هل تتوحد المعارضة التونسية حول مرشح للرئاسة أم تلجأ لخيار الانسحاب؟

هل تتوحد المعارضة التونسية حول مرشح للرئاسة أم تلجأ لخيار الانسحاب؟

18 مارس 2024
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس نهاية العام الجاري 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس تمثل فرصة للمعارضة للعودة إلى المسار الديمقراطي، لكنها تواجه تحديات بسبب الاختلافات الداخلية والشكوك حول ظروف إجراء الانتخابات.
- قادة المعارضة مختلفون في استراتيجيات المشاركة؛ بعضهم يرى أن الحديث عن مرشح مشترك سابق لأوانه، بينما يؤمن آخرون بأهمية الاتفاق على مرشح واحد لضمان عودة المسار الديمقراطي.
- المشاورات والمبادرات لتوحيد جهود المعارضة مستمرة، لكن القرار النهائي بشأن المشاركة بمرشح واحد يعتمد على التطورات المستقبلية والظروف السياسية والانتخابية، مع وجود تحديات كبيرة أمام تحقيق توافق واسع.

يُنظر إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في تونس في نهاية 2024 بوصفها محطة مفصلية تأمل المعارضة التونسية من خلالها إحداث تغييرات من شأنها أن تخرج البلاد من أزمتها، وتعود بها إلى المسار الديمقراطي الذي انطلق مع ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.

ولكن هل يمكن للانتخابات الرئاسية توحيد المعارضة لتختار مرشحا مشتركا؟ خاصة أنها ورغم اختلافاتها التي حالت دون توحدها ضمن كيان واحد، تشترك في تشخيص الأزمة، وترفض الحكم الواحد، أم أنها ستختار الانسحاب من سباق الرئاسة، لأنها ترى أن المناخ العام وشروط الانتخابات غير متوفرة.

رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، قال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحديث عن مرشح مشترك سابق لأوانه لأن إجراء الانتخابات الرئاسية لا يزال غير مؤكد، "والمناخ غير ملائم لإجراء انتخابات"، مبينا أن "هذا لا يعني أنهم سيسلمون في حقهم في الانتخابات، ولكن يجب أن تتم في ظروف وبشروط معينة وللأسف هذه الظروف والشروط غير متوفرة".

من جانبه، قال القيادي في حركة النهضة رياض الشعبي، إن "هناك اتفاقا بين المعارضة على ضرورة عودة المسار الديمقراطي، وهذا قد يمهد ويساعد على الاتفاق حول مرشح واحد للانتخابات الرئاسية".

وبين في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المعارضة لم تلتق على أرضية واحدة رغم دعوات عدة، ولكن يؤمل أن تكسر الانتخابات الرئاسية القاعدة، وتكون مناسبة تلتقي فيها المعارضة حول مرشح واحد، لأن الانتخابات الرئاسية فرصة لاستعادة المسار الديمقراطي"، معتبراً أن تفويت هذه لفرصة "سيزيد من تدهور الوضع، ولن يكون في مصلحة أي طرف".

وحول وجود مشاورات من عدمها، رد بأن "هناك مبادرات مطروحة في الساحة لمحاولة التجميع والالتقاء حول رؤية وبرنامج، وذلك قبل الخوض في الأشخاص، ويتم التفاعل إيجابيا مع كل المبادرات"، مبينا أن "الإشكال لا يتعلق فقط بالمعارضة، بل حتى بالسلطة التي هي بصدد إرسال رسائل سلبية، حيث بيّنت أنها لا تريد انتخابات ولا منافسة جدية".

وأشار إلى أن سلطات الرئيس قيس سعيد "تريد أن تجعل من الانتخابات ديكورا لإيصال مرشحها للمرحلة القادمة"، مضيفا أن "الانتخابات الرئاسية القادمة مختلفة في الحقيقة عن كل الانتخابات الرئاسية التي عرفتها تونس منذ الثورة إلى الآن".

وقال إن "الانتخابات الحالية تطرح رهانات عدة، أولها عدم التفريط في الانتخابات كآلية أساسية من آليات التداول على السلطة"، مبينا أن "المشروع المطروح في هذه الانتخابات هو المشروع الديمقراطي وليس مشروعا حزبيا ضيقا، والرهان إما العودة إلى الديمقراطية أو تكريس النظام الحالي لوجوده وفرضه سياسة الأمر الواقع، ودفع البلاد نحو ظروف أصعب من تلك التي تعيشها".

ولفت المتحدث إلى أن قرار المشاركة في هذه الانتخابات أو ترشيح مرشح، لا يعتبر قرارا حزبيا، "بل هو قرار المعارضة لكي يكون المشروع الديمقراطي مقابل الاستبداد".

وبين أن "السؤال لا يتعلق بما تريد المعارضة فقط بل ماذا تريد السلطة من الانتخابات، وهل تريد ترسيخ التقليد الديمقراطي أم أنها ستواصل سياستها التي بدأتها منذ سنتين ونصف بالارتداد على المكاسب الديمقراطية؟".

وأوضح أن قرار المشاركة بمرشح واحد مرتبط بالتطورات "وما سيحدث على أرض الواقع وهل ستسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في خريف 2024 أم لا؟. وقال إن "كل من يعلن ترشحه أو يقول إنه يرغب في الترشح يجري اعتقاله".

وقال الأمين العام للتيار الديمقراطي، نبيل حجي، في حديث لـ"العربي الجديد" إنه لم يجر الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية رسمياً، "وباستثناء بعض التصريحات لا يمكن اعتبارها موعدا جديا"، مضيفا أن الرئيس تحدث عن أن الانتخابات ستكون في موعدها، ولكنه لم يحدد هذا الموعد "وبالتالي لا تاريخ واضح، ولا قانون انتخابيا جديد، ولا توجد روزنامة".

واستغرب الحجي إعلان البعض ترشحهم ودخولهم منافسة "دون معرفة قوانينها ولا قواعدها مسبقا"، وقال "من الواضح أن كل ذلك خطة سياسية من رئيس الجمهورية في محاولة لرفع الضغط عنه، وتسليط الضوء على المعارضة".

وأضاف أن "المهم ليس اتفاق المعارضة على مرشح في حد ذاته، بل الاتفاق حول برنامج وحول مرحلة ما بعد قيس سعيد وما أفسده حكمه، إذ يجب التركيز على برنامج إصلاحي على المدى المتوسط والبعيد، وليس اسم الشخص الذي سيترشح"، مشيراً إلى أن "المجلس الأخير للتيار الديمقراطي أقر بأنه لا معنى لانتخابات رئاسية حقيقية وشفافة في ظل المناخ السياسي الحالي، فهيئة الانتخابات على مقاس الرئيس، والقانون سيضعه الرئيس، ومن ينوي الترشح يلاحق قضائيا، وبالتالي لا يمكن اعتبار هذا المناخ مناخا انتخابيا" .

ويرى القيادي في حزب العمال جيلاني الهمامي أنه "من الصعب أن تلتقي المعارضة حول المشاركة في الانتخابات وستكون منقسمة بين المشاركة والمقاطعة"، مضيفا أن من سيشارك قد يخرج من صف المعارضة وسيكون بشكل أو بآخر من المنظومة الحاكمة.

وقال في حديث لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنه من الصعب الاتفاق على مرشح مشترك"، مضيفا "في حزب العمال يعملون مع مكونات الرباعي أي حزب التيار الديمقراطي وحزب التكتل من أجل العمل والحريات وحزب القطب، وهم بصدد التنسيق لكي يتخذوا الموقف نفسه، والنقاشات جارية ولكن لم يتم الحسم في الموضوع"، مبينا أنه "سواء شاركوا أم لا فالبلاد تحت حكم الفرد الواحد، وتقريبا جل المحطات السابقة من انتخابات تشريعية ومحلية واستفتاء ودستور كانت تحت سلطة الشخص الواحد، لأن سعيد التف على الديمقراطية".