدولي 2254 أساساً لأي حل للأزمة السورية.

وتشي تحركات هذه المعارضة الأخيرة بأنها تخشى من تقارب تركي وعربي مع النظام يُخرجها من المعادلة السياسية، ويجمّد القرار المذكور، ما يعني تعويم النظام إقليمياً ودولياً.

إلى ذلك، يبدو أن المبعوث الأممي يستند إلى رفض غربي لأي تقارب أو تطبيع مع نظام الأسد، لدفع الأطراف الفاعلة في القضية السورية، وخاصة موسكو وطهران، للضغط على النظام من أجل إبداء "مرونة" في طريقة تعاطيه مع جهود الأمم المتحدة للتوصل لحل للأزمة السورية.

انفتاح "ليس مجانياً"

وفي السياق، حذّرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بعد اجتماعها، الاثنين، مع وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في مدينة جدة، الدول العربية من مغبة التطبيع مع النظام السوري من دون شروط مسبقة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن بيربوك قولها: "كل خطوة نحو الأسد يجب أن تستند إلى تنازلات ملموسة".

وفي السياق، ترى الإدارة الأميركية أن نظام الأسد لم يقم بما يكفي لإعادة تأهيله دولياً، مؤكدة أن موقفها من الملف السوري لم يتغير لجهة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 فـ"هو الحل الوحيد"، وفق تصريحات لنائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، مطلع الشهر الجاري.

وبرأي الباحث السياسي في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن "تحرك بيدرسون ولقاءاته مع أطراف عربية جاءت لأن الانفتاح العربي مع نظام الأسد ليس مجانياً، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي".

وتابع: "الدول العربية التي تقاربت مع الأسد تطالب النظام بخطوة مقابل كل خطوة تجاهه، وبعض الدول تريد تطبيق القرار الدولي 2254، وبناء على ذلك فإن تحرك بيدرسون هو للتنسيق مع تلك الأطراف، بما يتناسب والحل السياسي المطلوب تحقيقه في سورية، ووسيلة ضغط على النظام، إلى جانب انفتاح العرب المشروط".

المساهمون