الكشف عن أنظمة صواريخ نووية أميركية في بحر البلطيق: موسكو تُجدد تحذيرها للدنمارك

12 اغسطس 2024
محركات صواريخ عسكرية أميركية في غرينلاند، 9 سبتمبر 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية كشفت عن نصب أنظمة إطلاق صواريخ أميركية سرية في جزيرة بورنهولم منذ 2023، مما أدى إلى تصاعد التهديدات الروسية تجاه الدنمارك.
- وزارة الدفاع الدنماركية نفت وجود صواريخ أميركية متوسطة المدى، لكن موسكو حذرت مراراً من خطورة تعزيز الوجود العسكري الأميركي، مهددة بأن موانئ دنماركية أصبحت في مرمى الصواريخ الروسية.
- جزيرة بورنهولم، التي كانت بؤرة تجسس خلال الحرب الباردة، عادت لتكون محور توتر بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، مما دفع السويد وفنلندا للانضمام إلى الناتو في 2022.

كشفت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الاثنين، في كوبنهاغن عن سماح حكومة ميتا فريدركسن بنصب أنظمة إطلاق صواريخ أميركية سرية في جزيرة بورنهولم ببحر البلطيق. ووفقاً للتقرير، تجري هذه العمليات بسرية تامة منذ عام 2023، دون تغطية إعلامية محلية، مما أدى إلى تصاعد التهديدات الروسية تجاه الدنمارك.

وكانت موسكو قد أصدرت تحذيرات متكررة، آخرها على لسان الرئيس فلاديمير بوتين في مايو/أيار الماضي خلال تدريبات عسكرية أميركية-أطلسية في بورنهولم، من خطورة استمرار الدنمارك في تعزيز الوجود العسكري الأميركي على أراضيها. وتعتبر موسكو أن الأنشطة الغربية المتزايدة في البلطيق، بما في ذلك نشر صواريخ "تايفون" و"توماهوك"، تشكل انتهاكاً لاتفاقيات سابقة.

بوتين وصف ما يجري في بورنهولم بأنه "يُذكّر بنشر الصواريخ الأميركية متوسطة المدى خلال الحرب الباردة"، مشدداً على أن موسكو سترد على هذه التهديدات. فبالنسبة للكرملين، يوفر الانتشار الأميركي في الجزيرة الدنماركية هيمنة استراتيجية على جنوب شرق بحر البلطيق، خاصة مع إمكانية حمل تلك الصواريخ رؤوساً نووية، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للجيب الروسي في كالينينغراد.

ويكشف التقرير عن أن نفي وزارة الدفاع الدنماركية في مناسبتين، في سبتمبر/أيلول 2023 ومايو/أيار الماضي، وجود صواريخ أميركية متوسطة المدى في بورنهولم لم يكن دقيقاً. ففي هاتين المناسبتين، وصلت سراً أربع حاويات كبيرة محملة بأنظمة إطلاق صواريخ متطورة، وجرى نصبها في الجزيرة دون علم أو تغطية إعلامية محلية.

في الأشهر الماضية، كررت موسكو تحذيراتها إلى كوبنهاغن، أحيانًا عبر سفارتها في العاصمة الدنماركية، من مواصلة المسار الذي تنتهجه الدنمارك. هذه التحذيرات ترافقت مع تهديدات روسية مبطنة بأن كوبنهاغن وموانئ دنماركية أصبحت في مرمى الصواريخ الروسية، خاصة بعد تعميق الدنمارك دعمها العسكري لأوكرانيا، بما في ذلك تدريب طياري كييف وتزويدها بطائرات "أف-16" الأميركية. بالإضافة إلى ذلك، تحول ميناء إسبيرغ في جنوب غرب الدنمارك إلى مركز رئيسي لضخ الأسلحة والمعدات العسكرية الأميركية باتجاه منطقة البلطيق.

جزيرة بورنهولم، التي لعبت دوراً محورياً في التجسس الغربي على حلف وارسو خلال الحرب الباردة بين 1947 و1991، عادت لتكون بؤرة توتر في الصراع الحالي. روسيا، من جانبها، تنشر منذ سنوات في جيب كالينينغراد بين ليتوانيا وبولندا أنظمة صواريخ "إسكندر"، القادرة على حمل رؤوس نووية وضرب كوبنهاغن وجنوب شرق الدنمارك وجزيرة غوتلاند في السويد.

منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، تصاعدت حدة التوترات بين روسيا ودول منطقة البلطيق، بما في ذلك السويد وفنلندا والدنمارك وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا. استجابت استوكهولم لهذا التهديد بتوسيع تعاونها العسكري مع الغرب، وسارعت مع فنلندا إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 2022، مما أثار غضب موسكو التي تعتبر هذه الخطوات عدائية واستفزازية.

بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، زادت مخاوف روسيا من تحول بحر البلطيق إلى "بحيرة أطلسية"، حيث إن كوبنهاغن تجاهلت دعوات موسكو المتكررة لعدم تحويل بورنهولم إلى قاعدة عسكرية أميركية متقدمة. ما زاد من حدة التوتر هو قيام طائرات النقل الأميركية من طراز "سي-17" بنقل أسلحة ومعدات سرية تحت غطاء المناورات العسكرية، بينما تم الاحتفاظ بها في الجزيرة.

أنظمة الإطلاق الصاروخي التي تم نشرها في جزيرة بورنهولم تمنح الدول الغربية القدرة على تهديد روسيا عبر صواريخ "كروز" و"توماهوك"، التي تصل سرعتها إلى أكثر من 6000 كيلومتر في الساعة وقادرة على حمل رؤوس نووية.

رئيسة الحكومة الدنماركية، ميتا فريدركسن، التي لم تعلق على هذا التطور الجديد، أكدت مجدداً أن "ليس لروسيا الحق في التدخل في السياسة الدفاعية الدنماركية أو في ما يحدث في بورنهولم". ومنذ الحرب الباردة، اختارت الحكومات الدنماركية التعامل بسرية مع النشاطات في بورنهولم لتجنب الصدام مع الاتحاد السوفييتي وبولندا.

تزامناً مع هذا التطور، تعتزم الولايات المتحدة نشر المزيد من الأسلحة في أوروبا، وخاصة في ألمانيا بدءًا من عام 2026، بما في ذلك صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. يعتقد بعض الخبراء والمتخصصين في الشؤون العسكرية الغربية أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد سباق التسلح، حيث يصبح السلاح النووي جزءاً منه.

في المقابل، الروس يعتبرون أن هذه الزيادة في التسليح في بحر البلطيق تنتهك اتفاقيات عام 1987 بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة بشأن الأسلحة النووية المتوسطة المدى، التي حظرت نشر الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر. وقد قامت الولايات المتحدة بإلغاء هذا الاتفاق في عام 2019، مما زاد من توتر الأوضاع بين روسيا والدول الغربية.

المساهمون