بعد دقائق على إعلان وسائل الإعلام الأميركية فوز المرشّح الديمقراطي جو بايدن في السباق المحتدم لرئاسة الولايات المتحدة، رفض الرئيس دونالد ترامب النتيجة، مشيراً إلى أنه سيثبت في المحكمة أنه الفائز.
وقال ترامب في بيان "الحقيقة البسيطة هي أن الانتخابات لا تزال بعيدة عن نهايتها"، مضيفا "الأصوات القانونية هي التي تحدد الرئيس، لا الإعلام".
لكن خبراء يشيرون إلى أنه سيكون من الصعب على ترامب تغيير النتيجة، ما لم يقدّم أدلة على وجود تزوير واسع النطاق في فرز الأصوات تسبب قلب النتائج في عدة ولايات.
وبالنسبة للخبير في قانون الانتخابات في جامعة كاليفورنيا، إرفاين، ريتشارد هاسن، فإن "استراتيجية المقاضاة التي يتبعها ترامب لن توصله إلى أي نتيجة. لن تحدث فرقاً في نتيجة الانتخابات".
وأفاد ترامب بأن فريق حملته سيتوجّه إلى المحاكم الاثنين "لضمان المحافظة الكاملة على قوانين الانتخابات وتولي الفائز الحقيقي المنصب".
وأشار إلى أنه يتوقع إعادة عد الأصوات في الولايات حيث يتقدّم بايدن ببضعة آلاف من الأصوات فقط.
وتحدّث على وجه الخصوص عن بنسيلفانيا، حيث يشير الجمهوريون إلى وجود تزوير ويقولون إنه تم احتساب آلاف بطاقات الاقتراع التي وصلت متأخرة عبر البريد بشكل مخالف للقانون.
وقال رودي جولياني، محامي ترامب ، السبت في فيلادلفيا، كبرى مدن بنسلفانيا، إنه "لا يحق للشبكات (الإعلامية) تقرير نتيجة الانتخابات. المحاكم هي التي تقوم بذلك. تضع المحاكم الانتخابات جانباً عندما تكون غير قانونية".
تذكير بما حصل في فلوريدا
ترامب على حق. لا تنتهي الانتخابات فعلياً إلى أن تثبّت كل ولاية رسمياً عدد الأصوات فيها، وهو أمر سيحصل خلال الأسابيع المقبلة.
لكن مع حساب جميع الأصوات البالغ عددها أكثر من 150 مليوناً، لم يحصل ترامب على ما يكفي من أصوات الهيئة الناخبة التي تختار الرئيس رسمياً، وفق ما أجمعت عليه وسائل الإعلام الأميركية، أمس السبت.
وسبق أن لجأ مرشحون إلى المحاكم. ففي العام 2000، عندما كانت المعركة الانتخابية بين الجمهوري جورج بوش الابن والديمقراطي آل غور متوقفة على النتيجة في فلوريدا - حيث كان بوش متقدماً بفارق أكثر من 500 صوت بقليل - رفعت المسألة إلى المحكمة العليا لإعادة عد الأصوات في الولاية.
ورفضت المحكمة إعادة فرز الأصوات ما أدى إلى إعلان فوز بوش.
لكن في حالة ترامب لن يكون عليه فقط تجاوز فارق بنحو 40 ألف صوت في بنسلفانيا، لكنه متراجع كذلك بآلاف الأصوات في كل من نيفادا وجورجيا وأريزونا وويسكنسن.
ويستبعد بدرجة كبيرة أن تتحرّك المحكمة العليا لإلغاء نتائج انتخابات بهذا الفارق في عدة ولايات.
إعادة عد الأصوات
يتوقع أن يعاد فرز الأصوات في كل من ويسكنسن وجورجيا، وربما في ولايات أخرى.
لكن نادراً ما تقلب إعادة فرز الأصوات نتيجة الانتخابات. وفي 2016، أضافت إعادة فرز الأصوات في ويسكنسن 131 صوتاً لصالح ترامب الذي كان في الأساس متقدماً على منافسته الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون.
وقال خبير القانون الانتخابي لدى جامعة ولاية أوهايو ستيفن هيفنر "في الانتخابات الأميركية الحديثة، لم يحدث قط تقريباً أن غيّرت عملية إعادة فرز الأصوات النتائج بأكثر من بضع مئات من الأصوات".
وكان فريق ترامب يأمل بإلغاء بنسلفانيا قرارها قبل أشهر قبول بطاقات الاقتراع التي تصل عبر البريد حتى ثلاثة أيام بعد يوم الانتخابات.
وطعن الجمهوريون بالقرار أمام المحكمة العليا في أكتوبر/تشرين الأول، لكن قضاتها انقسموا في آرائهم حيال الأمر (أيد أربعة ذلك ورفضه أربعة) فبقي القرار على حاله. لكن المحكمة أشارت إلى أنها قد تعيد النظر في المسألة بعد الانتخابات.
والآن، بما أنه بات لديها العدد الكامل من القضاة الذين تحتاجهم وهو تسعة بعدما عيّن ترامب المحافظة إيمي كوني باريت، يسعى الجمهوريون إلى عقد المحكمة جلسة جديدة للنظر في القضية.
لكن مسؤولي بنسيلفانيا يشيرون إلى أن عدد بطاقات الاقتراع التي يمكن أن تقرر المحكمة عدم احتسابها لا يتجاوز بضعة آلاف، وهو عدد أقل بكثير من ذاك الذي يحتاجه ترامب للفوز على بايدن.
وقالت المسؤولة عن شؤون ولاية بنسلفانيا الخارجية كاثي بوكفار، في مرافعة أرسلتها إلى المحكمة السبت، إنه "من الصعب رؤية كيف يمكن لبطاقات الاقتراع محط الجدل أن تكون مرتبطة بنتيجة الانتخابات".
تزوير
ويصر ترامب على وجود تزوير. ولتجاوز تقدّم بايدن، سيتوجب إثبات ذلك في عدة ولايات وإلغاء عشرات آلاف الأصوات التي جمعها خصمه.
ولم يقدّم فريق ترامب أي أدلة حتى الآن.
وقال جولياني، السبت، إن مدينة فيلادلفيا التي تميل عادة للديمقراطيين بدرجة كبيرة لديها "تاريخ محزن في تزوير الانتخابات"، مشيرا إلى وجود أسماء أموات على بعض بطاقات الاقتراع التي وصلت.
وتابع "هذا دليل كاف بالتأكيد لإلغاء حساب عدد معيّن من الأصوات. ومن شأن ذلك أن يؤثر على الانتخابات".
لكن بحسب هيفنر، فإن اتهامات الجمهوريين "غامضة".
وقال "عليك تقديم حقائق لدعم مزاعمك"، مضيفاً أنه حتى بوجود الأدلة، سيتعيّن على الجمهوريين إثبات أن التزوير كان كافياً لقلب النتيجة.
(فرانس برس)