هل أغلق القضاء العراقي قضية تسريبات نوري المالكي؟

هل أغلق القضاء العراقي قضية تسريبات نوري المالكي؟

03 أكتوبر 2023
سرب التسجيلات الصحافي العراقي المقيم في واشنطن علي فاضل (Getty)
+ الخط -

مع مرور أكثر من عام على تسريب التسجيلات الصوتية لزعيم حزب "الدعوة الإسلامية" ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ضمن جلسة جمعته بعدد من أعضاء مليشيا "لواء أئمة البقيع"، التي تنشط في محافظة ديالى الحدودية مع إيران، شرقي البلاد، كشف مصدر قضائي عراقي لـ"العربي الجديد"، أن عوائق تحول دون الوصول إلى مرحلة الإعلان عن نتائج التحقيقات التي تخص تلك التسريبات.

وفي التسجيلات الصوتية التي سرّبها الصحافي العراقي المقيم في واشنطن علي فاضل، في يوليو/تموز 2022، تحدَّث المالكي عن جملة من الملفات التي وُصفت بـ"الخطيرة"، منها ما يتعلق بـ"الحشد الشعبي"، وعمله على تشكيل مليشيا جديدة لحمايته، وعداوته لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتهديده بضربه في معقله بحي الحنانة في النجف، عدا عن ملفات مرتبطة بحوادث حصلت في العراق بالسنوات الماضية له علاقة بها، فضلاً عن اتصالاته بـ"الحرس الثوري" الإيراني وشخصيات إيرانية مختلفة.

وتسببت التسجيلات بضجة على مستويات عدة، منها السياسي والشعبي والأمني والمدني داخل العراق، حينها، ودفعت مواطنين ومحامين وأعضاء في تكتلات دينية من بينها "التيار الصدري"، إلى تقديم شكاوى عدة للقضاء، لكن لم يتحقق أي شيء ملموس على أرض الواقع، كما اختفت نتائج التحقيقات التي أعلن عنها القضاء العراقي ووزارة الداخلية، ولم يتطرق الإعلام العراقي إليها، رغم المطالبات الكثيرة بمحاسبة نوري المالكي.

ولم يتحدث المالكي بشؤون سياسية فقط، بل ظهر في التسريبات حديثه مع أعضاء مليشيا عراقية، ووعدهم بدعم مالي ولوجستي وغطاء قانوني، كما وصف ألوية وفصائل الحشد الشعبي بـ"أمة الجبناء"، معترفاً بأن أعدادا كبيرة من هؤلاء المقاتلين عبارة عن "فضائيين"، أي أنهم غير موجودين، وأن مرتباتهم تذهب إلى خزائن الأحزاب، إضافة إلى انتقاد المرجعية الدينية في النجف علي السيستاني، بوصفها بـ"الصامتة".

كما لم يغلق القضاء العراقي قضية "تسريبات المالكي"، لكن عوائق تحقيقية تحول دون الوصول إلى مرحلة الإعلان عن نتائج التحقيقات، وفق مصدر قضائي من بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف القضية لا يزال موجوداً في محكمة الكرخ ببغداد (قصر العدالة)، وأن الإجراءات الأولية قد حصلت بالفعل عبر استقدام المتهم بالتسريبات وهو نوري المالكي، وأخذ إفادته وإخراجه بكفالة إلى حين الإعلان عن جلسات المرافعات اللاحقة الخاصة بالدعاوى المرفوعة ضد المالكي".

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "التسجيلات الصوتية وفقاً للقانون العراقي لا تعتبر أدلة على الإدانة، بل أنها قرائن، والقرائن تحتاج إلى أمرين لتكون مكسباً لمصلحة المدعي، وهي إما قرينة أخرى، أو اعتراف المدعى عليه بالجرم، بالتالي فإن التسريبات الصوتية تعامل معها القضاء العراقي على أنها غير كافية".

وأوضح المصدر أن هذا يعني أن "القضاء يتعامل مع القضايا المرفوعة المعززة بالأدلة، وتسريبات المالكي تحدثت عن آلاف المسلحين وهجوم مرتقب على مدينة النجف لاستهداف مقتدى الصدر، لكن هذا مجرد حديث في مجلس خاص، والقضاء يحتاج إلى أدلة تثبت وجود هؤلاء المقاتلين أو قيام المالكي بالهجوم على النجف".

ورغم ذلك، فإن المقربين من نوري المالكي لا يزالون يدحضون التسريبات ويعتبرونها "مفبركة"، بالرغم من أن فرقاً معروفة بمتابعة قضايا الأخبار الزائفة والكاذبة، أبرزها فريق "التقنية من أجل السلام"، وهو أشهر فريق فني عراقي، أكد صحة التسجيلات المنسوبة إلى المالكي. وشدّد على أنها "ليست مفبركة". 

ويقول عضو "ائتلاف دولة القانون" بزعامة المالكي، سعد المطلبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ التسريبات "مفبركة"، مبيناً أن "أطرافاً قضائية تعرف ذلك، وأن تلك التسريبات أنجزت بدعم خارجي من أجل النيل من المالكي من جهة، ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار من خلال توريط المالكي في معارك سياسية وأمنية مع أطراف سياسية منها التيار الصدري، من جهة ثانية". 

من جهته، اعتبر الناشط السياسي ورئيس اتحاد طلبة بغداد إكرام وصفي، أن "قضية إهمال القضاء العراقي لتسريبات نوري المالكي تعد قضية أخطر من التسريبات نفسها"، مشيراً إلى أن "القضاء غض البصر عن العديد من القضايا المهمة، ومنها عدم محاسبة القتلة والفاسدين، وهو ما يؤدي إلى زيادة نفوذ وقوة هؤلاء على حساب القانون، وقد وصل الأمر إلى تفاخر بعض السياسيين بالسرقة وارتكاب المجازر، في حالة تشرح قمة الإفلات من العقاب في العراق".

واستكمل وصفي حديثه مع "العربي الجديد"، أن المجتمع المدني يطالب القضاء بالقصاص من القتلة، من خلال جملة من الفعاليات الاجتماعية من بينها البيانات والوقفات والاحتجاجات واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الإهمال المتعمد من القضاء لهذه المطالب يدفعنا إلى الانتقاد، وهذا الانتقاد تفسره السلطات والقضاء تحديداً إلى كونه انتقاصاً من هيبة مؤسسات الدولة"، معتبراً أن "المدنيين في العراق مستعدون لأن يكونوا دروعاً بشرية لحماية القضاء في حال قرر محاسبة المالكي وبقية المتهمين بالسرقة والانتهاكات". 

وفي وقت سابق، أعرب النائب المستقيل عن "الكتلة الصدرية" غايب العميري عن استغرابه من تأخر القضاء بإصدار أمر القبض بحق المالكي على خلفية التسجيلات المسربة له. وذكر العميري، في بيان صدر عن مكتبه، أن "المادة 195 من قانون العقوبات نصت على أنه يعاقب بالسجن المؤبد من استهدف إثارة حرب أهلية أو اقتتال طائفي، وذلك بتسليح المواطنين أو بحملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الآخر، أو بالحث على الاقتتال، وتكون العقوبة الإعدام إذا تحقق ما استهدفه الجاني".

المساهمون