هل يكون الخان الأحمر أول منطقة لتنفيذ سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه مناطق "ج"؟

23 يناير 2023
تجمع عشرات المستوطنين قبالة الخان الأحمر للضغط على حكومتهم لترحيل السكان (العربي الجديد)
+ الخط -

تعتبر المناطق المصنفة "ج" ذات السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية، وفق اتفاق أوسلو والتي تفوق 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة؛ جوهر الاستهداف الاستيطاني الإسرائيلي، ومكان العمل الفعلي لتنفيذ اتفاق ائتلاف الحكومة الإسرائيلية ورأس جدول أعماله.

ويبدو أن شركاء هذا الائتلاف الذي يوصف بالأكثر تطرفاً ويمينية، اختاروا منطقة تجمع الخان الأحمر البدوي للانطلاق نحو مرحلة تنفيذ التهديدات التي لطالما أطلقها، والبدء الفعلي في هدم التجمع الواقع شمال القدس، بما يفتح الباب لاستكمال المخططات الاستيطانية بربط المستوطنات بمدينة القدس، وجعلها ذات امتداد متصل جغرافياً حتى منطقة الأغوار.

وبهدف الضغط على الحكومة الإسرائيلية لعدم تمديد قرار تجميد الهدم والترحيل الذي ينتهي مع بداية الشهر المقبل، اقتحم عضوا الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، داني دانون، ويولي إدلشتاين، وجماعات استيطانية أخرى، تلة مقابلة لتجمع الخان الأحمر اليوم الإثنين، وهو ما دفع نشطاء وجهات فلسطينية بشكل فوري إلى التجمع والاعتصام في المنطقة.

الصورة
ناشطون يتجمعون في الخان الأحمر بعد تجمع مستوطنين بالمنطقة (العربي الجديد)
تجمع لفلسطينيين قبالة تجمع لمستوطنين في منطقة الخان الأحمر (العربي الجديد)

ويعطي الاعتصام الذي شارك فيه الأهالي وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وفصائل فلسطينية، رسالة حول إمكانية عودة الاعتصام الدائم، والذي استمر عام 2018، لقرابة أربعة أشهر، وانتهى بقرار المحكمة العليا الإسرائيلية تجميد قرار هدم التجمع.

من جهته، وصف عبد الله أبو رحمة، أحد النشطاء في الاعتصام السابق، المرحلة الحالية بـ"الذروة"، وأنه غير مستبعد أن تقدم حكومة الاحتلال على هدم التجمع في أي وقت.

وقال أبو رحمة في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن الآن أمام من كان يهدد ويحث الحكومة الإسرائيلية، ومن كان يستأنف على قراراتها للتعجيل بالهدم.. أنا أتحدث عن منظمة (ريغافيم) الاستيطانية، التي رفضت قرار الحكومة وقف الهدم في عام 2018، والذي جاء نتيجة ضغط شعبي فلسطيني ودبلوماسي ورسمي، ومن أسس هذه المنظمة هو اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وهما الآن على سدة الحكم، ومن هنا تكمن الخطورة".

ويشير أبو رحمة إلى أن حكومة الاحتلال كانت تقدم كل ستة أشهر مبرراتها للمحكمة العليا الإسرائيلية لوقف تنفيذ قرار الهدم، ضمن سياق سياسي؛ وأنها تعمل على التفاوض مع أهالي التجمع لتفكيك الخان الأحمر، وقدمت إغراءات للسكان، لكن أبو رحمة يؤكد أنها فشلت في إقناع السكان بالإخلاء أو نقلهم لمكان آخر، ويشير إلى أن أي عودة نحو الترحيل، يعني إعادة تفعيل ما بدأ من اعتصام وتصد في عام 2018.

ويتابع أبو رحمة: "الستة أشهر الأخيرة ستنتهي في شهر فبراير/ شباط المقبل، وبعدها إما أن تطلب الحكومة من المحكمة العليا مهلة إضافية، أو أن تقدم على الهدم، وكما نعلم، بات من كان ينادي بهدم الخان الأحمر، على طاولة القرار".

أبو داهوك: الاحتلال انتظر الوقت "المناسب" للترحيل

بدورهم، يرى أهالي الخان الأحمر أن الأطراف السياسية الإسرائيلية تعمل على تهيئة الظروف لترحيلهم، فقد توقف الهدم كما يرى يوسف أبو داهوك أحد سكان الخان الأحمر، في حديث مع "العربي الجديد"؛ بسبب الفعاليات الشعبية، والضغط الدولي، لكن لم يجر إلغاؤه، بل انتظرت حكومة الاحتلال الوقت المناسب للتنفيذ.

ويرى أبو داهوك أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ترى أن المرحلة مواتية، وتجري التهيئة لترحيلهم، مشيراً إلى إقامة بؤرة استيطانية قرب نابلس قبل أيام وقيام جيش الاحتلال بإخلائها بعد 24 ساعة فقط من ذلك، وكأنها كما يرى، تهيئة للمجتمع الدولي، بوجود قرار بهدم ما يوصف بأنه غير قانوني، لكنه استدرك: تلك بؤرة عمرها 24 ساعة، لكن الخان الأحمر عمره أكثر من 70 عاماً، فقد أقيم عام 1952.

وكما يروي أبو داهوك، فإنه على مدار السنوات الماضية، وخصوصاً ما تبع وقف الهدم، تعرض الأهالي للكثير من المضايقات، وأهمها تلك التي تستهدف الثروة الحيوانية والمواشي، مضيفاً "ابتعاد راعٍ عن أغنامه بضعة أمتار؛ قد يعني مصادرتها، أو اعتداء المستوطنين عليها، فضلاً عن نشر مستوطنين في المناطق المرتفعة يربون المواشي كذلك ويصطدمون مع الرعاة الفلسطينيين".

ويتحدث أبو داهوك عن حرب نفسية متواصلة، بقدوم جيش الاحتلال والمستوطنين بشكل دوري إلى المنطقة، "يقفون قبالة الناس وقبالة مدرسة الخان الأحمر التي لا يعيش طلابها حياة مدرسية عادية".

الصورة
طلبة مدرسة الخان الأحمر المهددة بالهدم (العربي الجديد)
عدد من طلبة مدرسة الخان الأحمر المهددة بالهدم (العربي الجديد)

ووجد طلبة المدرسة التي شيدت عام 2003 من إطارات المركبات والطين، أنفسهم في أول يوم من الفصل الدراسي الثاني الذي افتتح اليوم، أمام توتر جديد يعيد كابوس احتمالية هدم مدرستهم التي أخطر الاحتلال بهدمها على مدار سنوات بحجة عدم الترخيص.

هدم الخان الأحمر يعني إنهاء القضية الفلسطينية

من جهته، يرى رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية مؤيد شعبان في حديث مع "العربي الجديد"، أن إنهاء تجمع الخان الأحمر؛ يعني إنهاء القضية الفلسطينية، وإنهاء "القدس عاصمة لفلسطين، وإنهاء لحل الدولتين أو أي أفق سياسي".

وسلطات الاحتلال تهدف من خلال إخلاء المنطقة من السكان إلى تنفيذ مخطط E1 الاستيطاني الذي يربط المستوطنات في القدس، ويوسع مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي القدس، وصولاً إلى البحر الميت، بما يفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، ويفصل القدس عن باقي الضفة.

وكان أهالي التجمع قد رفضوا مقترحات إسرائيلية، بتسوية تؤدي إلى ترحيلهم طوعاً إلى تجمع للبدو قرب بلدة العيزرية شرق القدس، أو في أريحا.

وخلال العام الماضي، أخطرت سلطات الاحتلال بهدم 1220 منشأة فلسطينية بحجة عدم الترخيص، كما جاء في تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان السنوي، وجرى تنفيذ 223 عملية استيلاء على ممتلكات، علاوة على إصدار قرارات بالاستيلاء على 26424 دونماً تحت مسميات مختلفة (إعلان محميات طبيعية، أوامر استملاك، أوامر وضع يد، إعلانات أراضي الدولة).

 ووفق الهيئة، فقد أقام المستوطنون العام الماضي، 12 بؤرة استيطانية على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية، وشرعنت بؤرتين استيطانيتين شرق رام الله.

وصادقت حكومة الاحتلال على ما مجموعه 83 مخططاً هيكلياً وتفصيلياً في الضفة الغربية بما فيها القدس، تقضي ببناء أكثر من 8288 وحدة استيطانية جديدة، حيث استهدفت هذه المخططات ما مجموعه 8,482 دونماً من أراضي الفلسطينيين.

وبحسب التقرير، فقد وصل عدد المستوطنين في الضفة بما فيها القدس، ما مجموعه 726,427 مستوطناً، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية، منها 86 بؤرة رعوية زراعية.