نواب في البرلمان العراقي يُهدّدون بتدويل قضية نازحي سنجار

16 مايو 2024
نازحون من الأيزيديين بمخيم شاريا، إبريل 2023 (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة العراقية تقرر إغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان دون توفير بدائل، مما أثار اعتراضات من نواب وممثلي الأيزيديين وسط اضطرابات أمنية.
- نازحو مخيم "شاريا" يعبرون عن مخاوفهم من العودة القسرية بسبب الأوضاع الأمنية، بينما تطالب الخارجية الأميركية بتأجيل الإغلاق وضمان تقدم في الإعمار.
- الحكومة العراقية تخطط لإغلاق المخيمات مع تقديم مساعدات مالية للعائدين، لكن المخاوف من العودة تظل قائمة بسبب سيطرة فصائل مسلحة ونقص البنية التحتية.

للشهر الثالث على التوالي، تتواصل الأزمة التي خلّفها قرار الحكومة العراقية بإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان، شمالي البلاد، بدون توفير بدائل أو علاجات لأوضاع عشرات آلاف القاطنين في تلك المخيمات، ما دفع نواباً في البرلمان العراقي للتلويح بتدويل القضية، ودخول واشنطن على خطّ الأزمة. ويتعلق الأمر خصوصاً بقضية نازحي سنجار غربي الموصل، المدينة التي تعاني من اضطرابات أمنية واسعة، بسبب سيطرة الأذرع المحلية لحزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة على المدينة وفرضه إدارة لا تحظى باعتراف السلطات العراقية ببغداد، ما أعاق عمليات إعادة الإعمار والتأهيل للمدينة.

يؤكد النازحون أن إعادتهم في هذا التوقيت ستؤدي إلى فتح فصل جديد من المعاناة

ومنذ استعادة السيطرة على سنجار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وطرد مسلحي تنظيم داعش منها، تعاني المدينة الواقعة على المثلث الحدودي العراقي السوري التركي من تجاذبات سياسية وأمنية مختلفة، تسببت بتأخر خطط الإعمار وإعادة تأهيل المدينة حتى الآن.

عودة نازحي سنجار تواجه اعتراضات

وأول من أمس الثلاثاء، أصدر نازحو مخيم "شاريا" (محافظة دهوك)، أكبر معسكرات النزوح للعراقيين من المكون الأيزيدي، والذي يقيم فيه عشرات آلاف المواطنين، بياناً، أكدوا فيه أن إعادتهم في هذا التوقيت ستؤدي إلى "فتح فصل جديد من المعاناة بسبب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للعودة أمنياً وخدمياً واجتماعياً واقتصادياً".

وكان مجلس الوزراء العراقي أصدر في مارس/آذار الماضي، قراراً، يقضي بإغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان خلال مدة أقصاها 31 تموز/ يوليو المقبل. وبحسب بيانات وزارة الهجرة العراقية، فإن عدد النازحين المقيمين في مخيمات إقليم كردستان يزيد عن 145 ألف نازح، أغلبهم من قضاء سنجار. ويقطن نازحو سنجار في 26 مخيماً، موزعين على محافظات دهوك وأربيل والسليمانية. وأثار القرار اعتراضات سياسية وحقوقية واسعة خصوصاً من ممثلي المكون الأيزيدي، إلى جانب سكان المناطق ذات الغالبية العربية السنية التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة، بشأن عدم توضيح الحكومة مآلات العائلات في تلك المخيمات بعد إغلاقها.

بدورها، دخلت وزارة الخارجية الأميركية على خط الأزمة، نهاية الأسبوع الماضي، داعية السلطات العراقية إلى التريث في قرار إغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان وعدم إعادة النازحين قسراً. وبما خصّ قضية نازحي سنجار قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للأمن المدني والديمقراطي وحقوق الإنسان، عزرا زيا، خلال مؤتمر صحافي عقب زيارتها لمدينة سنجار، إن "واشنطن شجعت الحكومة العراقية على تحقيق تقدم ملموس في تعيين قائممقام قضاء سنجار وإنشاء قوة شرطة محلية وإعادة الإعمار قبل إعادة النازحين". وأكدت أن الولايات المتحدة حثّت الحكومة العراقية على معالجة المخاوف بشأن المليشيات في بعض المناطق مثل سنجار وسهل نينوى، وباقي مناطق وجود مكونات المجتمع العراقي، وبيّنت أن التأثير السلبي للمليشيات على أمن المكونات واستقرارهم يمنع عودة اللاجئين ويعيق أيضاً تحقيق التنمية الاقتصادية في مناطقهم. كما حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان لها يوم الاثنين الماضي، من مغبة قرار الحكومة إغلاق المخيمات، معتبرة الخطوة غير آمنة.

لكن مسؤولاً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "خطط إغلاق المخيمات ماضية ولا تعليق لها". وأضاف المسؤول طالباً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، أن "وزارة الهجرة خصصت مبلغ أربعة ملايين دينار (نحو 2500 دولار) لكل عائلة من عوائل المخيمات ستقبضه فور مغادرتها المخيم"، معتبراً أن خطة إغلاق المخيمات "ستضع الأطراف جميعاً أمام أمر واقع في مواجهة العائلات العائدة"، وفقا لتعبيره. ويظهر في قرار الحكومة العراقية بإغلاق المخيمات أنه يحمل في طياته محاولات إحراج بعض الأطراف التي تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها خصوصاً في سنجار وسهل نينوى، على اعتبار أن غالبية نازحي إقليم كردستان من تلك المنطقتين.

وزارة الخارجية الأميركية دعت إلى عدم إعادة النازحين قسراً

النائب في البرلمان، فيان دخيل، قال إن "الحكومة تريد غلق المخيمات وإجبار نازحي سنجار على العودة، دون أن تعمل على إعمار البنى التحتية الرئيسية في المدينة من مدارس ومستشفيات ومراكز صحية وتعويض المتضررين من جراء الحرب". وأضاف دخيل في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العودة القسرية للنازحين في ظل انتشار الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني مرفوضة"، متوعداً بتدويل قضية نازحي سنجار عبر "التوجه إلى الأمم المتحدة بشكوى في حال مضي الحكومة بقرار غلق المخيمات بالموعد المحدد (يوليو المقبل) قبل تنفيذها لمتطلبات العودة المذكورة سابقاً.

هذا الأمر يؤيده عضو البرلمان محما خليل، الذي اعتبر الدعوة الأميركية بشأن نازحي سنجار تأكيداً من واشنطن على أن الأوضاع في القضاء غير آمنة ولا تسمح بعودة النازحين حالياً. وأضاف خليل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لم تتخذ إجراءات فعلية لتأمين العودة، ولاسيما في ما يتعلق بتعويض المتضررين وتحقيق المصالحة المجتمعية وإنهاء وجود الفصائل المسلحة". واتهم وزارة الهجرة بالسعي إلى "تحقيق مكسب سياسي عبر غلق المخيمات، بعدما تورطت خلال السنوات الماضية وفي عهد الوزيرة الحالية (إيفان فائق) في استغلال الوزارة لأغراض سياسية إلى جانب تورطها في تهم فساد مالي بموضوع المساعدات التي توزع على النازحين"، وفقاً لقوله.

متضرّرون ومستفيدون

عضو مجلس محافظة نينوى عن المكون الأيزيدي عيدان الشيخ كالو، اعتبر أن الأزمة "أخذت جانباً سياسياً"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الاستقرار في سنجار مرهون بتشكيل إدارة محلية وإعادة النازحين". وقال حول ذلك: "أنا مع إعادة النازحين حالياً، وأغلب المشاكل التي تحدث في سنجار سببها تأخر عودة النازحين". وأضاف كالو، التابع سياسياً لكتلة منضوية ضمن "الإطار التنسيقي"، أن "الحكومة العراقية مسؤولة عن تأمين سنجار وهي المعنية بملف النازحين"، في إشارة إلى رفض الأصوات المعترضة، كاشفاً عن أن نهاية شهر مايو/أيار الحالي ستشهد فتح باب الترشيح لمنصب قائممقام سنجار.

محما خليل: الحكومة لم تتخذ إجراءات لتأمين العودة، لاسيما تعويض المتضررين وتحقيق المصالحة وإنهاء وجود الفصائل المسلحة

أما صلاح خدر، وهو أحد المتصدرين لحملة رفض العودة، ويقطن في مخيم "شاريا"، فاعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية نازحي سنجار يخشون العودة بسبب الدمار الذي أصاب منازلهم نتيجة المعارك وعدم تعويضهم لغاية الآن، وما نسمعه ونراه من انتشار ونفوذ فصائل مسلحة بالمدينة، فضلا عن حالات خطف واعتقال". ولفت إلى أن "عدم وجود فرص عمل للعائدين، هاجس آخر، حيث يعمل نازحو المخيم الآن في مهن مختلفة بمدينة دهوك وضواحيها منذ سنوات".

من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، غانم العابد، أن وجود حزب العمال الكردستاني والفصائل العراقية الحليفة لطهران هو السبب الأبرز في عدم عودة نازحي سنجار وسهل نينوى. وقال العابد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع في سنجار ليس بيد الحكومة العراقية، حيث توجد جهات متنفذة تفرض سيطرتها على القضاء لغاية اليوم، وبسببها لا يمكن إعمار المناطق الخاضعة لنفوذها في سنجار وسهل نينوى ومناطق أخرى". كما تحدث العابد عن "اهتمام إيراني بمدينة سنجار بسبب حدودها مع سورية، وعن حسابات سياسية مع تركيا تحديداً، وهذه الرغبة تتوافق مع رغبة الفصائل العراقية المسلحة وحزب العمال". وأكد أن جميع ملفات سنجار "ذات مغزى سياسي، حتى وإن زعمت الأطراف الأخرى غير ذلك، بما فيها ملف إعادة نازحي سنجار التي تأخذ شكلاً قسرياً يخالف القانون".

 

المساهمون