رغم ندرة المعلومات عن حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل زعيم مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين وعدداً من قيادات المجموعة، إلا أن الاعتقاد الراجح لدى الدوائر الأميركية هو أنّ انفجاراً على متن الطائرة أدى إلى تحطمها.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم الجمعة، عن مسؤولين أميركيين وغربيين ترجيحهم لنظرية الانفجار داخل الطائرة من بين نظريات متعددة يتم نقاشها حول سبب سقوط الطائرة الخاصة في حقل بين موسكو وسانت بطرسبرغ، يوم الأربعاء الماضي، ومصرع كل من كان على متنها.
وقال المسؤولون إن الانفجار ربما يكون ناجماً عن قنبلة أو جهاز آخر مزروع على الطائرة، على الرغم من أنه يتم أيضاً بحث نظريات أخرى، مثل استعمال وقود مغشوش.
انفجار واحد على الأقل
ويبدو أنّ المسؤولين الأميركيين متأكدون من أنّ بريغوجين من بين القتلى وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الذي أمر بالقتل، بعد تمثيل بريغوجين أخطر تحدٍ لحكم بوتين منذ عقود، عندما قاد تمرداً ضده في يونيو/ حزيران الماضي.
وكان أحد أسباب تمرد بريغوجين هو محاولة وزارة الدفاع الروسية مطالبة المجموعات التي تقاتل في أوكرانيا بالعمل لصالح الحكومة، ومنذ التمرد عمل الكرملين على إخضاع قوات فاغنر لسيطرته.
وقال الجنرال باتريك رايدر، السكرتير الصحافي للبنتاغون، إن التقييم الأميركي الأولي مستند إلى "مجموعة متنوعة من العوامل"، مضيفاً أنّ الولايات المتحدة ليس لديها معلومات تشير إلى أن صاروخ أرض جو هو الذي أسقط الطائرة.
وقال مسؤولون آخرون إنّ الاستخبارات الأميركية لم ترصد إطلاق صاروخ عبر الأقمار الصناعية، ولا يوجد دليل آخر يشير إلى أنّ سلاح أرض جو هو الذي أسقط الطائرة. بينما تستمر الحكومات الغربية في دراسة نظرية استخدام صاروخ جو-جو، حتى لو ظل الانفجار على متن الطائرة هو السيناريو الأكثر احتمالاً.
وتقول "نيويورك تايمز" إنّ التحليل الذي أجرته لبيانات الرحلة وفيديو الحادث يشير إلى وقوع انفجار واحد على الأقل في الجو، وقع قبل عدة دقائق من تحطم الطائرة الخاصة. ويقول الخبراء إن الهبوط الحاد وانتشار الحطام على نطاق واسع يشيران إلى انفجار أو تحطم مفاجئ للطائرة وليس إلى عطل ميكانيكي.
جاء تحطم الطائرة بعد ساعات فقط من إعلان السلطات الروسية إعفاء الجنرال سيرغي سوروفيكين من منصبه العسكري، وكان يُنظر إلى الجنرال سوروفيكين كحليف لبريغوجين، وبالتالي كان، على الأقل، على علم بخطط زعيم المرتزقة وربما ساعد في التمرد، ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن بوتين أمر باغتيال بريغوجين في نفس الوقت أو بعد وقت قصير من إقالة سوروفيكين.
تحدث عنه بصيغة الماضي
في تصريحاته أمس الخميس، لم يؤكد بوتين صراحة وفاة زعيم فاغنر، لكنه قدم تعازيه لأسر الذين لقوا حتفهم في الحادث، وقال إنّ المحققين الروس سيواصلون التحقيق في الحادث "حتى النهاية". وأشار بوتين إلى بريغوجين بصيغة الماضي "كان شخصاً ذا مصير معقد، ارتكب بعض الأخطاء الجسيمة في الحياة، لكنه حقق أيضاً نتائج ضرورية".
وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على "تليغرام" حطام الطائرة في ثلاثة مواقع تمتد على مسافة ميلين (نحو 3 كيلومترات)، ويحتوي أحد المواقع على جسم الطائرة الرئيسي، فيما يحتوي الثاني على قسم الذيل والثالث على قطعة من الحطام الأصغر، وتتوافق مواقع الحطام تقريباً مع اتجاه سفر الطائرة.
⚡️Three kilometers from the crash site, the wing and landing gear of Yevgeny Prigozhin's business jet were found.
— War Monitor (@WarMonitors) August 25, 2023
Really makes you wonder doesn’t it… pic.twitter.com/OBzYdsj8a6
وتُظهر بيانات تتبع الرحلة الأولية أن الطائرة شهدت انخفاضاً مفاجئاً في الارتفاع، نحو الساعة 6:19 مساءً في التوقيت المحلي، وظلت الطائرة في الهواء لبعض الوقت قبل أن تسقط من السماء من ارتفاع 30 ميلاً (48 كيلومتراً)، وفقاً لتحليل مقطع فيديو يصور مكان الحادث والحطام.
وقال إيان ويليامز، نائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، "إن وجود حقل حطام بهذا الحجم أمر غير معتاد إذا لم تتعرض الطائرة لأي ضرر هيكلي أثناء تحليقها في الجو".
ولم يؤكد تحليل "نيويورك تايمز" بالضبط سبب سقوط الطائرة، لكنه لم يجد دليلاً على وجود عطل ميكانيكي روتيني. وأضاف ويليامز "لا تسقط الطائرات في كثير من الأحيان مباشرة من السماء، ما لم يكن هناك شيء يوقف زخمها إلى الأمام".
ما بعد بريغوجين
ويتابع المسؤولون الأميركيون عن كثب ما سيحدث لمجموعة فاغنر بعد مقتل بريغوجين وعدد من القيادات، وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، أمس الخميس، للصحافيين، إنه من المرجح أن تكون هناك تداعيات في البلدان التي تنتشر فيها قوات فاغنر، مضيفاً "سيكون هناك تأثير، لكن ما هو هذا التأثير لا أعرف حتى الآن".
وبينما سحب بريغوجين قواته من القتال في أوكرانيا، لا تزال فاغنر نشطة في أفريقيا، وهي إحدى الوسائل الرئيسية التي وسّعت بها روسيا نفوذها في القارة.
ورغم أن بريغوجين كان يُنظر إليه على أنه عدو للولايات المتحدة راقب المسؤولون الأميركيون باهتمام كيف أصبح بريغوجين شوكة في خاصرة بوتين، ونتيجة لذلك، قال مسؤولون أميركيون إن بوتين اعتقد بوضوح أنه ليس لديه خيار سوى اتخاذ إجراء.
لكن المسؤولين انقسمت آراؤهم حول ما إذا كان بوتين سيخرج أقوى أو أضعف داخل روسيا، وكان المسؤولون يناقشون حجم مجموعة فاغنر التي سيتمكن بوتين من إخضاعها لقيادته.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إنه في أعقاب الوفاة المفترضة لبريغوجين، قد يواجه بوتين صعوبة في وضع حليف له لتولي قيادة مجموعة المرتزقة، وقال المسؤول إن فاغنر من المرجح أن تختار زعيمها الجديد، وعلى الأرجح سيكون موالياً لبريغوجين.