"نيويورك تايمز": خطة "سلام" سعودية مع أبوديس عاصمة فلسطينية

04 ديسمبر 2017
خطة بن سلمان منحازة للإسرائيليين(Getty)
+ الخط -
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن خطة سعودية لـ"السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قدّمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال زيارة الأخير إلى الرياض الشهر الماضي، جاءت "منحازة للإسرائيليين أكثر من أي اقتراح سابق تبنّته الإدارة الأميركية، ولا يمكن لأي زعيم فلسطيني أن يقبل بها"، وفق ما نقلت الصحيفة عن مسؤولين فلسطينيين وعرب وأوروبيين استمعوا إلى صيغة عباس للخطة المقدّمة.

وذكرت الصحيفة الأميركية، في عددها الصادر، اليوم الإثنين، أنه وفق الاقتراح السعودي، سيحصل الفلسطينيون على دولة خاصة بهم، ولكن فقط أجزاء غير متجاورة من الضفة الغربية، وبسيادة محدودة على أراضيهم، فيما ستظل الغالبية العظمى من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قائمة، ولن يُمنح الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لهم، ولن يكون هناك حق عودة للاجئين الفلسطينيين. وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين فلسطينيين من حركة "فتح" وآخرين من "حماس" قالوا إنهم وجدوا الخطة "مهينة" و"غير مقبولة".




وكشفت "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤولين فلسطينيين من "فتح" و"حماس"، فضلاً عن مسؤول لبناني رفيع المستوى وعدد من الأشخاص الآخرين الذين اطلعوا على هذه القضية، أن الصدمة الإضافية للفلسطينيين كانت الكلام عن أن بن سلمان أبلغ عباس، أنه إذا لم يقبل بالاقتراح، فسيتم الضغط عليه للاستقالة لإفساح المجال أمام بديل يقبل بهذا المقترح. وقال عدد من المسؤولين، إنّ ولي العهد السعودي عرض مع الاتفاق زيادة الدعم المالي للفلسطينيين، بل إنه وصل إلى حد إمكانية الدفع المباشر إلى عباس، الذي رفض ذلك بحسب المسؤولين. وقد أعرب عباس عن انزعاجه واضطرابه الواضح من الاقتراح، وفقاً لما ذكره مسؤول من "فتح".

وأشارت الصحيفة إلى أن عباس بدأ إجراء مكالمات هاتفية مع قادة سياسيين في المنطقة بعد مغادرته الرياض. ونقلت الصحيفة عن مسؤول حكومي لبناني، لم تكشف هويته، تلقى مكالمة من عباس، قوله إنه فوجئ بالاقتراح السعودي بأن تصبح أبو ديس، إحدى ضواحي القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية.

ويفصل أبو ديس عن مدينة القدس جدار مبني كجزء من جدار الفصل الإسرائيلي. وقال المسؤول اللبناني إنه لا يمكن لأي عربي القبول بهذا النوع من الألاعيب، مضيفاً أنه لا يمكن لأحد أن يقترح هذا الأمر على فلسطيني ما لم يكن شخصاً يفتقر إلى الخبرة ويحاول إغراء أسرة الرئيس الأميركي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول لبناني كبير وسياسي لبناني، اطلعا على المناقشات، أن عباس أُبلغ أن لديه شهرين لقبول الصفقة أو سيتم الضغط عليه للاستقالة.



وقال مسؤول فلسطيني في لبنان، بحسب "نيويورك تايمز"، إن الفكرة التي طرحها السعوديون هي تعويض الفلسطينيين عن خسارة أراضي الضفة الغربية عن طريق إضافة أراضٍ إلى قطاع غزة من شبه جزيرة سيناء المصرية. لكن مسؤولاً غربياً قال، إن مصر رفضت هذه الفكرة.

كما نقلت الصحيفة عن مستشار للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لم تكشف عن هويته، أن المسؤولين الفرنسيين سمعوا نسخة من بعض المقترحات السعودية التي بدت مشابهة جداً للرهانات الإسرائيلية وغير مقبولة للفلسطينيين. وقال إنّ فرنسا أبلغت الأميركيين أنه إذا أرادوا بدء مناقشات حول هذا الملف، فإنهم يجب أن يتقدموا به، ولكن يجب أن يتذكروا أن فرنسا ودولاً كثيرة أخرى لها مصالح واهتمامات في المنطقة.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن لقاء بن سلمان مع عباس جاء بعد أقل من أسبوعين من زيارة مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، إلى الرياض حيث ناقش مع ولي العهد خطة السلام. وقالت الصحيفة إن المقترح جعل كثيرون في واشنطن والشرق الأوسط يتساءلون عما إذا كان ولي العهد السعودي يروج بشكل هادئ لالتزامات ترامب، محاولاً كسب رضى الأميركيين، أو يتصرف بشكل منفرد للضغط على الفلسطينيين أو لجعل أي عرض في نهاية المطاف سخياً بالمقارنة مع هذه الخطة. أو ربما كان عباس، الذي أُضعف سياسياً في الداخل، يرسل إشارات لأهداف خاصة أنه كان تحت ضغط من الرياض، بحسب الصحيفة.

وتحدثت "نيويورك تايمز" عن أهداف بن سلمان من تحركه، لافتة إلى أن الأمير السعودي أكد أن أولويته القصوى في المنطقة ليست القضية الفلسطينية-الإسرائيلية، ولكن مواجهة إيران، مشيرة إلى أن مسؤولين ومحللين إقليميين يعتقدون أن بن سلمان قد يكون مستعداً لمحاولة فرض تسوية على الفلسطينيين من أجل تعزيز التعاون الإسرائيلي ضد إيران. وأضافت أن مسؤولين غربيين وإقليميين يقولون، إن الهدف الرئيسي للسعودية يبدو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي سيكون صعباً إذا استمر النزاع الفلسطيني كقضية إقليمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض نفى الأحد وجود الخطة، قائلاً إنه ما زال هناك أشهر لوضع الصيغة النهائية لخطة السلام. كما أن السلطات السعودية نفت تأييدها لهذا التوجّه. كذلك نفى نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس، "الروايات عن اجتماع الرياض" ووصف ما قيل عن مقترحات سعودية بأنها "أخبار مزيفة" و"لا وجود لها"، موضحاً أن الفلسطينيين لا يزالون ينتظرون اقتراحاً رسمياً من الولايات المتحدة.

رغم ذلك، قالت الصحيفة إن النقاط الرئيسية للاقتراح السعودي كما قُدّمت للرئيس الفلسطيني، أكدها كثير من الأشخاص الذين اطلعوا على المناقشات بين عباس وبن سلمان، بمن فيهم مسؤولون في حركة "فتح" والعديد من المسؤولين الغربيين إضافة إلى آخرين لبنانيين.