تعرضت قوات النظام السوري، خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، لهجوم في مكانين مختلفين في البادية السورية، ما كبدها خسائر في الأرواح والعتاد، ما يثير تساؤلات بخصوص جدية نظام بشار الأسد في حملات التمشيط العسكرية التي يخوضها في البادية بالتعاون مع المليشيات الإيرانية والقوات الروسية ضد ما يسميه خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي.
وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" إن قوات النظام السوري تعرضت لهجوم من مجهولين يرجح أنهم من تنظيم "داعش"، أمس الأحد، حيث هاجم مسلحون نقاطا في محيط بلدة عقيربات بريف حماة الشمالي الشرقي، وذلك للمرة الثانية في أقل من أسبوع في الناحية ذاتها.
وأوضحت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، أن الهجوم تمركز في منطقة مستريحة طهماز التابعة لناحية عقيربات، التي كانت معقل تنظيم "داعش" في ريف حماة الشمالي الشرقي، واستهدف نقاط حماية متقدمة لقوات النظام والمليشيات التابعة له.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إن هجوما آخر وقع على رتل لقوات النظام في منطقة بير رخوم في البادية بريف الرقة الجنوبي، حيث طاول الهجوم رتلا للنظام خلال تحركه في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى مقتل خمسة عناصر بينهم ضابط برتبة ملازم، وإصابة اثنين وفرار بقية أفراد الرتل.
وذكرت المصادر أن المهاجمين استولوا على شاحنتين تحملان أسلحة وذخائر وفروا بها إلى مكان مجهول، مشيرة إلى أن الطيران الحربي التابع للنظام حلّق في أجواء المنطقة عقب انتهاء الهجوم من دون تنفيذ أي ضربات.
وبحسب المصادر، فإن ذلك هو الهجوم الثاني منذ بداية الشهر الجاري على رتل للنظام في المنطقة ذاتها، وطاول في المرة الأولى رتلا يُقل أسلحة وذخائر لقوات النظام بين نقاطه في ريف حماة وريف الرقة الجنوبي.
ووقع الهجومان الأخيران في ريفي الرقة وحماة خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، ويأتيان ضمن سلسلة من الهجمات التي تتعرض لها قوات النظام ضمن البادية السورية الممتدة على محافظات الرقة ودير الزور وحمص وحماة وجزء من ريف حلب الجنوبي الشرقي.
وتثير تلك الهجمات أسئلة كثيرة حول حقيقة قيام النظام بحملات تمشيط ضد تنظيم "داعش" في البادية بالتعاون مع روسيا، كما يثير تساؤلات عن هوية منفذي الهجمات في تلك المنطقة، فضلا عن أن الهجمات تتركز كثيرا بالقرب من ناحية سلمية، وهي التي تتمتع بتنوع سكاني.
ويقول مصدر محلي لـ"العربي الجديد" إن النظام يسهل الهجمات بالقرب من ناحية سلمية تحديدا، من أجل إبقاء الحاضنة الشعبية في المنطقة تحت الخوف، خاصة أن نسبة كبيرة من القرى موالية للنظام، فضلا عن أن مدينة سلمية غالبية سكانها من الأقليات.
وشهدت مناطق في البادية هجمات يرجح أنها طائفية، وفق مصادر محلية، وكان أشدها في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، حيث تحدثت مصادر محلية عن مقتل 15 مدنيا بينهم أطفال ونساء على يد مليشيات طائفية مدعومة من إيران، خلال هجوم على منازل مدنيين في قرية الفاسدة بناحية السعن في ريف حماة الشمالي الشرقي.
ويرى الخبير العسكري السوري، العقيد أحمد حمادة، أن "داعش تنظيم وظيفي استخدمته إيران والنظام لأغراضهم لإبراز أنهم مستهدفون من الإرهاب أولا، وأنهم يحاربون الإرهاب ثانيا، ولإظهار كل من يقاتل النظام بأنه داعش ثالثا".
وأضاف حمادة، في حديث لـ"العربي الجديد": "لذلك سعى النظام إلى تزويد هذا التنظيم بالسلاح والذخيرة من خلال معارك وهمية لتنفيذ مهامه ضد الثورة السورية، والهجمات الأخيرة تأتي ضمن هذه الاستراتيجية، فالتنظيم متواجد في البادية وتم نقلهم من قبل حزب الله من القلمون وقسد أخرجتهم من الرقة والنظام نقلهم من مخيم اليرموك".
وأضاف: "قد تتواجد بعض المجموعات الداعشية تنفذ عمليات على محور حمص دير الزور، وتنفذ كمائن ضد بعض القوى التي تسير ضمن هذه المناطق، ضمن نطاق المنافسة بين بعض القوى المتواجدة، لكن النظام يملك الطيران وكذلك الروس، ومن المفترض أن يتم حماية القوافل والأرتال العسكرية بالطائرات إذا كانت هناك أخطار محتملة".
يذكر أن خلايا تنظيم "داعش" تتمركز في البادية السورية التي تمتد على مساحات واسعة وتتمتع بتضاريس صحراوية وأخرى جبلية وعرة، إلا أن النظام السوري ما يزال يقوم بإرسال الأرتال عبر الطرق في البادية من دون حماية جوية لها.
وكانت أشد الهجمات على النظام مؤخرا في بادية السخنة بريف حمص، في السادس من سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث طاولت حقل الهيل النفطي وكبدت النظام خسائر في الأرواح والعتاد. وجاء ذلك الهجوم عقب أسبوعين من إعلان روسيا عن قيامها بعملية تمشيط واسعة في البادية السورية ضد خلايا تنظيم "داعش" والتي جاءت تحت مسمى "الصحراء البيضاء".