هذا ما خلص إليه التحقيق المغربي في مأساة مليلية

13 يوليو 2022
تظاهرات في برشلونة حول مأساة مليلية وما يعانيه المهاجرون غير النظاميين (Getty)
+ الخط -

انتهى التحقيق الذي باشره المغرب بشأن أحداث مليلية، التي خلفت مصرع 23 مهاجراً غير نظامي، بعد محاولة اقتحام نحو ألفي مهاجر للمعبر الحدودي الفاصل بين محافظة الناظور (شمالي شرق المملكة) والمدينة المحتلة، إلى إثارة فرضية العنف جراء تردد السلطات الإسبانية في تقديم المساعدة والإسعاف للمهاجرين، ونفي استعمال قوات الأمن المغربي للرصاص.

وقالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي)، أمينة بوعياش، الأربعاء، إنّ اللجنة الاستطلاعية التي شكلت للتحقيق في مأساة مليلية "توصلت بإفادات، ومن جمعيات غير حكومية، تشير إلى فرضية العنف ما وراء السياج بفعل إحجام وتردد السلطات الاسبانية في تقديم المساعدة والإسعاف رغم التدافع والازدحام والإغلاق المحكم للبوابات الحديدية".

وقالت بوعياش، خلال مؤتمر صحافي عقده المجلس اليوم، لتقديم الخلاصات الأولية للجنة الاستطلاعية الخاصة بأحداث مليلية، إن "المعبر الحدودي الفاصل بين الناظور ومليلية المحتلة "مغلق بشكل محكم، ولا يمكن فتحه إلّا من الجانب الآخر، (الإسباني)، بطبيعة الحال، جمعنا إفادات نعتبرها ذات أهمية، وسنرتب عليها مقترحات".

في المقابل، أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن اللجنة الاستطلاعية تأكد لدى جميع أعضائها أن القوات الأمن المغربي كانت تحمل العصي والغاز المسيل للدموع، ولم تكن تحمل أسلحة نارية، ولم يعرف التدخل أي إطلاق للنار من جانبها، وذلك بشهادة عدد من المهاجرين.

وقالت: "الجميع، بمن فيهم المهاجرون الذين التقت بهم اللجنة، أجمعوا على عدم استعمال الرصاص. وسيتم تقديم الأجوبة الأولية لأسباب الوفاة، التي ترجع في أغلبها إلى الاختناق الميكانيكي والتدافع والسقوط من أعلى السور، في انتظار نتائج التشريح الطبي لتحديد سبب الوفاة لكل حالة على حدة، وكذلك تحاليل الحامض النووي لتحديد هويتهم وضمان حقوق عائلات المتوفين".

وسجل تقرير اللجنة أنه "تبين لها أن عناصر القوة العمومية كانت في حالة رد لخطر نظراً للعدد الكبير للمهاجمين المسلحين بالعصي والحجارة، حيث تم إحصاء حوالي 600 عصى من مخلفات عملية الاقتحام"، لافتاً إلى أن مواجهة المهاجرين لقوات حفظ النظام اتسمت بـ"عنف شديد، بالإضافة إلى طبيعة الهجوم غير المعتاد من حيث الزمان والمكان، ذلك أن عمليات الاقتحام عادة ما كانت تحدث في الليل وفي نقاط أخرى من السياج الحديدي".

وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت المغرب وإسبانيا باستخدام "مفرط للقوة" ضد المهاجرين، ودعت إلى فتح تحقيق مستقل. كما أمر المدعي العام الإسباني بفتح تحقيق بالحادثة التي وقعت في 24 يونيو/ حزيران الماضي.

من جهة أخرى، نفت بوعياش دفن أي مهاجر متوفى من ضحايا المواجهات العنيفة الناتجة عن محاولة اقتحام السياج الحدودي، مشيرة إلى أن اللجنة الاستطلاعية تأكدت من عدد الجثث خلال زيارتها مستودع الأموات البالغ عددها 23 جثة، وأن جميع الضحايا خضعوا للتشريح الطبي لمعرفة أسباب وملابسات الوفاة، كما خضعوا لتحليل الحمض النووي لحماية هويتهم وحماية حق عائلاتهم.

وقالت "ما وقع في معبر مليلية المحتلة من أحداث هي مأساة حقيقية جاءت نتيجة هجرة غير آمنة وغير منتظمة، وذلك بتوافد آلاف المهاجرين عبر قنوات غير نظامية جعلتنا نعيش فاجعة وفاة 23 شخصاً وإصابة 217 شخصاً من أفراد القوات العمومية".

وسجلت اللجنة من "مصادر متعددة ومتقاطعة، توافد عدد كبير من المهاجرين منذ العام الماضي، والذي بدأ يشكل، في نظرنا، نمطاً جديداً وناشئاً من الهجرة، يتميز بالرهان على عنصر الكثرة العددية للعبور إلى مليلية وليس فقط من المهاجرين، بل من لهم صفة "طالبي اللجوء"".

وأوضحت أن "هذا الشكل الجديد يتميزُ باستعمال العنف الحاد في مواجهة القوات العمومية، بما فيها احتجاز عناصر من القوات العمومية والهجوم المباغت وغير المعتاد، من حيث الزمان، صباحاً أي بالنهار، والمكان، المعبر وليس السياج، وأسلوب الاقتحام بدل التسلق، وجنسية واحدة لأغلبية المحاولين للاقتحام".

وفي السياق، دعت المسؤولة الحقوقية بناء على ما جمعته لجنة الاستطلاع من معلومات وإفادات، والتي تم وضعها في سياقها، إلى "إعادة النظر في تدبير حفظ النظام العام المتعلق بمنطقة السياج"، وحذرت من "اتساع دينامية الهجرة، ضمن متغيرات عميقة واتساع رقعتها، بسبب الفقر والنزاعات والجفاف والتغيرات المناخية".

كما يرى المجلس أن "المواجهات غير المسبوقة بمعبر مليلية تسائل الشراكة المغربية الأوروبية، وتدعو لتحيينها ضمن شراكة حقيقية ومتكافئة، لا سيما فيما يتصل بالمسؤولية والتدبير المشترك لتوافد المهاجرين".

 التقرير دعا كذلك "مفوضية الاتحاد الأفريقي لاقتراح إجراءات عملية للانخراط الجدي للحكومات في التدبير القاري للهجرة ولأسباب الهجرة، بما يضمن سلامة وكرامة المواطن الأفريقي".

المساهمون