استمع إلى الملخص
- **تشكيل وتنظيم "حراس الدين"**: تأسس التنظيم في فبراير 2018 بعد انفصال "جبهة النصرة" عن القاعدة، وانضمت إليه مجموعات متشددة أخرى. استهدفت الولايات المتحدة قياداته مراراً بطائرات مسيّرة.
- **تفكك التنظيم ودور "تحرير الشام"**: نفذت "هيئة تحرير الشام" حملة أمنية ضد "حراس الدين" في 2021، مما أدى إلى تحييده. اغتيال المكي يؤكد تفكك التنظيم، رغم بقاء بعض الخلايا النائمة.
ذكرت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" في منشور على منصة إكس، فجر أمس السبت، أنها قتلت بـ"ضربة دقيقة" في ريف إدلب، شمال غربي سورية، القيادي في تنظيم "حراس الدين" المتشدد أبو عبد الرحمن المكي، مشيرة إلى أن الأخير "كان عضواً في مجلس شورى حراس الدين وزعيماً بارزاً مسؤولاً عن الإشراف على العمليات الإرهابية من سورية". مع العلم أن التنظيم، الموصوف بـ"الأكثر تشدداً" في الشمال الغربي من سورية، فقد القدرة على التأثير في مجرى الأحداث في محافظة إدلب ومحيطها بعد سلسلة ضربات من التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، استهدفت قياداته، وبعد حملة من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) ضد هذا التنظيم الذي يعتبر الفرع الأحدث تأسيساً بين الفروع الإقليمية لتنظيم القاعدة. وبينما اعتقلت "الهيئة" أغلب قيادات التنظيم لإنهاء وجوده عسكرياً، ما أبقاه قائماً جسماً تنظيمياً ومن خلال خلايا نائمة، فإن الضربة الأميركية، وفق مراقبين، تهدف لمنعه من إعادة تنظيم نفسه.
تشكيل تنظيم "حراس الدين"
وخرج تنظيم "حراس الدين" إلى العلن في أواخر فبراير/شباط عام 2018، بعد إعلان "جبهة النصرة" فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وهو ما رفضته شخصيات مؤثرة في "الجبهة"، فاتجهت إلى تشكيل فصيل "حراس الدين"، الموصوف بكونه أكثر تشدّداً من منها، خصوصاً لجهة رفض أي حلول سياسية للقضية السورية. وانضمت إلى "حراس الدين" لاحقاً مجموعات متشددة منها: جيش البادية وجيش الساحل وسرية كابل وسرايا الساحل وجيش الملاحم وجند الشريعة وكتيبة أبو بكر الصديق وكتيبة أبو عبيدة بن الجراح وسرايا الغرباء. كما انضمت إلى "حراس الدين" كتيبة البتار وسرية عبد الرحمن بن عوف وكتائب جند الشام وكتائب فرسان الإيمان وقوات النخبة. وعرضت الولايات المتحدة أكثر من مرة مكافآت وُصفت بـ"الخيالية" لمن يدلي بمعلومات تساعد بالقبض على ثلاثة من متزعمي تنظيم "حراس الدين"، هم: سامي العريدي، وأبو عبد الكريم المصري، وفاروق السوري.
ولطالما استهدفت الولايات المتحدة رؤوس هذا التنظيم المتشدد، وقتلت عدداً منهم في شمال غرب سورية بطائرات مسيّرة، إذ استهدفت في فبراير الماضي من يُعتقد أنه أبو عبادة العراقي، الذي كان قيادياً بارزاً في التنظيم. وفي عام 2020، قتلت قياديين اثنين في التنظيم هما المدعو بلال اليمني أو بلال الصنعاني، الذي يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو بقسّام الأردني الذي كان القائد العسكري في التنظيم، ومن أبرز المنشقين عن "جبهة النصرة"، ومن أهم قيادات تنظيم القاعدة في سورية.
وقُتل أبو خديجة الأردني أو بلال خريسات، القيادي السابق في تنظيم "حراس الدين"، نهاية عام 2019، بمحيط بلدة ترمانين غربي حلب. وفي 30 يونيو/ حزيران من عام 2019، أكدت وزارة الدفاع الأميركية استهداف طائرة مسيّرة بناءً في ريف حلب الجنوبي، كان عدد من قادة "حراس الدين" وغيرها من الفصائل المتشددة مجتمعين فيه من أجل حل نزاعات داخلية. وفي أغسطس/ آب من العام نفسه، أعلنت الوزارة استهدافها معسكراً تدريبياً يستخدمه كل من "حراس الدين" و"أنصار التوحيد"، ما أدى إلى مقتل أحد أهم قادة "الأنصار"، وهو ليبي الجنسية وملقب بأبو أسامة الليبي.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل إريك كوريلا، في البيان فجر أمس، إن "القيادة المركزية تظل ملتزمة بالهزيمة الدائمة للإرهابيين ضمن منطقة مسؤولية القيادة الذين يهددون الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها والاستقرار الإقليمي". وأضاف أن تنظيم "حراس الدين" "هو قوة مرتبطة بتنظيم القاعدة ومقره سورية، ويشارك القاعدة في تطلعاتها العالمية لشن هجمات ضد المصالح الأميركية والغربية".
"التحالف" اغتال أبو عبد الرحمن المكي، القيادي في تنظيم "حراس الدين"، بصاروخ موجّه
من جهتها، قالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن طائرة مُسيّرة تابعة لقوات التحالف الدولي استهدفت بعد صلاة الجمعة، أول من أمس، بصاروخ موجه، أبو عبد الرحمن المكي (سعودي الجنسية)، القيادي في تنظيم "حراس الدين" المتشدّد، وذلك أثناء قيادته دراجة نارية على طريق بلدة إحسم في منطقة جبل الزاوية بريف محافظة إدلب الجنوبي، شمال غربي سورية. وكانت "هيئة تحرير الشام"، سلطة الأمر الواقع في محافظة إدلب، قد اعتقلت المكّي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، في سياق حملة نفذتها ضد "حراس الدين"، قبل إطلاق سراحه لاحقاً. وانتهت الحملة على تنظيم "حراس الدين" إلى تحييده عن المشهد الفصائلي الفاعل في شمال غرب سورية.
وبحسب مصادر محلية، فقد أطلقت "تحرير الشام"، العام الماضي، سراح المكي الذي كان عضواً في مجلس شورى تنظيم "حراس الدين". وأشارت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إلى أن المكي كان من أبرز قيادات جبهة النصرة في أوائل تشكيلها وظهورها في المشهد السوري بداية عام 2012، إلا أنه انشق عنها عقب إعلان زعيمها أبو محمد الجولاني الانفصال عن تنظيم القاعدة ببيان رسمي منتصف عام 2016.
وكانت "هيئة تحرير الشام" نفذت، في الربع الأول من عام 2021، حملة أمنية واسعة النطاق ضد تنظيم "حراس الدين" وقادة الصفين الأول والثاني فيه، انتهت بتحييده عن المشهد الفصائلي في المنطقة وإضعافه. وجاءت هذه الحملة في سياق محاولات "تحرير الشام" كسب ثقة الفاعلين الإقليميين والدوليين بتصوير نفسها الفصيلَ الوحيدَ القادرَ على تفكيك بنية التنظيمات الراديكالية في الشمال الغربي من سورية.
عرابي عرابي: اغتيال المكي تأكيد على تفكك "حراس الدين" بشكل شبه نهائي
تفكيك شبه نهائي
وبيّن الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عرابي عرابي، لـ"العربي الجديد"، أن "أبو عبد الرحمن المكي أو الحارثي كان قائد فصيل جيش الملاحم ضمن جبهة النصرة"، مشيراً إلى أنه "أوصى بالانشقاق عن النصرة عندما انفصلت عن القاعدة، وتشكيل حراس الدين". وأضاف أن المكي "كان من الشرعيين الكبار التابعين لتنظيم القاعدة في سورية، إلى جانب سامي العريدي وأبو محمد السوداني"، معتبراً أنه كان قيادياً مهماً"، وأن "اغتياله تأكيد على تفكك التنظيم بشكل شبه نهائي". وفي السياق، أوضح حسن أبو هنية، وهو كاتب متخصص في شؤون الجماعات المتشدّدة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حراس الدين" تعرّض "لحملات كثيرة وشرسة منذ تأسيسه"، مضيفاً أن التحالف الدولي لا يريد أن يكون لتنظيم القاعدة أي قوة في سورية".
ولفت إلى أن وجود "مصلحة مشتركة بين التحالف وهيئة تحرير الشام في القضاء على التنظيم"، موضحاً أن "العشرات من قادة هذا التنظيم تعرضوا للقتل أو للاعتقال". ورأى أن "حراس الدين" حالياً "بحالة كمون بانتظار ظروف جديدة أو تغيرات، ولكن هيكل التنظيم ضعف كثيراً على ما كان عليه، ووجوده الآن رمزي في سورية". وباعتقاد أبو هنية، فإن "الضربة التي وُجهت إلى المكي تشي بأن هناك خشية من إعادة بناء التنظيم"، خصوصاً في ظل حالة الغضب من "تحرير الشام" ومن فصائل أخرى، مضيفاً أن "التنظيم ضعف ولكن لا يمكن القول إنه تفكك نهائياً".
عبد الرحمن الحاج: السياق يقود إلى وجود دور للجولاني في مقتل المكي
من جانبه، رأى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجولاني "يريد التخلص من خصومه"، موضحاً أن "أحد أبرز أسباب استقرار الوضع في إدلب هو قيام الجولاني بمهمة القضاء على ظاهرة المقاتلين الأجانب". وأضاف أنه "رغم أن الكثير من المراقبين راهنوا على تراجع قدرة الجولاني في هذا الملف بعد مقتل القحطاني (أبو مارية القحطاني الذي قتل في إبريل/ نيسان الماضي) إلا أن اغتيال المكي قد يثبت عكس ذلك". وأوضح أن تنظيم "حراس الدين" هو تنظيم "منهك، ومحاصر من قبل هيئة تحرير الشام". وبما أن "بقاء الجولاني مرهون بالدور الذي يقوم به في مواجهة وضبط ظاهرة المقاتلين الأجانب"، وفق الحاج، فإن "التنظيم آيل إلى مزيد من الضعف والتآكل". وشدّد الحاج على أنه "لا يمكن الجزم بدور ما للجولاني في مقتل المكي، ولكن السياق يقود إلى ذلك"، مضيفاً أن "عودة عمليات التحالف مؤشر على استتباب الأمور في إدلب للجولاني".