نزوح جديد لفلسطينيي غزة... إسرائيل تدفع المدنيين إلى الهجرة الثانية

14 أكتوبر 2023
نازحون فلسطينيون في مدرسة للأونروا في رفح، اليوم السبت (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -

تمكّن فلسطينيون من الخروج من منازلهم في مدينة غزة وشمالها إلى المحافظتين الوسطى والجنوبية في القطاع، اليوم السبت، على نحو متسارع، في ظل التهديد الإسرائيلي بمزيد من القصف ومحو الأحياء السكنية، لكن كثيرين لا زالوا في منازلهم ولم يغادروها. وفتحت مدارس وبيوت إيواء جديدة في المحافظتين وسط وجنوب قطاع غزة أمام النازحين، واستضاف فلسطينيون من المنطقتين مواطنين نازحين من أقاربهم ومن غير أقاربهم، في مشهد يتكرر في كل نزوح فلسطيني.

ولم يخرج المدنيون من منازلهم طوعاً، إذ قبل التهديد بالإخلاء، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي عشرات الغارات على المناطق المراد تهجير سكانها وعلى البنية التحتية، لإرغام الناس وخصوصاً ممن تعرضت منازلهم للاستهداف المباشر أو غير المباشر، إلى الخروج طلباً للأمان ولو كان الأمان الجزئي.

دعوات النزوح 

ويخشى الرسميون الفلسطينيون وفصائل ومواطنون من أن تكون دعوات النزوح التي تدعو إليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمهيد للهجرة الثانية نحو سيناء، وقد تجد مصر التي تمانع علناً هذه الخطوة مليون فلسطيني على حدودها وفق المخطط الاسرائيلي للتهجير.

وتستمر وزارة الأمن الإسرائيلي في اختراق بث الإذاعات المحلية وتوجيه دعوات إلى السكان المدنيين للخروج من منطقتي غزة والشمال من خلال طريقي صلاح الدين شرقاً والبحر غرباً، لكنها رغم تحديدها للممرين قصفت خلالهما الهاربين من جحيم الموت وقتلت العشرات في عدد من الاستهدافات.

منتصر عبد ربه: منزلنا مدمر وليس لنا بديل إلا مدارس الأونروا واسرائيل تريد تهجيرنا منها، أين نذهب؟

 

وفي منطقة شمال قطاع غزة، طلبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من نازحين إلى مدارسها، مغادرتها لأنها لم تعد آمنة، وفق ما قال لـ"العربي الجديد" أحد النازحين. وأضاف النازح من جباليا، منتصر عبد ربه: "منزلنا مدمر وليس لنا بديل إلا مدارس الأونروا وإسرائيل تريد تهجيرنا منها، أين نذهب؟... إسرائيل تريدنا شهداء فقط".

واستمر بقاء العشرات من النازحين، جلهم من النساء والأطفال، في مدارس الأونروا رغم مغادرة طواقم المؤسسة الدولية، وذلك لأنه ليس لديهم ملجأ أو مكان آخر ينتقلون إليه، إضافة إلى خشيتهم من القصف الإسرائيلي على النازحين، كما حدث عدة مرات في اليومين الأخيرين.

إجرام الاحتلال وقصف النازحين

وذكر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف في بيان، اليوم السبت، أن الاحتلال أثبت مجدداً كذبه وإجرامه بحق شعبنا، عبر قصفه لأكثر من سيارة كانت تحمل نازحين متوجهين لجنوب غزة، بعد محاولته فرض التهجير القسري على شعبنا في غزة والشمال، بالطلب من المواطنين التوجه لمنطقة جنوب وادي غزة بوصفها آمنة.

وأضاف معروف: "هذه الجريمة الجديدة التي راح ضحيتها أطفال ونساء وشيوخ، بعضهم فُصلت رؤوسهم عن أجسادهم، وعشرات الجرحى، تؤكد ما قلناه منذ اللحظة الأولى أن هذا المحتل لا يحترم عهودا ولا يراعي مواثيق، وأن الخيار رداً على مخطط الاحتلال هو ثبات شعبنا على أرضه وعدم مغادرتها لأي وجهة أخرى".

ولفت إلى أنه أمام هذه المجازر بحق من أراد النزوح وفق توجيه الاحتلال، نؤكد على ضرورة عدم الالتفات لهذه الدعوات وإفشال هذا المخطط، وبقاء المواطنين في أماكنهم وعدم مغادرتها.

دان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ما وصفه بـ"تخلّي الأونروا عن دورها الإنساني"

ودان معروف ما وصفه بـ"سلوك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين المتمثل في مغادرتها إلى جنوب قطاع غزة، متخلية بذلك عن دورها الإنساني ومتنصلة من واجبها تجاه النازحين خصوصاً، والمدنيين لا سيما من اللاجئين في هذه الأوقات". واعتبر أن "هذا السلوك لم يقتصر على الانسحاب بالموظفين وترك مراكز الإيواء التي تشرف عليها لتواجه المجهول، وإنما أيضاً عدم تحمّل المسؤولية تجاه النازحين الذين استجابوا وتوجهوا لجنوب وادي غزة، حيث لم تقدم الوكالة لهم أية خدمات، لا من حيث توفير أماكن مراكز الإيواء أو تقديم المستلزمات الحياتية لهم".

وذكّر معروف الوكالة بأن "انسحابها من غزة والشمال لا يعفيها من مسؤولياتها تجاه جميع النازحين، خصوصاً اللاجئين في هذه المناطق، ونستنكر احتجازها للمساعدات التي كان سيتم تقديمها في مراكز الإيواء وإبقاءها في مخازنها حتى اللحظة".

وتحاول جهات حكومية متعددة في غزة منع الفلسطينيين من النزوح، وبث رسائل تطمين للسكان. ودعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة المواطنين في القطاع إلى عدم الخروج من البيوت إلاّ إن ظهر خطر مباشر يُهدد أرواحهم.

وأضافت في بيان أن "استهداف الاحتلال للنازحين تسبب في إزهاق أرواح العشرات من الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال، وثبوت كذب الاحتلال بوجود مناطق آمنة في ظل مواصلته القصف لهذه المناطق، ومع ثبوت الخطر المهدد لأرواح النازحين".

وأكدت أن "الثبات في بيوتنا وأرضنا له فضائل شرعية، ووطنية، وميدانية، ولن نقبل إلاّ هجرة إلى أرضنا المحتلة، ومدننا وقرانا التي أخرجنا منها الاحتلال في عام 1948".