وذكرت الورقة الصادرة، مساء الأربعاء، عن "مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بار إيلان"، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، أنّ أحد أهم أنماط "حرب المعلومات" التي يعكف جيش الاحتلال الإسرائيلي على استخدامها، في الأعوام الماضية، تقوم على تسريب معلومات استخبارية حول الجهود التي يعكف عليها "العدو" لمراكمة القوة العسكرية، مما يدفع الأخير للتراجع عن هذه الجهود، كونها باتت مكشوفة لإسرائيل.
وبحسب الورقة التي أعدّها الباحث ياكوف لبن، فإنّ تعمّد المخابرات الإسرائيلية الكشف عن المعلومات المتعلّقة بمخططات "العدو" في مجال بناء القوة العسكرية، وتسريبها لوسائل الإعلام، يرمي لإقناع صناع القرار لدى الأخير، بأنّ مخططاته باتت مكشوفة، وأنّه في حال واصل هذا النمط من السلوك، فإنّه يخاطر بتلقي ضربة عسكرية من إسرائيل.
ولفتت الورقة، إلى أنّ جيش الاحتلال يوظف "حرب المعلومات" على نطاق واسع ضد كل من: إيران، "حزب الله" اللبناني، وحركة "حماس" الفلسطينية، مشيرة إلى أنّ هذا النمط من الحروب يقلّص الحاجة إلى المخاطرة بشن حملات عسكرية ضد ما وصفته بـ"الأعداء".
ووفق الورقة، فإنّ حرب المعلومات تهدف أيضاً إلى محاولة تجنيد المجتمع الدولي، والقوى الإقليمية، للتدخل والضغط على "العدو"، "لعدم الإقدام على خطوات تفضي إلى المس باستقرار المنطقة من خلال التسبب في انفجار صراعات مسلحة".
وأشارت إلى أنّ "حرب المعلومات"، باتت تعد أحد مركبات إستراتيجية "المواجهة بين الحروب"، التي تعكف إسرائيل على اعتمادها في الفترات التي تفصل بين الحروب التي تشنّها على "أعدائها".
وشدّد معد الورقة على أنّ "حرب المعلومات"، "تسهم في تعزيز قوة الردع الإسرائيلي بشكل كبير وتقلّص مخاطر انفجار مواجهات مسلحة على الجبهتين الشمالية والجنوبية".
وبحسب الورقة، فإنّ "حرب المعلومات" تصل إلى أقصى تأثيرها عندما تكون مكملة لعمليات عسكرية وغارات جوية، إذ إنّ هذه الغارات تعزّز رسائل الردع التي تسعى "حرب المعلومات" لإيصالها إلى "العدو".
وذكرت الورقة أنّه يمكن قياس تأثيرات "حرب المعلومات" بعد مضي وقت طويل من خلال معرفة ما إذا كانت قد أسهمت في تقليص حجم المخاطر التي تتعرّض لها إسرائيل، أو بقاء تأثيرها محدوداً.
ولفتت إلى أنّ المؤسسة الأمنية عمدت، خلال الأسابيع والأشهر الماضية، إلى استخدام "حرب المعلومات" بكثافة.
وأشارت إلى أنّ أوضح الأمثلة التي تعكس استخدام إسرائيل "حرب المعلومات"، يتمثّل في إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مطلع إبريل/نيسان الحالي، على تسريب معلومات إلى وسائل إعلام عبرية حول نية حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، شنّ هجمات صاروخية على العمق الإسرائيلي، خلال الساعات والأيام المقبلة، انطلاقاً من قطاع غزة.
ولفتت إلى أنّ موقع "يديعوت أحرنوت" الذي انفرد أولاً بنشر التسريب العسكري الإسرائيلي، عمد إلى نشر تحليل حول الدوافع التي تدفع "الجهاد الإسلامي" لشنّ الهجوم.
وبحسب الورقة، فإنّ الهدف من النشر، كان ممارسة الضغط على كل من حركة "حماس" ومصر والمبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف، لكي يتدخلوا لمنع تنفيذ الهجمات على اعتبار أنّها "تهدد الجهود الهادفة للتوصّل إلى تهدئة طويلة المدى بين المقاومة في القطاع وإسرائيل".
وزعمت أنّ مسارعة "الجهاد الإسلامي" لنفي الأنباء، عكست شعوراً بالإحراج لديها، جراء الكشف عن المخطط، على حد قول الورقة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ قناة التلفزة الإسرائيلية "13"، كشفت أنّ الولايات المتحدة نقلت رسائل إلى الحكومة اللبنانية، تحذرها من تبعات نية إيران و"حزب الله"، بناء مصانع لإنتاج صواريخ ذات دقة عالية الإصابة على الأرض اللبنانية، مشيرة إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، نقل التحذير الإسرائيلي لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.
كما لفتت إلى أنّ من مظاهر "حرب المعلومات"، ما بثته قناة التلفزة الإسرائيلية "13"، في فبراير/شباط الماضي، أنّ شركة الأقمار الصناعية الإسرائيلية الخاصة "ISI" التقطت صوراً تظهر منشأة في شمال سورية، يُرجّح أنّها مصنع لإنتاج الصواريخ.
وبحسب الورقة، فإنّ إقدام رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جلسة الأمم المتحدة في مارس/آذار 2018، على الكشف عن قيام إيران ببناء مصانع لإنتاج الصواريخ بالقرب من مطار بيروت الدولي، يندرج في إطار "حرب المعلومات"، ضد إيران و"حزب الله".
وأشارت إلى أنّ نتنياهو أعلن، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أنّ "حزب الله"، قام بإغلاق هذه المصانع بعد افتضاح أمرها، مشيرة إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتبر أنّ "حرب المعلومات" ضد "حزب الله"، قد "آتت أكلها بشكل كبير".