هل أصبح الاتفاق النووي بحكم الميت بعد رفض إيران الطلب الأوروبي إحياء التفاوض؟

03 مارس 2021
تحذير من تعرّض جهود إنقاذ الصفقة للخطر (شون جالوب/ Getty)
+ الخط -

تريد الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) التعبير عن انتقادها وقلقها الشديد بشأن سماح إيران بعمليات تفتيش محدودة فقط لمنشآتها النووية أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي دفع طهران للتحذير من هذه الخطوة حتى لا تتعرّض جهود إنقاذ الصفقة للخطر. 

ويأتي التوجه الأوروبي كردّ فعل على رفض طهران مقترحاً أوروبياً لعقد اجتماع غير رسمي لإعادة إحياء ملف التفاوض المتعلق بالاتفاق النووي، وبالتالي خلق "أرضية مساومة" بعد أن يقدم كل طرف مطالبه قبل بدء المحادثات رسميا. فهل بات الاتفاق بحكم الميت؟

في السياق، أبرزت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أنه ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عهد دونالد ترامب، قامت إيران بخرق المزيد من بنود الاتفاقية، وخزنت الوقود النووي، تزامناً مع التقدم في إبحاثها، وهذا "خلق المزيد من الأخطار على أوروبا"، مشيرة إلى أنه "تكتيك تفاوضي لإنقاذ الصفقة بمباحثات جديدة مع أميركا، وبالطبع رفع العقوبات الاقتصادية مقابل قيود على البرنامج النووي، بعد أن بدأت إيران في إنتاج اليورانيوم، وهو المادة التي تستخدم حصرياً لبناء رؤوس نووية". 

 

إلى ذلك، برزت تعليقات تفيد بأن "القيادة في إيران، وعلى ما يبدو، لا تريد حقاً صنع القنبلة، لكنها تريد أن تكون قادرة على القيام بذلك في أي وقت، لأن تأثير الرادع سيكون بنفس القدر تقريباً، لتطرح الأسئلة عن المدى والقوة لدى القيادة الإيرانية للسيطرة على المليشيات، والتي تؤجج الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ما يتسبب في مشاكل أمنية هيكلية لأوروبا".

واعتبر الكاتب كليمنس فريغن أن "أميركا تمتلك نفوذاً كافياً لإعادة التفاوض مع إيران، ومن الصواب والمهم أن يواجه الرئيس جو بايدن ألعاب القوة الإيرانية وعملائها في المنطقة مبكراً، وبشكل حاسم، فهم مصدر رئيسي لعدم استقرارها، إن كان في العراق أو سورية أو لبنان أو اليمن، أو أي مكان آخر، ولا يمكن للغرب أن يقف مكتوف الأيدي". 

وأبرز فريغن أن "إعطاء الرئيس بايدن الأمر بقصف المليشيات الموالية لإيران في منطقة الحدود السورية العراقية يمكن وصفه بـ"الضربة الانتقامية الرادعة"، وكتحضير لمفاوضات جديدة حول برنامج إيران النووي". 

كليمنس فريغن: أميركا تمتلك نفوذا كافيا لإعادة التفاوض مع إيران، ومن الصواب والمهم أن يواجه الرئيس جو بايدن ألعاب القوة الإيرانية وعملائها في المنطقة مبكرا، وبشكل حاسم

 

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "بايدن تعلم من الأخطاء السابقة التي ارتكبها الأوروبيون وإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث الشعور بأن إيران تتعاطى مع نية أميركا بالعودة للمحادثات النووية بمطالب مفرطة، والضربة الانتقامية مؤشر على ذلك، ولتذكير طهران بأن قواعد اللعبة تغيرت منذ عهد إدارة أوباما، علماً أن المليشيات المتحالفة مع إيران أطلقت، خلال فبراير/ شباط الماضي، صواريخ على منشآت التحالف بقيادة الولايات المتحدة في أربيل العراقية، وكانت على ما يبدو محاولة أولى من طهران لاختبار نوايا إرادة بايدن".

في المقابل، ومع مطالبة الولايات المتحدة لطهران بالامتثال للاتفاق قبل رفع العقوبات، ورفض الأخيرة لذلك قبل رفع الإجراءات العقابية الأميركية كشرط أساسي، اعتبر الصحافي الألماني ماتياس بروغمان، مع صحيفة "هاندلسبلات"، أن "الاتفاق النووي ميت أيضاً مع بايدن، والعودة إليه أمر مستحيل.. ولا يبدو أنه بنفس سهولة العودة إلى اتفاقية المناخ يمكن إعادة إحياء الاتفاق النووي، بعد أن كان الرئيس السابق ترامب فرض المزيد من العقوبات على الإيرانيين بعد خروجه منه عام 2018، وحاول الأوروبيون بلا قوة الوفاء بالوعود التجارية التي قطعوها لطهران، على الرغم من الحظر الأميركي". 

 

وأضاف أنه "قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية في إيران، حيث ستسلم السلطة من الرئيس الحالي المعتدل حسن روحاني إلى متشدد من الحرس الثوري، لن تكون هناك عودة إلى الاتفاق القديم، وبدلاً من ذلك يجب التفاوض على معاهدة جديدة تخدم أوروبا وأميركا، تشمل كلاً من البرنامج النووي الايراني الموسع، وتضمن لطهران تسهيلات تجارية حقيقية بعد أن فقدت الثقة بفعل ممارسات ترامب". 

وأوضح بروغمان أنه "من المهم أن تمنع الاتفاقية إيران مسلحة نووياً، وأن توافق بين النظام في طهران ودول المنطقة، وكذلك بناء هيكل أمني هناك، من شأنه أن يمهد الطريق أمام المشاركة الاقتصادية للشركات الغربية، وبما يحدث طفرة اقتصادية. أما إذا ما فشل ذلك، فسينشأ سباق تسلح نووي في الخليج، ويتعزز النفوذ الاقتصادي والسياسي للصين وروسيا في دول الخليج".

وعما إذا كانت لإيران مصلحة في استئناف الحوار حالياً، فقد أشارت الخبيرة في الشأن الإيراني والأستاذة الجامعية كاتايون أميربور، في حديث لـ"دويتشلاند فونك"، إلى أن "الحكومة الإيرانية تحت ضغط الوقت، وقد قدمت الكثير من التنازلات للأميركيين خلافاً لكل نبوءات الصقور في طهران".

وأضافت أميربور: "الصقور في طهران يجاهرون الآن بأنهم كانوا على صواب منذ البداية عندما عارضوا إبرام الاتفاق عام 2015، وأنه لا يمكن الوثوق بالأميركي، وبأن النتيجة أن بلادهم لم تكسب شيئاً من الصفقة النووية، ولم يشعر السكان بأي شيء إيجابي بعد اتفاق عام 2015".

المساهمون