يتطلع التونسيون لاكتشاف شخصية رئيسة الوزراء المكلفة نجلاء بودن رمضان التي فاجأ بها الرئيس التونسي قيس سعيد الجميع، في انتظار أن تكشف عن قائمة الوزراء الجدد الذين ستعمل معهم على مجابهة الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة التي تمر بها البلاد.
وتعد رئيسة الوزراء الجديدة نجلاء بودن (63 عاماً) من نفس جيل الرئيس التونسي قيس سعيد، إذ ولدت في عام 1958 في محافظة القيروان (وسط غرب البلاد)، وهي من المحافظات الفقيرة والأقل حظاً في البلاد.
وعملت بودن رمضان أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين مختصّة في علوم الجيولوجيا (علوم طبقات الأرض)، وكانت تشرف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قبل تكليفها بمهمتها الجديدة.
كما عملت بودن رمضان مديرة عامة مكلفة بالجودة في وزارة التعليم العالي سنة 2011 وشغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن سنة 2015.
وأكد وزير التعليم العالي السابق، شهاب بودن، الذي عملت معه السيدة نجلاء في شهادة لـ"العربي الجديد"، أن "نجلاء بودن مستقلة تمام الاستقلالية عن الأحزاب السياسية ولم يعرف عنها أي انتماء سياسي أو نشاط حزبي، وتؤمن بالعمل والعمل ثم العمل".
وتابع "هي خريجة مدارس جامعية كبرى، جامعة ليل، وهي من أعرق المدارس الفرنسية، وهي دكتورة وأستاذة جامعية لمدة طويلة في مدرسة المهندسين".
وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن رئيسة الحكومة الجديدة "تتمتع بتجربة واسعة حيث أشرفت وتقلدت عديداً من المسؤوليات والمهام في الجامعة وفي إدارات مختلفة، كما تقلدت عديداً من المسؤوليات مستشارة في كثير من دواوين وزراء التعليم العالي المتعاقبين منذ 2007".
وأكد بودن أن "رئيس الحكومة الجديدة معروف عنها انضباطها وجديتها وسمعتها الطيبة، وهي إنسانة مثالية في العمل وفي طريقة تقديمها للملفات، إذ تتمتع بكفاءة عالية".
وأضاف "أتوقع أن تفتح يديها للعمل مع الجميع فهي كفاءة تونسية ومستعدة للعمل مع الجميع"، وبيّن أنها "عملت على ملفات كبرى تخص التعليم العالي ومع منظمات دولية وهي تتمتع بمصداقية كبيرة لديها"، مرجّحاً "أن تكون علاقتها وسمعتها الطيبة لدى المؤسسات والمنظمات الدولة عامل قوة سيضفي أريحية في التعامل مع الملفات المنتظرة"، بحسب توصيفه.
ولقي خبر تعيين امرأة على رأس الحكومة الأولى التي ستتشكل منذ إقالة رئيس الوزراء السابق، هشام المشيشي، بعد شهرين من الوضع الاستثنائي، ترحيباً من جهة باعتبارها أول امرأة تشغل هذا المنصب في البلاد وحتى عربياً، غير أنها لم تسلم من انتقادات حول مدى قدرتها على مجابهة التحديات الاقتصادية والمالية التي تغرق فيها تونس وسط أزمة سياسية خانقة، منذ تعليق الرئيس عمل البرلمان وتوليه كامل السلطات منذ أكثر من شهرين.
من جانبه قال النائب والقيادي بحزب التيار الديمقراطي (المعارض لقرارات رئيس الجمهورية)، نبيل حجي، خلال مداخلته في إذاعة موزاييك أف أم، أن ''نجلاء بودن كانت أستاذتي.. المؤسف أن المرّة الأولى التي تُعيّن فيها رئيسة حكومة في تونس وفي العالم العربي تكون بطريقة غير دستورية''، واستطرد حجي بالقول ''فيما تبقى، نحن ننتظر دائماً خريطة طريقة وبرنامجاً لهذه الحكومة''.
في مقابل ذلك انتقد المحلل السياسي، شكري بن عيسى، في تدوينة على صفحته بفيسبوك تعيين بودن قائلاً "باختصار لتفهموا قدرات السيدة التي عينها سعيد لترؤس الحكومة الجديدة نجلاء بودن.. تم تعيينها سنة 2016 (أي منذ 5 سنوات) بأمر حكومي على رأس وحدة التصرف حسب الأهداف.. لتنفيذ برنامج إصلاح التعليم العالي من أجل ربطه بالتشغيل والتوظيف. وكما ترون البارحة وصل المئات (قرابة 700) إلى جزيرة "لمبيدوزا" الايطالية هروباً من البلاد، شهائدها عقيمة".
وتابع "ولكم أن تسألوا الشباب الدارس في الجامعة كيف افتقد كل أمل في التشغيل.. ولكم أن تسألوا آلاف الطلبة الحائزين على الدكتوراه (ما يزيد عن 3 آلاف) المرميين أمام وزارة التعليم العالي..".
وشدد المحلل على أن "هروب سعيد نحو شخصية مغمورة غير معروفة للتهرب من النقد حول تاريخها وربما فسادها المحتمل.. ومرتبطة بمشاريع البنك الدولي بتونس لنيل رضاه ودعمه ومباركته.. جعله يسقط في خيار لم يثبت سوى العجز، كما كل مشاريع البنك الدولي، في إدارة ملف محدود ولكنه خطير، والواقع هو المحك فنتائج ربط التعليم بالتشغيل لا تخفى على أحد وهي كارثية بكل المقاييس.."، بحسب قوله.